شح المعلومة سبب لتغلغل الإشاعة

بما أننا مقبلون على تعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية، وأهمها قوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية، فإن الحكومة مطالبة بموازاة كل ذلك، العمل، بكل قوة وجدية، للقضاء على الإشاعة، بأنواعها المختلفة، أو على أقل تقدير التخفيف من حدتها، وبالتالي آثارها السلبية.اضافة اعلان
إن شُح الحكومات المتعاقبة، بتمرير المعلومة، وخصوصًا تلك التي تهم المواطن بشكل مباشر، سبب رئيس، لانتشار الإشاعة، كانتشار النار في الهشيم، إلى درجة يمكن أن تصل إلى حد، يصعب التعامل معها بعد ذلك، أو التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع، ونتائجها غير الإيجابية.
فعلى سبيل المثال، تداول العديد من المواطنين، مؤخرًا، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأهمها طبعًا “فيسبوك”، وكذلك مواقع إخبارية إلكترونية، خبرًا مفاده بأن الحكومة تتجه لفرض حظر شامل، قد يمتد لثلاثة أسابيع، وذلك بسبب إصابة أكثر من 350 شخصًا بمرض السلالة البريطانية الجديدة من فيروس كورونا المستجد.
ورغم أن وزير الصحة، نذير عبيدات، وعلى مدار يومين، يُؤكد من خلال تصريحات صحفية، أو اجتماعات مع لجان نيابية، بأن الحكومة “لن تذهب إلى الحظر الشامل أو الجزئي، ولم يعد ذلك خيارًا مطروحًا على الإطلاق، وليس من السهل اللجوء إليه”، إلا أن موضوع فرض الحظر سيطر على جلسات المواطنين، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن الإشاعة أصبحت هي الصحيح، وما دون ذلك عبارة عن إشاعات!.
إن ذلك لا يقتصر على هذا الموضوع فقط، فعند حدوث قضية ما أو وقوع حادثة معينة، تبدأ الإشاعة، تنتشر بين الأردنيين، وكل مجموعة أو فئة، تقوم بنسج التأويلات التي تُناسبها، لغاية ما في نفسها.. وخير ما يدل على هذه الكلمات، ما تداوله المواطنون، مؤخرًا، من تعيين شخصية براتب خيالي، وآخر لم يُفصح عما يتقاضاه شهريًا، وثالث ورابع أصبح مادة لـ”التداول”، جراء ما يتقاضونه من أجور شهرية.
قد يكون ذلك صحيحا مائة بالمائة، لكن القضايا والأحداث الأخري، مرتبطة، بنقص المعلومة، لدى المواطن، أو بمعنى أصح، ولكي أكون منصفًا، “البُخل”، في تمرير المعلومة، هذا إذا كان أصلًا هناك تمرير لها، وإلا فإنها إما أن تكون منقوصة أو حولها أكثر من علامة استفهام وتعجب واستغراب.
عندما تكون “الإشاعة”، مرتبطة براتب شخص ما، أو قضية عادية، فإن ذلك لا تترتب عليها آثار سلبية كثيرة، وحتى إشاعة مثل فرض حظر شامل أو جزئي، فهناك نوع ما لتقبل مثل ذلك.
لكن، الحكومة عليها أن تكون حذرة وواعية، لإشاعة، قد تمس البلاد، سواء أكانت أمنية أو اقتصادية، فعندها قد لا ينفع الندم، وستكون الكلفة أكثر بكثير، في حال كانت المعلومة الحقيقية الكاملة الصادقة، موجودة لدى المواطن.
باستثناء ما هو متعلق بأسرار الدولة، فإن من حق المواطن امتلاك المعلومة، والحصول عليها بلا أي جهد، وهذا ما أكد عليه الدستور الأردني، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن الحكومة عندما تقدم المعلومة الشفافة للمواطن، تكون قد قطعت شوطًا كبيرًا في سبيل الحد من فجوة الثقة الموجودة بينها وبين المواطن.
يتوجب على الحكومة وضع حد للإشاعات، وفي نفس الوقت عليها أن تتيقن أن ذلك لا يكون إلا بجعل المعلومة، بين يدي المواطن الأردني، الذي يجب أن يكون واعيًا، وتقع عليه أيضًا مسؤولية، عدم الانجرار وراء إشاعات، قد تعود عليه وعلى الوطن بالويلات والمصائب.