شكاوى الاستثمار.. ما قبل وبعد

سلامة الدرعاوي أن تكون وزيراً للعمل والاستثمار معاً فهي لا شك سابقة اقتصاديّة إيجابيّة في شكل الحكومات الأردنيّة، ولم يسبق أبداً أن جمع شخص ما هاتين الوزارتين، لكن الدكتور معن القطامين حظي بهذه الفرصة في حكومة الخصاونة. اعتقادي الشخصي أن رئيس الوزراء رضي بهذا الشكل للوزارتين بشخص وزير واحد لسبب اقتصاديّ واضح وهو تعظيم الفرصة من خلال هذا الشكل الوزاري المسؤول بواسطة توظيف التزاوج بين التشغيل والاستثمار بشكل عملي مباشر، وتحت إشراف شخص واحد يدير هذه المسألة ويمتلك صلاحيات وزارية عالية، يكون قادرا على تجاوز الاختلالات والتحديات والمشاكل اليومية التي يعاني منها رجال الأعمال والمستثمرون وأرباب القطاع الخاص، وهذا التزاوج معمول به في كُلّ دول العالم التي تسعى لمواجهة كابوس البطالة وتحديات الانكماش الاقتصاديّ. فالمستثمر والصانع والتاجر وكل من يستظل بمظلة القطاع الخاص لديه يوميا مشاكل لا تنتهي لتسيير أعماله، وهو مواظب على الدوام لمراجعة شؤونه اليومية لتسهيل أنشطته الاقتصاديّة، ووزارة العمل وهيئة الاستثمار قد تكونا لهما حصة الأسد من تلك المراجعات، وهنا تتجلى حالات الإبداع الإداري وتوظيف سلطات الوزير المباشر لتشخيص الحالات والمشاكل التي أشرف عليها، وترجمة الحلول والمعالجات إلى إجراءات عملية في التوظيف المباشر المشروط بمنح التسهيلات والحوافز لِكُلّ مراجع اقتصادي من أرباب العمل والمستثمرين. الغريب كان بإمكان وزير العمل تطبيق تجربة حقيقية لمعالجة قضايا العمل وغيرها من المشاكل والتحديات والاختلالات  للمستثمرين من خلال الهيئة في ضوء سلطته المشتركة، لكن للأسف أدار دفة الحوار من أساس المشكلة إلى قضايا شكليّة، حيث لم يحقق المستثمرون فائدة ممن خرجوا بانطباعات سلبيّة من شكل المشهد الاستثماريّ العام. مشكلة المستثمر في الأردن ليست بالنافذة الاستثماريّة وكم من الوقت يحتاجها لإنجاز تراخيص استثماره وإنجاز معاملات مشروعه، هذه قضية ثانوية وإن كانت أساسية تتطلب إصلاحا جوهريا، لكن المشكلة الحقيقية لأي مستثمر هي ما بعد المشروع وما يعانيه من صعوبات وأدوار وأعباء يتمنى وقتها انه لم يقم بهذا الاستثمار مع كُلّ أسف من بعض حالات التعسف الإداريّ في القطاع العام وكيفية التعامل معه وتسلط فئات من الموظفين في بعض المؤسسات الذين لا يهمهم سوى خلق التعقيدات أمام استمرارية المشروع ونجاحه، لا بل إن التراخيص والموافقات بعد الاستثمار قصة مستقلة ما بعد الاستثمار الفعلي، وهو الأمر الذي للأسف لم يتم إيجاد الحل الجذري لمعالجتها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الحصول على معادلات التصنيع وتعديلها لا يوجد لها وقت محدد، بل قد تمدد لوقت غير نهائي، نظرا للتداخل بين الجهات، خصوصا إذا كان المستثمر في المناطق التنموية. للأسف، بعد الاستثمار وإنجاز المشروع بشكل أولي تنتهي علاقة المستثمر بالهيئة ويبدأ بالمعاناة مع كُلّ دائرة أو وزارة وكأنه لم يبدأها من الهيئة لأن الاستثمار ليس تسجيلا في الهيئة فقط وإنما هو عمل مستمر وعلاقة دائمة ومستمرة ولا بد من أن تكون متطورة دوماً. هذه كُلّها قضايا وتحديات كان بإمكان وزير العمل والاستثمار خلق إستراتيجية أو مصفوفة إجراءات سريعة لحل تلك الإشكالات المزعجة في بيئة الأعمال والاستثمار بدلاً من الشكوى الإعلامية وهو يدير وزارتين معنيتين بغالبية مشاكل الاستثمار، فماذا يقول الآخرون؟ شكوى الاستثمار ليست بجديدة ولن تنتهي من المستثمرين ورجال الأعمال وممثلي القطاع الخاص، لكن الجديد في المشهد أن نشكو من صعوبة الوضع الاستثماريّ، في الوقت الذي ينتظر الجميع حلولا عملية واقعية.اضافة اعلان