شفافية الحكومة على المحك!

بعد انتهاء الحوارات التي أجراها نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة، الدكتور رجائي المعشر، مع العديد من الهيئات والمؤسسات النقابية والشعبية والاقتصادية والمالية حول مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل، ونحن ننتظر أن تعلن الحكومة عن المسودة، وتضعها على الموقع الإلكتروني لديوان التشريع والرأي لتتيح للمواطنين الإدلاء بآرائهم حول ما جاء فيها من مواد وأحكام، وخصوصا شرائح الدخل المعفاة من الضرائب.

اضافة اعلان

وبحسب ما أعلن، فإن الحوارات حول مسودة "الضريبة" انتهت منذ أكثر من 15 يوما، ولكن الحكومة لم تعلن المسودة ولم تف بعد بوعدها بنشرها على موقع الديوان، ما ترك الساحة للإشاعات والتكهنات والآراء التي يبدو أن في بعضها صحة، وعلى رأسها أن هناك خلافا بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، وأن هناك خلافات ووجهات نظر داخلها.

عدم وضوح الموقف الحكومي من مسودة مشروع القانون المثير للجدل الذي تسبب بإقالة الحكومة السابقة، ليس في صالحها، ويزيد الضغط عليها، بشكل غير مسبوق، ويفتح المجال لكل التكهنات التي لا تصب في صالحها ولا في صالح شعبيتها والبرامج والأهداف التي تسعى لتحقيقها.

فالحكومة التي التزمت في غالبية تصريحات رئيسها والفريق الحكومي بالشفافية والوضوح، وخصوصا في القضايا التي كانت محل خلاف وجدل أثناء الحكومة السابقة، غابت عنها الشفافية والوضوح بخصوص مسودة مشروع "الضريبة"، ما سلط عليها الانتقادات من كل صوب وحدب، وأخاف غالبية المواطنين مما تعده لهم بخصوص ضريبة الدخل.

غياب الشفافية الحكومية، زاد من الضغوط على الحكومة، ما قد يدفعها للخطأ أو التسرع والإرباك، وهذا الأمر ليس في صالحها.

الحكومة التي تباهت قبل أيام بإنجازاتها، وأنها حققت أكثر من ثلثي ما وعدت بتنفيذه خلال 100 يوم، تعاني جراء عدم وضوحها بمسودة الضريبة.

كان من الأجدى والأفضل أن تصارح الحكومة الرأي العام، وتضع المواطنين بصورة العقبات والإشكاليات التي تواجهها في "ضريبة الدخل".. كما كان عليها أن تضع المواطنين بطبيعة الالتزامات مع صندوق النقد الدولي، وموقفه من مشروع قانون ضريبة الدخل.

إن غياب الشفافية في هذا الموضوع يثير مخاوف الناس؛ حيث يخشون أن تقوم الحكومة لتجنب الضغوط، وتجاوبا مع الالتزامات مع صندوق النقد الدولي، بطرح مسودة مشروع قانون لا تختلف عن تلك التي سحبت نتيجة الضغوط الشعبية من مجلس الأمة، وتحيل الأمر، كما فعلت الحكومة السابقة، إلى مجلس الأمة لإجراء الحوار الوطني حول المسودة.

إذا لم تعالج الحكومة النقاط والمواد التي كانت مثار احتجاجات شعبية في مسودة مشروع الضريبة، فإنها ستعيد تجربة الحكومة السابقة، وستعاني الكثير جراء ذلك.

يبدو أن رئيس الحكومة، عمر الرزاز، مطالب بمصارحة المواطنين بكل التفاصيل المتعلقة بالضريبة والتزامه والتزام حكومته بتخفيف الأعباء الضريبية عن المواطنين بعد اعترافهما بأن هذا العبء غير عادل ولا يجوز تحميل المواطنين ما لا يمكن احتماله.