صباح الخير دولة الرئيس!

في هذا الصباح، وأنت تمسك بدفتر ملاحظاتك الصغير، تدون فيه آخر الأرقام التي أتحفها بك مستشاروك، أو وأنت تختبر إنجازك لقائمة شروط صندوق النقد الدولي أو الدول المانحة.. فكر بغيرك! وأنت تقرأ آخر أنباء مسيرات المتعطلين، أو وأنت تشاهد على التلفزة تقارير الجوع والفقر، فكر بغير من تعرفهم من مترفي عمان، وليشرد خاطرك في جيوب الفقر، خصوصا هناك في المحافظات البعيدة التي لم يعد يسندها شيء. فكر بالأردنيين الذين يبدو أنك وحكومتك انفصلت عنهم وعن همومهم، ولم تعودوا تعرفون كيف باتت حياتهم مؤخرا! بعضهم يعمل لأكثر من 15 ساعة يوميا. آخرون استطاعوا أن يلهثوا وراء وظيفتين لتأمين الأساسيات. جزء كبير تستثمر فيهم البنوك كقروض وبيوت أو سيارات أو دراسة، أو.. من أجل التداوي. وآخرون.. مطاردون بالشيكات والكمبيالات التي لم يعودوا قادرين على سدادها. دولة الرئيس: هناك من يدفع أكثر من 5 آلاف دينار إيجارا سنويا لشقة عادية، لأن الدولة لم توفر سكنا كريما يحفظ كرامة المواطن، ولا استطاعت السيطرة على طمع مستثمرين في قطاع الإسكان، وتركتهم ينهشون جسد المواطن تحت ذريعة "العرض والطلب"، ونحن نعلم أن سكان المملكة تضاعفوا خلال عقد واحد بفعل هجرات متتالية، تركت الحكومات المواطن يدفع ثمنها! هناك من يدفع الآلاف بدل تأمينات صحية سنوية، لأن الدولة وقفت عاجزة عن مد مظلة تأمينية لعلاج المواطن، وتركته يصارع شركات التأمين وحيدا. وبسبب عدم توفير مواصلات عامة لائقة بالبشر، هناك من يترك عمله، لأنه لا يمتلك مركبة خاصة، ولا يستطيع دفع كلفة المواصلات. وهناك أيضا فواتير الجامعات والمدارس؛ فبسبب التخريب الممنهج للتعليم الحكومي، وبسبب تقصير الحكومات المتعاقبة في ضبط عملية التعليم، نضطر آسفين إلى إرسال أبنائنا للتعليم الخاص، والذي توسعت الحكومات في منح التراخيص للمستثمرين فيه، من غير أن تفرق بين المربين والسماسرة، ومن غير أن تسهم في ضبطه وتنظيمه، حتى صارت المدارس والجامعات في كل شارع وحي! وهناك أيضا القروض المنتظمة التي يدفعها كثيرون للبنوك، وهي القروض التي يضطرون إليها بسبب تآكل دخولهم، ولإعادة شيء من التوازن إلى معيشتهم. وقد رفضت حكومتك باستعلاء كبير أن تنظر في إعفاء قيمتها من ضريبة الدخل، حتى لو كانت تمثل 40 % من قيمة الدخل السنوي! دولة الرئيس: أؤكد لك بأنني وجميع الشعب الأردني، سئمنا من عجز الحكومات وفشلها في إحداث تغيير حقيقي في الملف الاقتصادي، وسئمنا من الوضع الذي يزداد سوءا عاما بعد عام، حتى بتنا لا نعتقد برؤية أي ضوء في آخر النفق، خصوصا ونحن أمام رجال دولة عاجزين عن ابتكار حلول جديدة، ولا يجدون أمامهم دائما سوى المواطن كبقرة حلوب!! لسنا مسؤولين عن التخبط الحكومي ولا عن سوء التخطيط. نحن لم ندخل البلد في أزمة إثر أزمة، ولا نحن من باع القطاع العام وترك الدولة من غير أصول، ولا من نهب الأموال العامة، ولسنا مسؤولين عن ترهل القطاع العام الذي ذهبت فيه الوظائف رشاوى وترضيات لمحاسيب وذوات. هذا هو لسان حال المواطن الأردني اليوم، فهو يرفض بشكل مبدئي أن يكون وحده المسؤول عن تصحيح مسار بلد بأكمله تم نهشه من قبل سماسرة وتجار وفاسدين تركوا ليعيشوا حياتهم بحرية، بينما المواطن مجبر على تعويض الدولة عما سرقه أولئك! منذ عقود يزداد الفقراء فقرا، والمناطق الأقل رعاية ما تزال مهمشة وغير ملتفت إليها، وما تزال الهجرة من المحافظات إلى العاصمة قائمة على قدم وساعد، أما إفقار الفلاح وتعريضه للخسارات المتتالية وجعل الزراعة عملية غير مجدية، فهي سياسة ثابتة لدى جميع الحكومات. دولة الرئيس: في هذا الصباح؛ فكر بكل ذلك!اضافة اعلان