صدور "تاريخانية العروي.. أداة نقدية" للدكتورة آمال جبور

عزيزة علي

عمان- صدر عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع، وبدعم من وزارة الثقافة كتاب بعنوان "تاريخانية العروي.. أداة نقدية لتحديث المجتمعات العربية"، للزميلة في وكالة الأنباء الأردنية "بترا" الدكتورة آمال جبور.اضافة اعلان
يتناول الكتاب الذي جاء في ثلاثة فصول: المحددات الفكرية عند المفكر المغربي عبدالله العروي، والتراث ومسألة الأصالة والحداثة، والتاريخانية في مواجهة إشكالية الواقع العربي.
يتحدث الكتاب حول "مفهوم التاريخانية"، في مشروع العروي، ويعد هذا المفهوم من أهم الجوانب في مشروعه، كما يدعو العروي الى مراجعة الواقع العربي وتجاوزه عبر تصورات متحررة من الاطر الايديولوجية السائدة، وقدم العروي مقاربات نقدية جديدة تبدأ بمراجعة المفاهيم التأسيسية، مثل: مفهوم الايديولوجيا، ومفهوم الحرية، ومفهوم التاريخ، ومفهوم العقل؛ ومفاتيح فكرية خاصة مثل: الفوات الحضاري، والتأخر التاريخي، بحسب مؤلفة الكتاب د. آمال جبور.
وترى الباحثة في مقدمتها للكتاب أن العروي اهتم بالإشكاليات التي يواجهها العقل والمجتمع العربي، متوصلا الى أن مشكلة العقل العربي هي مشكلة "وعي"، وتأخر بالذهنية، نتيجة تأثره بثلاثة نماذج هي "الشيخ، الليبرالي، التقني"، وهذه النماذج قامت بدور الممارسة الإصلاحية الناقصة، فغابت عنها الشمولية والعقلانية، وأحاطت العقل العربي بقيود ارتبطت بالموروث الثقافي والديني، لمواجهة كل ما هو جديد وعقلاني، فأزلقت الذهنية العربية في متاهة اللاوعي التاريخي، والفوات الحضاري.
وبما أن العروي يركز في مساره الفكري على المجال التاريخي، الذي ينطلق من ضرورات المجتمعات العربية وحاجاته، كما قالت جبور، فإنه يطرح "المنهج التاريخاني"، أداة نقدية، إذ إن التاريخانية هي: الوجه الآخر لفلسفة التاريخ، التي تركز على وجود غاية للتاريخ، تهدف الى الكشف عن قوانين التطور، والتغير الاجتماعي، وفهم التبدلات الحضارية الكبرى في تاريخ الإنسانية، وتركز على العلة النهائية في التطور، ومسيرة الحضارة الإنسانية لاستخلاص ما هو عام وكلي، ومتكرر في الأحداث وصولا الى مبدأ مفسر لحركة التاريخ.
وتطرح المؤلفة في كتابها تحليل "مفهوم التاريخانية"، وفهمه عن العروي، الذي يشكل عنده دعوة صريحة للعودة الى قراءة الماضي بشكل موضوعي، لحل مسألة التأخر التاريخي العربي، والانخراط في مشروع حداثي، لافتة الى أن مكتسبات الحداثة مشترك إنساني، ولا يمكن ردها إلى أصالة مخصوصة للقومية او الهوية، او الجغرافيا او أي نزعة مركزية اخرى.
وربطت جبور هذا المفهوم بـ"أحداث الربيع العربي"، التي شهدتها المنطقة مع بداية عام 2010، وما زالت مستمرة، التي لها اسبابها الداخلية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري في المنطقة العربية، ويجمعها قاسم مشترك هو "التأخر الاقتصادي، الاجتماعي، الفكري"، الذي أحكم سيطرته على المجتمعات العربية.
وترى الكاتبة أن هذه العوامل ستقود المنطقة الى مرحلة خطرة من تاريخها الحديث وستنذر بالحروب والصراعات الطائفية، الأمر الذي يوجب على المجتمعات اعتناق الفكر الغربي الحديث بمقولاته الأساسية، وهي: العقلانية، والنقد والتقدم ومسؤولية الإنسان وتحقيق هذا التحول لا يكون إلا من خلال القطيعة المعرفية مع التراث، أي القطيعة مع الأساليب والمناهج التقليدية واستخدام الأساليب والمناهج العقلية الحديثة المعاصرة لتجاوز حالة التأخير والفوات الحضارة.
وتوضح جبور أن مفهوم "التاريخانية"، عند العروي هو المدخل الأنسب لتحديث المجتمعات العربية وعقلنتها، وتأكيده على أن هذه التاريخانية هي منهج لفهم الواقع السياسي والثقافي، وتحليل التراث الذي تعلق لقرون عديدة بالتجربة العربية الإسلامية.
وتشير المؤلفة الى أن فكرة التاريخانية عند العروي تنطوي على اشكاليات عدة منها "نظرته للواقع العربي الموصوف بالجمود الحضاري والأزمة التي تعانيها الثقافة العربية المعاصرة، وتأرجحها بين مستويات من الفكر السلفي الذي ينادي بالأصالة والتراث والفكر الانتقائي الذي يدعو الى الحداثة، وهوية الانتقائي والسلفي التي تقوم على الفهم والتقليد السطحي منتهية بالتغريب مع بيان العراقيل التي تواجه المجتمعات العربية لتنهج الحداثة.