شكاوى من قلة مراكز تعتني باليافعين من ذوي الإعاقة

تغريد السعايدة

عمان- لم تعلم الأم نعمة بندقجي أن الحادث الذي تعرض له ابنها فارس خلال طفولته سيكون حداً مفصلياً يقلب موازين الأسرة، بعد أن اصبح يعاني من الاعاقة الذهنية.اضافة اعلان
أم فارس تبين أن ابنها حينما كان طفلا، كان لديه مساحة كافية بالمراكز والجمعيات التي تستقبل الصغار من ذوي الإعاقة، إلا أنها اصطدمت بعدم وجود مراكز تستقبل الأبناء في أعمار متقدمة، ليكون لهم ملاذا يجدون فيه وقتا للترفيه أو الاندماج مع باقي أفراد المجتمع.
وتضيف أم فارس، الطفل من ذوي الاعاقة حينما يكبر يصبح وضعه مختلفا، فبعد أن كان يمسك بيد والدته ولا يغيب عنها، أصبح الآن “يافعاً” رجلاً، وبحاجة لشخص يتابع معه حياته بشكل أكبر وباهتمام مضاعف.
وتضيف انه احياناً قد يخرج عن سيطرة والدته، ويبقى البحث عن مكان ملائم لهذه الفئة من الأشخاص، بشكل منتظم يساعد في التخفيف عن الأهل من القلق على أبنائهم، ومساعدتهم كذلك في عملية الدمج بالمجتمع، فهم أشخاص لهم حقوقهم المجتمعية، على مختلف انواع الإعاقات.
وتبين إحصائيات على الموقع الخاص بالمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، أن حجم الإعاقة في الأردن وتحديد انتشارها وخصائصها غير متفق عليه بين الباحثين والعاملين في هذا القطاع في المملكة. بيد أن هناك إحصائيات لتعداد السكان والمساكن لعام 2004 أظهر أن نسبة الإعاقة في المملكة تصل إلى
1.23 %، بينما تشير النسب الدولية إلى أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في أي دولة تتراوح بين 5 - 10 % من عدد السكان، فيما قامت وزارة التنمية الاجتماعية العام 2007 وبالتعاون مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين ولجنة السجل الوطني ووزارة الصحة بإجراء مسح لحالات الإعاقة في كافة محافظات المملكة فيما عدا محافظة العاصمة، حيث أشارت إلى أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بلغ 25143 حالة أي ما نسبته 0.5 % من عدد السكان العام 2007.
وفي إحدى الجمعيات التي تدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، تحدثت والدة الشاب الثلاثيني رائد عن تجربتها مع ابنها، الذي يعاني من متلازمة داون، حيث سخرت كل طاقتها للعناية به، وهو بحاجة إلى دعم مضاعف عما كان في طفولته، خاصة وأن احتياجات الإنسان تزداد مع مرور الوقت، وقد يواجه الحياة بطريقة مختلفة قد تجعل منه أكثر عدوانية في حال لم يُقابل بالمعاملة الخاصة به، والتي قد يصطدم فيها بالمجتمع أحياناً.
أم رائد، تعمدت إلحاقه بالدورات التي تنظمها جمعية الشابات المسلمات ما بين الحين والآخر، والتي تقوم بتعليم ذوي الاعاقة الكبار في السن بعض المهارات الحرفية التي تجعلهم يندمجون في العالم الخارجي بكل ثقة، على أنهم أشخاص مبدعون ومنتجون، وهذا يمنح ام رائد شعوراً بالأمان على ابنها الذي يحتاج رعاية وكأنه طفل صغير، ترضيه الكلمة وتغضبه ردة الفعل العنيفة.
إلا أن ام رائد تتمنى لو أن هناك مراكز أكثر تُعنى بهذه الفئة وتقدم لهم كل ما ينمي من شخصيتهم، خاصة أنه ليس بمقدور العائلات ممن لديهم أشخاص ذوو اعاقة إلحاقهم ببعض الجمعيات المتواجدة في بعض الاماكن في العاصمة عمان.
وتقبع الكثير من العائلات التي لديها فرد من ذوي الاعاقة على اختلافها، تحت ضغوط نفسية ومجتمعية، قد تختلف من بيئة لأخرى، فعلى الرغم من تقبل المجتمع لهذه الفئة كما يظهر للعيان، إلا أن الأهل يواجهون صعوبات مع مجتمعهم، خاصة ذوي الاعاقة ممن يتجاوزون مرحلة الطفولة، ويكون من الصعب على الأهل أن يتحكموا في تصرفات هذا الابن ، متمنين وجود مراكز موزعة بعدالة بين مختلف مناطق المملكة، حتى يتسنى للأهل الاطمئنان على ابنهم خلال ساعات تواجده في المركز المخصص والمهيأ له.
الشاب العشريني أحمد يعيش في إحدى القرى البعيدة، ولا يوجد مركز مخصص قريب منه، حيث ازدادت حالته سوءًا، بحسب والدته، وكأن حياته على الهامش دون اي تخطيط أو تدريب أو رعاية من مختصين، فالكلف المالية المرتفعة بالنسبة لها تقف عائقاً في طريق الأسرة لوضعه في مركز، او القدرة على التنقل به وهو على هذه الحالة.
ومن المراكز التي تقوم باحتواء عدد من ذوي الإعاقة البالغين، مركز الأمل الواقع في محافظة البلقاء، ويقوم بين الحين والآخر بعمل دورات مهارات حياتية وحرفية لليافعين ممن لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاما، والحرص على أن يكونوا على قدر كاف من المهارة فيها، علهم يجدون فرصة تساعدهم ليكونوا منتجين في حياتهم، ولو كان ذلك بشكل بسيط ومتواضع.
ولكن بحسب أولياء أمور فإن هذه الفعاليات والدورات المخصصة لليافعين في المراكز المختلفة وبكل انحاء المملكة، لا تستقبل دائما اليافعين من ذوي الإعاقة، لذلك يقعون في حيرة من أمرهم لما سيؤول إليه أبناؤهم فيما بعد.
الناطق الإعلامي في وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط بين أن هناك نوعين من المراكز التي تؤوي ذوي الإعاقة، وهما مراكز القطاع الخاص ومراكز القطاع العام، او الحكومية، والتي تقسم كذلك إلى قسمين؛ المراكز التي تستقبل الأطفال من عمر 6 سنوات ولغاية 12 سنة، وأخرى المخصصة التي تستقبل المرحلة العمرية الأكبر من ذلك، وهي  مجانية، بعد أن كانت بأسعار رمزية سابقاً.
وبين الرطروط، ان هذه المركز تستقبل الفئة العمرية التي تزيد على 12 سنة، وتقوم بتقديم خدمات خاصة بهم من تعليمهم مهارات حياتية وإجتماعية وحرفية، ولكن ضمن شروط معينة وفق دراسة حالة للشخص المنتفع، حتى يكون هناك نوع من الأولوية للشخص الأكثر حاجة لتلك الخدمات، إذ يوجد في المملكة 120 مركزا حكوميا تابعا لوزارة التنمية، يستفيد منها ما يقارب خمسة آلاف شخص، بحسب الرطروط.
هذه المراكز الإيوائية يوجد منها 35 مركزا نهاريا، وفق الرطروط، تقوم باستقبال الطلاب يومياً تماماً كنظام المدارس، ويتم توفير المواصلات لهم، والخدمات المتاحة ضمن فريق متخصص من المعلمين المؤهلين، بالإضافة إلى وجود مركزين للتدريب والتشغيل المهني لهذه الفئة، ويمكن للأهل أن يقوموا بدعم أبنائهم من خلال تسجيلهم في هذه المراكز، التي قد يتخرج منها الشخص وهو قادر على الإنتاج والإبداع، ولا بد للأهل أن يكون لهم دور في مساعدة إبنائهم بالتزامن مع تلك المراكز.