شفافية مطلوبة.. ماذا بعد؟

يسجل للحكومة الحالية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أنها لا تتوانى عن الحديث بشفافية مطلقة، وبكل جرأة عن وجود مشاكل في الخدمات الرئيسية الحياتية التي يحتاجها المواطن، بيد أن هذا المنهج والسلوك لا يكفيان لإنهاء معاناة الأردنيين اليومية مع ملفات تأتي على قدرتهم على التأقلم مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، فالاعتراف وحده لا يحل أزمة، ويبقى عبارة عن كلام يباع دون أن نجد من يشتريه. كمواطن يرتع الفقر في جيوبي، وقد مللت الوعود والتنظير، لا أنتظر من الحكومة أن تسمعني صدى صوتي وتشير إلى المشاكل التي أعاني منها وأصرخ ألما بسببها، بقدر ما أريد أن أعرف حجمها بدقة، وكيف ستحل! الحكومة غدت تتحدث بلسان المواطن، فهي تعترف على سبيل المثال بترهل القطاع الصحي، وقد قال عنه الدكتور الرزاز "ما يزال هناك ترهل في هذا القطاع وتفاوت كبير في مستوى الخدمات إلى درجة لا نرضى عنها، بالإضافة للحاجة إلى ضبط في نوعية الخدمات الصحية والكلفة وإيصال الخدمة إلى مستحقيها". لكنها لم تخبرنا كيف ومتى سننعم بخدمات صحية تنقذنا من براثن القطاع الخاص وجبروته! وبالنسبة لقطاع النقل، أقر رئيس الوزراء، خلال لقائه مؤخرا وفدا أمميا، بضعف خدمات النقل، معيدا ذلك إلى وجود أعداد كبيرة من السيارات، قائلا إن معالجة ذلك وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين من أولويات الحكومة في خطتها للعامين المقبلين. على أرض الواقع لم يتبق من هذين العامين الكثير. كما لا تتوانى الحكومة عن الاعتراف بتردي الوضع التعليمي في المملكة، وتقول إنها بدأت بخطوات جادة نحو تطويره، بيد أنها لم تجد لغاية الآن حلولا لاكتظاظ الصفوف، والبنية التحتية المتردية، والمباني المؤجرة، ولم تعالج الضعف الشديد في الكادر التدريسي، ولا حسنت بالبيئة المدرسية بشكل عام، فطغت الشكوى على الفعل. إلى جانب كل ذلك، هناك اعتراف بسوء الوضع الاقتصادي، وبالفساد، وبترهل القطاع العام، وغيرها من الاعترافات التي تسارع لمكاشفة المواطن بها، لكسب رضاه واستمالته عاطفيا. كأردني لا يهمني أن أستمع لمثل هذه التصريحات والمكاشفات، ولا أحتاج إلى من يدلني على وجعي، فأنا أتألم كل يوم بسببه، ولا أنتظر أن تشاطرني السلطة التنفيذية الهم نفسه من دون أن تصنع أي فرق، أو تعمد إلى أي تحسين. ولا تعنيني الاعترافات لا من قريب أو من بعيد، فكل ما أريده هو حكومة تداوي جراحي. بتنا اليوم نستمع إلى أنات الحكومة، وهي ذاتها أناتنا، ونقف على حديث يشبه حديثنا، وشكوى لا تختلف عن شكوانا، وما دام حالها مثل حالنا فإلى من نشكو إذا، وهل نحتاج إلى حكومة من المريخ لكي تبدأ العمل على تخليصنا مما نحن فيه؟! جولات الرئيس الخارجية الأخيرة مهمة، وأرجو أن تأتي بنتاج مثمر، ويحدونا الأمل بذلك لما لها من أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي بشكل عام، وهي جولات لا شك بأننا بأمس الحاجة إليها، وأغدو ممتنا لو فكر الدكتور الرزاز وفريقه الوزاري بذات الاتجاه وخرجوا من الصندوق المعتم الذي يكبلهم على الصعيد الداخلي، حينها سنرى حكومة خلاقة مثالية، تجبرنا على أن نقف بصفها، وندعمها ونصفق لها.اضافة اعلان