شجعان في الكوارث... فاشلون في السلام

هآرتس – يوئيل ماركوس   

في كل مرة تحدث فيها كارثة في مكان ما من العالم يعجبني استعدادنا لتقديم مساعدة وكون المساعدة سريعة وناجعة ومنظمة ومن أعماق القلب. لم نبادر الى تقديم مساعدة لهاييتي لان هناك جماعة يهودية. فقد ذهبنا الى هناك لاسباب انسانية. فنحن كشعب عرف الكوارث أجيالا – لا تتركنا كوارث الآخرين غير مكترثين. سارع مصورونا ومراسلونا الى هناك لا لاذلال سفير تركي، بل لانهم يريدون وبحق أن يظهروا وجه إسرائيل الجميل، من اجل التغيير.

اضافة اعلان

ان هبوبنا لاعمال انقاذ خارج إسرائيل أسهل علينا من فعل كل ما يتطلبه الأمر لتحقيق السلام هنا ولمنع هجوم فتاك على جبهتنا الداخلية. لا يجب ان ننتظر زلزالا، كما سموا حرب يوم الغفران، للتوصل الى "سلام الشجعان". ان من يتذكر صواريخ سكاد من العراق، والـ 34 يوما من أيام الصواريخ والكاتيوشا في الشمال في حرب لبنان الثانية، وثماني سنوات من صواريخ القسام من غزة يجب عليه فعل كل ما يستطيع لمنع حرب جديدة قد تضرب جبهتنا الداخلية.

لم تؤت زيارات جورج ميتشل، الذي يعود هذا الأسبوع الى إسرائيل، ثمارا حتى الان. وهو ليس جيمس بيكر ولا هنري كيسينجر برغم هالة نجاحه في الوساطة في ايرلندا الشمالية. فقد كان بيكر صارما ولم يحب آلاعيبنا؛ أما كيسينجر الذي كان أكثر قربا من رئيسه، فعلم بحسب القول المنسوب الى زيامه ايرين "كيف يحول الجبر الى رياضيات".

كانت آراء ميتشل في حل النزاع، والتي كشف النقاب عنها عندما تولى رئاسة لجنة رئاسية في العام 2001، منطقية في الحقيقة لكنها لم تكن آنذاك قابلة للتحقيق – فقد اعتقد ان على إسرائيل ان تجمد المستوطنات وأن على الفلسطينيين وقف أعمال العداء. قد تكون زيارة ميتشل هذا الاسبوع مهمة على نحو خاص، اذا بدأ الانحراف عن بطء وساطته ووضع على المائدة خطة رئاسية أكثر اكتمالا وجدوى.

بعد ان وافق نتنياهو على رؤوس الاشهاد على مبدأ دولتين للشعبين، كان رد أبي مازن غريبا. فبدل ان يوافق على دخول المحادثات والتفاوض، طلب ان تجمد إسرائيل في البدء البناء في المستوطنات وسلسلة اخرى من الشروط السابقة. بدا هذا الرفض استمرارا للتراث الفلسطيني الذي هو يقضي بإضاعة أي فرصة يمكن اضاعتها. لان الخط الذي رسمه نتنياهو كان نظريا على الأقل انقلابا حادا وهو ربط نفسه يصيغة هيلاري كلينتون وهي خطوط العام 1967 يزاد عليها تبادل اراض.

قدر ميتشل في مقابلة في التلفزيون انه يمكن التوصل الى تسوية في غضون سنتين. لكن الحقيقة ان احتمالات التسوية تبتعد كثيرا بسبب سياسة تجميد المستوطنات التي اخذ بها الرئيس اوباما من جهة، والشرط الذي اشترطته بيبي وهو حل مشكلة السلاح الذري في إيران أولا، من جهة اخرى. على اية حال كانت السنة الأولى من ولاية أوباما ضائعة للتسوية. طمح أوباما سريعا جدا الى الكثير جدا بالتسوية الاسلامية العامة التي عرضها في خطبته في جامعة القاهرة. والسبب الثاني اختلال ثقة الادارة بنتنياهو. فقد وافق بيبي في الحقيقة على الحل، لكنه ما يزال يراوغ بالفعل، كما يقول خبير من الشرق الاوسط. حصل اسحاق رابين على مهلة 15 سنة بين ولايته الأولى والثانية عندما عاد كرجل سلام. اما السلام عند بيبي فليس ملحا لانه عاد للحكم كي يعود للحكم.

كان ميتشل الى الان مريحا لنتنياهو لان جوهر عنايته هو الحضور. لا ينبع ذلك من ضعف ميتشل بل من ضعف أوباما. فليس واضحا لماذا لم يضطر الرئيس أبو مازن الى الاستجابة لاقتراح بيبي للدولتين. وليس واضحا لماذا يخرج ميتشل ويأتي ولم يعرض الى الان خطة عمل للتسوية تحت رعاية ادارة اوباما وسلطتها العليا. من المهم جدا ان يشد ميتشل في زيارته الحالية أذن أبي مازن وأن يمتحن بيبي بامتحان صدق خطبته في بار ايلان. لا اتفاق بلا خطة وبلا بدء تفاوض. من المهم ألا يغادر ميتشل هذه المرة قبل ان يخرج الدخان الابيض ويتفق عل جدول زمني لبدء مفاوضات التسوية.

هذا الامر حيوي كي لا تصل إيران الى قنبلة ذرية ونضطر لا قدر الله الى الحفاظ على أقنعة الكوارث لانقاذ أنفسنا.