شخصية الملك المؤسّس.. والدور الذي هو في صلب هيكل الدولة

رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت - (ارشيفية)
رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت - (ارشيفية)

بقلم: الدكتور معروف البخيت *

 تتلاقى، هذه الأيّام، مناسباتٌ وطنيّة عزيزة، يربط بينها رابطٌ واحد، وتجمعها دلالاتٌ عميقة، ومعانٍ سامية، وأقصد هنا، احتفالاتنا القائمة، بالعيد الثامن والستين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وذكرى انطلاق الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش، وعيد الجلوس الملكي على العرش.اضافة اعلان
 وفي هذه الأجواء الوطنيّة، المفعمة بالثقة والاعتزاز بالمسيرة، وبهذه المنجزات الكبرى، أجدُ في الحديث عن الاستقلال ومسيرة صانع الاستقلال، فرصةً للتأكيد على ضرورة إعادة القراءة، والمزيد من البحث والاهتمام في تاريخ الأردن، الذي يتعرض أحياناً للظلم والتشويه من قبل البعض، وتقصير الأردنيين، أفراداً ومؤسسات، بحق الوطن وأنفسهم، وسجلهم الحافل بالتضحيات والمنجزات والعطاء.
 في عيد الاستقلال الثامن والستين، نستذكرُ معاً، بكل الإجلال والعرفان، تلك الجهودَ المباركة، والتضحيات الجسام، التي حققت استقلال الأردن، وكرّسته على مدى العقود، استقلالاً تاماً، ناجزاً، ينعم في ظلاله الأردنيون، بكل معاني الأمن والأمان والاستقرار والتنمية المتصلة. وقد أراد قادة المسيرة الهاشميّون، لهذا الوطن الصغير بموارده وإمكاناته، أن يكون وطناً أنموذجاً، بالتقدم والعدالة واحترام إنسانية الإنسان، وأن يكون برغم منطق الجغرافيا السياسية وأحكامها، مركزاً إقليمياً، وثابتاً رئيساً في المنطقة، وحاملاً لرسالة النهضة العربية الكبرى ورايتها.
وها هي الدولة الأردنية اليوم، وقد شارفت على القرن من الزمان منذ تأسيسها، تبرز بوصفها الأعرق والأقدم على صعيد دول المنطقة، وأيضاً، الأحدثَ والأكثرَ عصريةً وتقدماً. وما كان هذا ليكون، لولا إرادة القيادة الهاشمية المعطاءة، ولولا إيمان الأردنيين برسالتها، والتفافُهم المخلص حول رايتها.
 لقد جاء استقلال الأردن، قبل ثمانية وستين عاماً، في ظل ظروف وتحولات إقليمية ودوليّة مفصلية. وكانت إرادة الملك المؤسس قادرةً على انتزاع الاستقلال الأردني، انتزاعاً، وبقوة الحضور والتأثير والمصداقية، لتبدأَ مرحلةٌ جديدةٌ من مسيرة تكريس الاستقلال؛ حيث توّج الراحل الملك طلال الأول هذه المسيرة بإعلان الدستور الأردني، العصري والمنتمي لأمته، ورسالتها الخالدة؛ وقد رسخ الحسينُ الباني، استقلالنا الوطنيَّ، وجذّره، بإنشاء المؤسسات الوطنيّة، في المجالات المتنوّعة، وتحويل الاستقلال إلى إنجازات مدنيّة مؤسّسيّة ماثلة. وها هو الاستقلال في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، يأخذ طابعَ الإصلاح الشامل، وتعزيز كل المنجزات السالفة، وتأكيد دور الأردن ومكانته دولياً وإقليمياً.
وللحديث عن صاحب الاستقلال، الرمز التاريخي، الملك الشهيد المؤسس عبدالله بن الحسين، لا بدّ من استحضار السياق التاريخي العام والإحاطة بالظروف والمعطيات حينئذٍ، ومعرفة الحالة السياسية والاجتماعية والثقافية. وكذلك لا بدّ من فهم مفاتيح شخصية الملك الشهيد وصفاته القيادية وفكره وآرائه؛ ففي السياق العام، بدأت فكرة انفصال العرب عن الدولة العثمانية بالتبلور مع إصدار قانون التنظيمات الخيرية وتشكيل نظام الولايات. ولكن الأكثر وضوحاً كان إعلان مدحت باشا الدستور العثماني الذي يقضي بإسناد الحاكمية إلى الأمة ونزعها من سلطة الخلافة. وبدأ العرب يخشون إنهم سيصبحون مجرد رعايا أتراك، بعد استبعاد سلطة الخلافة وسلطة الثقافة الإسلامية.
 ولإدراك الأتراك بأنهم إذا طبقوا الدستور بصورةٍ عادلة كاملة، فلا بد من القبول بالعرب كأكثرية مقابل الأتراك. وبالتالي سيكون هناك انقلاب سلمي ليعود العرب إلى السيادة كأكثرية برلمانية؛ لذلك، ولأسباب أخرى، لجؤوا للتتريك.
على صعيد آخر، كان للشهيد المؤسس، دور رئيسي في استعادة والده لشرافة مكة، وفي تشجيعه على إعلان بدء النهضة العربية. ومن هذه الزاوية، كان المؤسّس يرى نفسه مسؤولاً تاريخياً وصاحب رسالة، وان موقع آل البيت يفرض عليهم تحمل هذه المسؤوليات، التي نذروا أنفسهم لها.
والملك الشهيد المؤسس، صانع الاستقلال، أمضى مطلع شبابه في المنفى في استانبول، فدرس هناك، وأتيحت له فرصة التعرف على العالم الحديث المعقد بعكس الحال في الحجاز حينئذٍ.
 لقد كان الأمير عبد الله شديد الاعتزاز والثقة بالنفس، معتدّاً بنسبه الشريف، ولديه قدر كبير من الكبرياء والأنفة. كان صريحاً ومباشراً ولا يحب الاعوجاج. وفي ظني، إنه كان قائداً وليس سياسياً بمفهوم اليوم التقليدي، أو إنه لم يكن من أهل الدهاء والمكر، بحيث يسلك السبيل غير المباشر لتحقيق هدفه. لقد كان ثائراً حقيقيّاً وزعيماً تاريخياً.
 كان المؤسّس شجاعاً فهو قدري ومؤمن، وله رأي في كل موقف ويتميز بالحكمة وبعد النظر، ولا يأبه للعواطف وإنما يعتمد على اتباع العقل والحكمة والتبصر؛ فهو الذي يؤمن بأن الأمم لا تصل إلى غاياتها إلا بالعقل، والملك الشهيد مَنْ قال: "نحن خرجنا من الحرب العامة لنكون أصحاب بلادنا، ولكن مَن هو الذي يقول إننا على أهبة الاستعداد في وسائلنا وأوضاعنا لمقاومة الأمم. الشجاعة هي في معرفة الإنسان نفسه وسلوكهِ مسلكَ الحق والحكمة، وان يسعى قبل كل شيء في إعداد نفسه ليكون رجلاً أو أمة". وبالتأكيد، لقد كان الملك الشهيد سابقاً لعصره، ولو إن روحه تطل علينا وترى حالة الأمة العربية الآن، فماذا عساه يا ترى يقول!
لقد كان المؤسس مسكوناً بهمِّ وحدة بلاد العرب. وبقي يسعى جاهداً، دون كلل، لتحقيق هذا الهدف وحتى اللحظات الأخيرة قبيل استشهاده. فهو الذي قال قبل ثمانية عقود: "إن قوة الشرق العربي هي في وحدته وسلامته وتماسكه ليستطيع ضمان حقوقه الكاملة. والوحدة ينبغي أن تتحقق له قبل كل شيء، وأوّل مراحلها وحدة البلاد الشامية ثم الاتحاد بالعراق ثم السعي إلى رفع السوية العلمية في الحجاز وفي نجد واليمن إلى مرتبة حكومات العصر الحاضر"... وقال، في معرض آخر: "إن الأخلاق العربية والديانة الإسلامية أوسع من أن تضيق عن واجبات العصر ودوله من علم الاقتصاد والصناعات وعلم حفظ الأوطان".
 لهذه الرؤية المتقدمة والشجاعة والسابقة في الزمن للقيادة الأردنية الهاشمية، تعرض هذا الحمى العربي الهاشمي، وما يزال، للاستهداف من قبل الجهات التي لم يعجبها النجاح، وبالذات، من أولئك الذين يبحثون عن تبرير لفشلهم وأخطائهم.
 ومنذ زمنٍ بعيد، استكثر بعض الزعامات العربية هذا الإنجاز الأردني وهذا الدور الأردني، في الوقت الذي كانت تعلم فيه انه من الصعب عليها التنافس في مجال شرعية القيادة الدينية؛ فلجاوا للتشويش والافتراء على التاريخ. ولقد سخر هؤلاء آلاتهم الإعلامية الغوغائية ضد الأردن منذ الأربعينات والخمسينات من القرن الفائت، وشكلوا خطاباً معادياً للأردن تبريراً لأخطائهم ولإسقاطها على غيرهم. لقد كان هؤلاء نموذجاً لعقلية جيل الهزائم. هذه العقلية التي يتهرب صاحبها من المسؤولية، ومن الاعتراف بالخطأ والقصور ومواجهة الحقائق، بأن يجد ضحية يجسد فيها سبباً للفشل والهزائم، فيلبسها التهم ويجعل منها مهرباً يعفيه من كل لوم.
 وفيما يخصّ الدور الأردني، الراية والرسالة، وإشكالية الفهم لهذا الدور من قبل البعض، فلا بد من التوقف لتوضيح هذه المسألة الحيوية، التي تكمن في صلب هيكل الدولة، ولها بصمات واضحة في تاريخ الأردن الحديث وسياساته.
 وبداية، لا بدّ من التسليم بحقيقة مهمّة في مجال دراسات العلوم السياسية، بشكل عام، والسياسات الخارجية بشكل خاص، وهي أن دور أي دولة، هو حصيلة إفرازات العديد من التفاعلات بين الدول، وهو محلُ خلافٍ ومساومة. كما أن له علاقة بخصائص الدولة ذاتها، مثل: شرعية القيادة، درجة تطور المجتمع، وعناصر القوة والضعف في الدولة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الحالة الأردنية، فقد كان الدور الأردني محل اهتمام من قبل كافة الدول التي يتفاعل معها الأردن، وذلك لجملة من العوامل أهمها: موقع الأردن وعلاقاته الإقليمية، وارتباطه بالقضية الفلسطينية ومجاورته لإسرائيل، وقربه لمنابع النفط. لكن الأعمق دلالة وتأثيراً، في التفاعلات السياسية العربية هو البعد القومي وفكرة الوحدة العربية لما لها من قوة ضغط وإرادة شعبية عارمة.
 ونظراً لطبيعة الفكر الهاشمي، وللشخصية القيادية الفذة "الكارزماتيّة" للملك المؤسس، أخذ الدور الأردني في أحد أهم أبعاده، شكل القيادة الشرعية الهاشمية، بما تحمل معها من أهداف سامية وأهمها وحدة العرب.
 ومن هنا، يمكن القول بأن فكرة الدور كانت بنيوية في الدول الأردنية. وإجمالاً، كان للأطراف الرئيسية الثلاثة: الأردنيين، والأنظمة العربية، والحكومة البريطانية مواقف متباينة بخصوص فهم الدور الأردني على المسرح السياسي وخاصة الإقليمي.
 فالملك عبدالله، ومعه العديد من رجالات الثورة العربية الكبرى، أرادوا أن يكون الأردن بداية مشروع وحدة عربية. وبالمقابل، تخوّفت القيادات العربية، آنذاك، من المبادرات الأردنية، وعملت بكل الوسائل على تحجيم الدور الأردني، وعزل الأردن، وذلك تجنباً للدخول مع القيادة الأردنية في تنافس حول القيادة الشرعية الدينية. أما السياسة البريطانية، فقد كانت ترى أن للأردن دوراً مختلفاً يساهم ويتناغم مع استراتجيتها في منطقة الشرق الأوسط والعالم. ومن هنا تنشأ أحياناً بعض الاختلافات في الاجتهاد حول الدور الأردني. وباعتقادنا أن الانجاز ومدى تحقيق الأهداف هو المعيار الفيصل في محاكمة مختلف الاجتهادات. وسِجلُ الإنجاز الأردني واضح لكل عين بصيرة.
 وفي إطار هذه النقطة الأخيرة، لا بد من أخذ الحقائق التالية بعين الاعتبار:
أولاً: لقد كان الأردن وما يزال، وبكل المقاييس، من دول القلب في النظام العربي. ومفهوم القلب أو المركز هنا، يشير إلى الدول التي تمثل محور التفاعلات السياسية في النظام الإقليمي والتي تشارك وتساهم في التفاعلات التي تحدد طبيعة المناخ السياسي الذي يسود المنطقة العربية. ولمّا كان الصراع العربي الإسرائيلي في العقود التسعة الماضية، أهم ما واجه العرب من تحديات، وبحكم موقع الأردن، ومبادئه ونهجه السياسي، فقد كان دورُه مركزياً، إذ شارك باحترافية وبكثافة في تفاعلات الدول العربية.
ثانياً: إن أي قارئٍ منصف لتاريخ مسيرة الثورة العربية الكبرى، ومرحلة إنشاء أول حكومة أردنية على يد الملك المؤسس، الأمير حينذاك، في 11/4/1921، سوف يصل إلى استنتاج، لا بل قناعة، بأن الأردن كان تجسيداً عملياً للحلم العربي بالوحدة والحرية والحياة الأفضل: الذي يشكل رسالة النهضة العربية الكبرى ولقد أملت الظروف والتوازنات الدولية في تلك الفترة القبول بالممكن. وبنفاذ بصيرة القيادة، التي ارتأت إنقاذ هذه الرقعة من الضياع في المخططات الاستعمارية حينذاك، فقد أمكن المحافظة على الأردن، واعتباره عتبة انطلاق للحلم الأكبر (وبالتعبير العسكري رأس جسر). والأدلة على صواب هذه القناعة عديدة، واكتفي هنا بالإشارة إلى بيان الأمير عبدالله الشهير في 5/12/1920 بُعيدَ وصوله إلى معان، والذي صرح فيه، بجلاء، عن الهدف من دخوله إلى شرق الأردن، حيث قال: "ليعلم من أراد أهانتكم وابتزاز أموالكم وإهانة علمكم واستصغار كبرائكم، إن العرب كالجسم الواحد. ليعلم أبناء سورية أن هؤلاء المعتدين عدوكم وأنكم من جملة من أدخلوهم تحت عار استعمارهم ووضعوهم في مصاف الزنوج والبرابرة. كيف ترضون بأن تكون العاصمة الأموية مستعمرة فرنسية". فاستنهاض الأمير عبدالله لعروبة أبناء سورية، لتؤكد بشكل قاطع على إن الأردن لم يكن إلا مرحلة تكون منطلقاً للاستمرار في المشروع النهضوي العربي. ولست هنا بحاجة للتذكير بتشكيل أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع وكان فيها 4 سوريين وواحد حجازي وواحد فلسطيني وواحد أردني. وكذلك الاحتفاظ باسم "الجيش العربي"، لقوّاتنا المسلحة إلى اليوم.
ثالثاً: لقد كان للدور الأردني في الإصرار بعناد والمثابرة في الطلب إلى القوى الكبرى حينئذ، وبشكل خاص بريطانيا، بضرورة دعم وتأييد فكرة وحدة الدولة العربية، الأثر الهام في استجابة هذه الدول، وان جاءت بشكل أقل من مستوى الطموح. فقد باشرت الحكومة البريطانية بتعديل سياساتها في المنطقة، والموافقة على دعم قيام أي تنظيم إقليمي تعاوني يجمع شمل الدول العربية في منظمة واحدة. وكان هذا بكل تأكيد، أقل من مستوى طموح الوحدويين، وعلى رأسهم الملك الشهيد المؤسس.
ولم يكن القبول بهذا التراجع في الأهداف نتيجة مقاومة الحكومة البريطانية أقلَّ إيلاماً من التراجع الآخر، على يدي الدول العربية. فأثناء مداولات اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي في 25/9/1944، تبنّى الأردن، وبدعم من العراق وسورية، فكرة إقامة شكل اتحادي من شأنه قيام سلطة مستقلة تكون أعلى من سلطات الدول الأعضاء. ولم تنجح المحاولة، أمام هاجس السيادة لدى الدول الأخرى الأربع من أصل سبعة. والنتيجة كانت إقرار شكل تنظيمي يسمح بالتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء فيه، وبما يكفل المحافظة على سيادة واستقلال هذه الدول. وهكذا، وضد قناعته، وهو العضو المؤسس، ارتضى الأردن صيغة الجامعة بالشكل الذي ظهرت فيه، وقبل بها تمسكاً بالحد الأدنى للتضامن العربي، رغم معرفته المسبقة بأنها ستكون وليداً مشوهاً وغير قادر على الحركة.
وبالمحصّلة، فإن كلَّ ما ذكرته إنما هو جزء يسير من حقائق يراد لها أن تُغيبّ وعلينا واجب إيضاح الحقائق. والحقيقة، هي إننا جميعاً مقصرون بحق وطننا وقيادتنا وتاريخنا أمام حجم الافتراء والتضليل الذي يمارس أحياناً ضد بلدنا وتاريخنا.
 وإنني أنتهز هذه المناسبة لتكرار الدعوة لإنشاء مؤسسة لتاريخ الأردن تقوم بمهمة الكتابة والنشر لتاريخنا باستمرار وباستخدام وسائل الإعلام المختلفة وذلك حتى لا يدخل أي لبس في أذهان الأجيال الجديدة حول تاريخنا.
 وبمناسبة عيد الاستقلال، علينا قراءة قصة الأردن، النشأة والتطور والاستقلال، فهي قصه نجاح بامتياز، ولنا جميعاً أن نفاخر الدنيا بهذه المسيرة والانجاز.
وهي مناسبة نستذكرُ فيها مناقب وجهود الرواد والمؤسسين، بناة الأردن من جيل الآباء الذين عملوا وضحوا دون منه ودون حساب.. ولنذكر دورهم دوماً بالفضل والاعتزاز.
 لقد بدأ الملك المؤسس من نقطة أقرب إلى الصفر، باستثناء بضعة بلديّات، ومدارس ابتدائيّة قليلة العدد، وفي ظروف بالغة الصعوبة. لكنه مضى بعزم وإرادة صلبة لا تلين فطوّع المستحيل متسلحاً بالأمل. لقد بُني الأردن اعتماداً على ثقافة الأمل، فالتحديات كثيرة والمطلوب عمله كثير والإمكانيات محدودة ولكن بالصبر والأمل تمّ تحقيق الانجازات.
 منذ نشأة الأردن، وهو يواجه التحدي تلو التحدي وينتصر عليها. وكلي ثقة بأن رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الثابتة، مع النهج المعتدل والوسطي وبعزم الأردنيين وبانتمائهم الصادق لبلدهم وولائهم للقيادة ستعبر السفينة إلى برّ الأمان متجاوزةً كل العواصف والأنواء. وسيبقى الأردن القلعة والجدار المكين الذي يتكئ علية أشقاؤنا الفلسطينيون، وصولاً إلى استعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشريف، وإقرار حقّ العودة.
 وهي كذلك مناسبة، نستذكر فيها شهداءنا الأبرار في قواتنا المسلحة الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم في سبيل قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية. هؤلاء الذين استشهدوا دفاعاً عن القدس وكل المدن الفلسطينية وروت دماؤهم الزكية الأرض العربية، ودفاعاً عن استقلالنا.
كلُ عامٍ والأردنُ ومؤسّساتنا الوطنيّة والأسرة الهاشمية والأردنيون جميعاً بكل الخير. وحمى الله الأردن "خيمةً للظَّلِ والطَّل وداراً للكروم"، بقيادة ملك الخير حامي الاستقلال وشيخ الوطن عبدالله ابن الحسين حفظه الله ورعاه.

* رئيس الوزراء الأسبق
كلمة للبخيت في احتفاليّة لجنة المتقاعدين العسكريين في محافظة البلقاء، الأربعاء 4/6/2014