شروط ما قبل الزواج.. قبول ينتهي أحيانا بالندم

على الزوج أن يتفهم حاجات الزوجة وأن يسعى لأن تكون العلاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل - (mct)
على الزوج أن يتفهم حاجات الزوجة وأن يسعى لأن تكون العلاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل - (mct)

منى أبو صبح

عمان- تعترف لبنى نصيرات (28 عاما) أنها عانت على مدى عشر سنوات من قائمة ممنوعات وضَعها زوجها لها قبل الزواج، فتقول "كنت صغيرة السن وقليلة الخبرة، ولم تنضج شخصيتي بعد، فوافقت قبل الزفاف على كل شروطه وأوامره".

اضافة اعلان

وتضيف "وبعد مرور فترة على زواجي، وكلما ازداد نضجي العقلي وازدادت خبراتي في الحياة، بدأت أشعر بالتمرد على هذا الاستبداد، وبدأت أطالب بأن أكون حرة في أن أتعامل مع من أحب، وأن لا أتعامل مع من أكره، وأن من حقي أن أختار صديقاتي، ومن حقي أن أتعامل مع أهلي كما أشاء، ومن حقي ألا أخاصم من لا يحبهم زوجي بدون أي سبب، ومن حقي شراء ملابسي على ذوقي أنا، وليس ذوقه هو".
وترى لبنى أنها أستيقظت بعد فوات الأوان، لأن زوجها اعتبر صمتها و"ضعفها" منذ البداية حقا مكتسبا له، بل واعتبر مطالبتها بحقها بعد هذه السنوات تمردا وتغيرا، وحتى الآن لم تستطع استعادة حقوقها كاملة.
من الأسس الرئيسية لنجاح الزواج حسن الاختيار من قبل الشاب والفتاة. فقد أشارت دراسة لجمعية العفاف الخيرية أن معظم حالات الطلاق تتم قبل الدخول، أي قبل الزواج، وأن السبب الرئيسي في هذا الطلاق يعود إلى التسرع في الاختيار، أو لسوء الاختيار، ولذلك وجب على الطرفين التأكد من مواءمة كل منهما للآخر، من النواحي الاجتماعية والنفسية وغيرها.
يبين استشاري الاجتماع الأسري، مفيد سرحان، أن مسألة وضع شروط من قبل الشاب على الفتاة أمر لا بد من التوقف عنده، والنظر في ماهيته، لمعرفة طبيعة هذه الشروط، والتأكد إن كانت لا تتعارض مع الدين ومع حقوق الزوجة، وأن ليس فيها إساءة إلى الزوجة بشكل أو بآخر. وإذا ما وجدت بعض الشروط التي تعتقد الفتاة أنها غير موافقة عليها، فإنه لا بد هنا من الحوار والتفاهم قبل عقد الزواج، حتى لا تكون النتيجة بعد الزواج هي الخلافات أو حدوث الطلاق.
ويقول "على الزوج أن يتفهم حاجات الزوجة الاجتماعية، وأن يسعى لأن تكون العلاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل، وأن تمتع كل طرف بهامش مناسب من حرية التصرف، مع استمرار الحوار حتى بعد الزواج؛ إذ إن شعور أي طرف بأن الطرف الثاني يزعجه بتصرفاته، سيخل بالعلاقة بينهما في النهاية، ويجعلها غير قائمة على الثقة التي تعد أساسا من أساسيات التعامل في الحياة".
ومن المهم أيضا، وفق سرحان، أن يقيس الزوج الأمور على نفسه، وعلى أهل بيته، فإن ارتضى هذا التصرف لنفسه ولأهله ارتضاه مع زوجته. وهناك من الأزواج من يكون الدافع وراء تصرفاتهم هو الغيرة المفرطة، فإن كانت الغيرة مهمة، وهي صفة محمودة عند الرجل والمرأة، إلا أن المبالغة فيها قد تحولها إلى حالة مرضية تؤدي إلى عواقب سلبية، لأن النجاح بين الزوجين يكمن في المواءمة بين الغيرة والثقة.
وتؤكد سلوى العامر (26 عاما) أن فكرة الشروط المسبقة قبل الزواج مرفوضة من أوّلها إلى آخرها، وقبول الزوجة بشروط لا تناسبها هو تنازل عن حقوقها، وإن تنازلت اعتاد الزوج على إطلاق أوامره التي يمليها عليه فكره ومعتقداته، فيصبح على الزوجة التنفيذ فقط بدون مناقشة، وبذلك تكثر المشاحنات والمشاكل فيما بعد، وتصل المرأة لحالة نفسية سيئة تماما. وتذكر سلوى تجربة ابنة خالتها التي اتخذتها عبرة تتعظ منها، فتقول "تزوجت عقب انتهائها من المرحلة الجامعية مباشرة، ولم تعمل بشهادتها التي تعبت في الحصول عليها، وذلك لاشتراط زوجها قبل الزفاف بعدم الخوض في موضوع العمل".
وتضيف "لم تتوقف طلبات الزوج عند هذا الحد، فقد طلب منها قطع صلتها بكافة صديقاتها أيام الدراسة الجامعية، وللأسف استجابت لمطلبه الغريب، لاعتقادها بأن الحب سوف يغير النفوس وطريقة التفكير فيما بعد، لكنها فوجئت بأن زوجها زادت مطالبه مع مرور الأيام، مما جعلها تشعر بالندم الشديد جراء قبولها شروطه السابقة واللاحقة".
وكذلك الحال مع الأربعينية أم نبيل، التي تبين أنها لم تعرف زوجها جيدا قبل الزواج، نظرا لقصر فترة الخطوبة من جهة، ولأنه تقدم لخطبتها بالطريقة التقليدية من جهة أخرى. وتقول "للأسف لم يتغير زوجي منذ خمسة عشر عاما، فهو لا يتقبل فكرة اختلاطي بالجارات ولا يوافق على خروجي من البيت للترفيه مع عائلة صديقة، أو الأقارب، إلى جانب أنه اشترط قبل الزواج أن يكون يوم الجمعة مخصصا لزيارة عائلته فقط، ومنذ الصباح الباكر، لذا لا يمكننا الخروج للتنزه معا، رغم أنه اليوم الوحيد لإجازته الأسبوعية".
وتصف أم نبيل حالها بالقول إنها تشعر في كثير من الأحيان بأنها تعيش في سجن، وأنها فكرت في كثير من الأحيان أن تطلب الطلاق، لكنها تتراجع في كل مرة من أجل أبنائها، وقد حاولت عن طريق الحوار مناقشة زوجها في الأمر، لكنه لا يستجيب، بل ويذكرها في كل مرة بأنه قام بإطلاعها على رغباته وطباعه قبل الزواج، وأنها قبلت بها.
يبين الاختصاصي النفسي، د.خليل أبوزناد، أن هنالك العديد من الزوجات اللواتي يشتكين من تسلط الزوج بآرائه، وأن الكثير منهن لا يكتشفن ذلك إلا بعد الزواج. فيما تكون زوجات أخريات قد علمن بتلك الشروط وقبلن بها، لكن بعد الزواج تبدأ المشاكل والضغوط النفسية. يقول "يصعب على المرأة أن يطالبها الزوج بالطاعة العمياء بدون حوار أو اعتبار لآرائها ومكانتها، فتحاول معالجة الأمر مع زوجها، لكن هناك الكثير من الأزواج الذين يرفضون الفكرة، ويعتقدون بأن طريقة تفكيرهم هي الأصوب، وعليه لا يتقبلون اقتراحا مغايرا لقناعتهم الثابتة". ويلفت إلى أن الدافع عند غالبية الأزواج الذين يضعون للزوجة قائمة بالممنوعات قبل الزواج، أو بعده، نابعٌ من طريقة تفكيرهم، ومن البيئة المحيطة، ومن الثقافة التي تلقوها، ولذلك تأتي ضرورة التفاهم والحوار قبل الزواج، خصوصا في الأساسيات.

 [email protected]