شركاء بـ "المخدرات"

إن ارتفاع عدد قضايا المخدرات بأنواعها المختلفة، وخصوصاً الحشيش الصناعي (الجوكر)، وعدد أولئك المضبوطين فيها، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي إلى نسبة 45 % مقارنة بالعام الماضي، يدل على أن مجتمعنا بوضع خطير جداً، قد يؤدي إلى إنهياره وخصوصاً في ظل تزايد هذه الظاهرة، سواء كان تجارة أو تعاطيا وبدء انتشار الجريمة التي قد يكون أهم اسبابها الإدمان على المخدرات.اضافة اعلان
إن الإدمان على المخدرات يؤدى إلى انهيار المجتمعات، وقبل ذلك يكون سبباً في التفكك الأسري والمجتمعي، فعندما تتخلى اللبنة الأساسية بأي مجتمع، أي الأسرة والمدرسة والجامعة، عن دورها الأساسي في تربية نشء صالح سليم معافى خالٍ من الأمراض متعلم لديه روح الانتماء للوطن، لأي سبب كان سواء فقرا أو لهاثا وراء تأمين لقمة عيش لأفرادها، فلا شك بأن المجتمع سينهار، وسرعان ما يتحول إلى كارثة، تنتشر فيه الجرائم وحب الذات على حساب الكل، والعنف والميل نحو التطرف.
ولا نبالغ عندما نقول بأن الأعمدة الأساسية الثلاثة في أي مجتمع (الأسرة والمدرسة والجامعة)، قد أصبح تأثيرها في الأجيال شبه معدوم إن لم يكن معدوما أصلاً، وبحاجة إلى إصلاح أو إعادة تأهيل.
ويضاف إلى تلك الأعمدة عمود أساسي رابع وهو المنظومة الأمنية والجهاز القضائي، فالأول يجب عليه تشديد الرقابة أكثر للقضاء على تلك الآفة ومحاربة مروجيها ومتاجريها، بينما يقع على عاتق الثاني عدم التهاون والحزم في تطبيق القانون مع أصحاب تلك القضايا وتغليط العقوبات وعدم الرأفة بعرابيها.
إن ارتفاع قضايا المخدرات بأنواعها المختلفة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، يؤشر إلى وجود ثغرات قد وقعت أو حصلت، للأسف، في بنية المجتمع بدءا من الأسرة فالمدرسة ثم الجامعة وانتهاء بالمنظومة الأمنية، يُنذر بكوارث قد لا تُحمد عقباها، ويكون أول الخاسرين فيها الوطن.
وإلا فما معنى أن يصل عدد قضايا الحشيش الصناعي (الجوكر)، التي تم ضبطها خلال تلك الفترة 4201 قضية منها 591 اتجارا و3610 حيازة وتعاطيا. وإذا ما علمنا بأن عدد القضايا التي تم ضبطها العام الماضي بلغ 1894 قضية منها 184 اتجارا و1710 تعاطيا وحيازة، فإن ذلك يعني أن هناك نسبة في زيادة تلك القضايا تصل لـ45 %.
أما المضبوطون في تلك القضايا، أي (الجوكر)، خلال الفترة ذاتها، فحدث ولا حرج عن الزيادة التي طرأت على أعدادهم ونسبهم، إذ بلغ عددهم 6528 منهم 1273 اتجارا و5255 حيازة وتعاطيا، أي بنسبة زيادة بلغت 44 % مقارنة بالعام الماضي حيث كان عددهم 2877 منهم 425 اتجارا و2452 حيازة وتعاطيا.
ويؤكد أطباء ومختصون بأن تأثير الحشيش الصناعي على الإنسان أكثر خطورة من المخدرات الأخرى، وكلها خطر، لاحتوائها على مواد سامة وأضرارها كثيرة كالهلوسة والهذيان وتلف خلايا الدماغ، ودليل ذلك ما حصل مع ذلك الشخص الذي أقدم على قتل والدته بطريقة وحشية حيث فصل رأسها عن جسدها وفقأ عينها، حيث كان وقتها تحت تأثير تلك المادة القاتلة.
كما يُلاحظ انخفاض عدد الأشخاص الذين يقبلون على العلاج من الإدمان على المخدرات بأنواعها، إذ بلغ عدد المعالجين العام الحالي بمركز معالجة المدمنين 788 شخصا مقارنة بـ1216 شخصا العام الماضي.
وهذا يضع أكثر من علامة استفهام وسلبيات على المجتمع وبنيته وتكوينه، ويُوجب الإجابة عن سؤال "لماذا انخفض عدد المعالجين، مع أن نسبة القضايا المضبوطة ارتفعت ونسبة المروجين أو المتعاطين تضخمت أيضاً؟.
تقع على الجميع مسؤولية مشتركة بهذا الشأن سواء أكانت الأسرة أو المعلم أو أستاذ الجامعة أو الأجهزة الأمنية أو حتى الإعلام وعلماء الدين في تشجيع المدمنين على العلاج بالمركز المتخصص لذلك، لما فيه مصلحة للمدمن نفسه ثم أسرته والمجتمع ككل، وتوعية المدمنين وعائلاتهم بالأخطار التي قد تنجم عن عدم العلاج من موضوع التعاطي.
الأرقام الأمنية الرسمية تؤكد أن كمية المخدرات التي تم ضبطها العام الحالي بأنواعها (حشيش، الهيروين، الماريجوانا، الكوكايين، الجوكر، الأفيون، مادة كريستال)، بلغت نحو 7500 كيلوغرام، فضلا عن 42.5 مليون حبة كبتاجون، و10400 كيس من مادة الجوكر.
ويتطلب ذلك إعادة النظر في طبيعة وآليات التنشئة الاجتماعية داخل الأسر، إذ يجب على الأبوين أن يتواصلا مع أفراد أسرتهما، ويتابعا باهتمام ويقظة أي تغييرات تطرأ على أي من أفراد أسرتهما، أو حتى الرفقة السيئة.
كما يتطلب ذلك إيجاد حلول ناجعة وحاسمة لمحاربة تلك الظاهرة والقضاء عليها أو التخفيف من حدتها وضررها، وتغليظ العقوبات وبالأخص على متاجري ومروجي تلك المادة السامة.