شمّاعات الصهاينة

شهدت الأيام الأخيرة صخبا "فوق العادة" في وسائل الإعلام والحلبة السياسية الإسرائيلية؛ تارة ترفض جريمة ارتكبها جندي احتلال؛ وتارة أخرى، تنزعج من تصريحات عضو كنيست عنصري شرس، ضد العرب؛ حتى يُخيّل للمرء وكأن هذه الجرائم ترتكب حقا "في واحة العدالة والديمقراطية". فقد علّمت التجربة على أرض الواقع أن الصهيونية والصهاينة، ينتهزون من حين إلى آخر حادثا صارخا، ليدبوا عليه كل أوساخهم، وكأنهم براء من كل هذا، في حين أن كل مشاهد العنصرية والجرائم نابعة من العقلية الصهيونية الاستعلائية العنصرية.اضافة اعلان
فالضجة الأحدث الدائرة الآن، تدور حول تصريحات عضو الكنيست الشرس بتسلئيل سموتريتش، الذي أيد في تصريحات له، إجراء فصل في مستشفيات الولادة بين النساء العربيات واليهوديات، وكتب يقول: "إن زوجتي ستلد قريبا، وهي ليست معنية بالاستماع لحفلات النساء العربيات". وأضاف، "زوجتي ليست معنية أن تكون بجانبها امرأة عربية تلد اليوم ابنا، سيكون بعد 20 عاما مخربا". وانضمت له زوجته بتصريحات لا أقل حقارة بقولها: "إن الولادة هي أمر مقدس، ولا أريد امرأة ليست يهودية أن تمس طفلي"، في إشارة الى الممرضات.
ومن يستعرض قائمة المتحفظين، والمعترضين وحتى "الغاضبين"، سيدرك فورا حجم اللعبة الدائرة، في محاولة لتجميل وجه إسرائيل والصهيونية القبيح. فقد كان بينهم، زعيم تحالف أحزاب المستوطنين، وزير التعليم نفتالي بينيت، الذي تباهى أكثر من مرّة بأعداد العرب الذين قتلهم.
والحدث الثاني، الذي ما يزال يتفاعل منذ أسبوعين، هو جريمة إعدام الفلسطيني الجريح في الخليل، الشهيد عبد الفتاح الشريف، على يد جندي إرهابي، الذي يحظى بدعم واسع جدا من اليهود الإسرائيليين في جريمته.
إذ ظهر فريق من السياسيين والعسكريين، الذين طالبوا بمحاكمته، وكأن ما أقدم عليه خارج المألوف في جيش الاحتلال؛ بينما الحقيقة، أن هذه الجريمة هي النهج القائم في هذا الجيش، على مدى السنين، وخاصة في الأشهر الأخيرة، وراح ضحيته عشرات الشهداء.
ولنضع الأمور في نصابها؛ فسموتريتش هذا، عضو في كتلة المستوطنين، وهو من أكثر نواب الائتلاف فاعلية، وذراعه يمتد إلى كافة أروقة النظام الحاكم، وعلى اسمه مسجلة عدة مشاريع قوانين، منها ما هو قيد التشريع، لخدمة أهداف عصابات المستوطنين في الاستيلاء على كامل الأرض. وهو يقود واحدة من أخطر عصابات المستوطنين الارهابية "رغافيم"، التي تتخصص في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في كافة فلسطين التاريخية، وتسعى لمحاصرة كافة البلدات العربية لتبقى في حالة اختناق.
أما ذلك الجندي المجرم، فإن الحظ لم يخدمه، كما خدم العشرات من زملائه في جيش الاحتلال، الذين أعدموا بدم بادر عشرات الشهداء في الأشهر الستة الماضية، إذ لم تكن كاميرات لتوثق جرائمهم. ولذا فقد اختار وزير الحرب وقادة العسكر هذا الجندي شمّاعة لهم، ليلقوا عليها كل جرائمهم، وليدّعوا أن هذا النهج ليس مألوفا في جيشهم. والقضية أن هناك من يريد أن يسوّق لنا هذه البدعة- البضاعة الفاسدة- ومن بينهم "عرب"، يتبنون ويروجون مزاعم أن جريمة الجندي وتصريحات سموتريتش، هي حالات استثنائية. وفي أقصى "كرمهم" علينا "يتطوعون" لحصر العنصرية لدى الجهاز الحاكم، في شخص بنيامين نتنياهو، وهذا السُخف بعينه، ولكنه سُخف خطير، يزرع الأوهام، بتشويه الحقيقة.
في الشهر الماضي، نشر معهد الاستطلاعات الأميركي "بيو" نتائج استطلاع واسع النطاق أجري في إسرائيل، ويرتكز على شريحة ضخمة جدا، وامتد العمل فيه لستة أشهر. وبيّن أن نحو 50 % من اليهود الإسرائيليين يؤيدون طرد الفلسطينيين من وطنهم، فيما أيد 79 % من اليهود التمييز العنصري ضد فلسطينيي 48. وقد بيّن تحليل الاستطلاع أن نسبة من يؤيدون طرد الفلسطينيين، بين مصوتي أحزاب اليمين ترتفع الى
72 %، وهذا هو المعسكر الذي يشكل قاعدة حكم بنيامين نتنياهو وائتلافه.
وهذه النتائج مألوفة جدا، وتظهر في العديد من استطلاعات الرأي الاسرائيلية. وعلى أساس هذه الأجواء، تظهر تصريحات سموتريتش، ويرتكب ذلك الجندي جريمته، فهذا هو الوجه الحقيقي للصهيونية والصهاينة، وهذا هو الوجه الحقيقي لما يقل عن ثلثي أعضاء الكنيست، إن لم يكن أكثر.