صدور "حفريات النص الشعري الجذري" بدعم من وزارة الثقافة

figuur-i
figuur-i

عزيزة علي

عمان – يقول الناقد د. عبد القادر الرباعي إن النظرية التأويلية هي عامة إلا أنها تمس القراءة النقدية للفنون والآداب جميعها؛ فالأدب بطبيعة تكوينه الإنساني واللغوي والفني، معقد الأدوات، غامض المعاني، بعيد الآفاق، قابل للاختلاف أكثر من الاتفاق.اضافة اعلان
ويرى المؤلف في كتابه "حفريات النص الشعري الجذري"، الصادر بدعم من وزارة الثقافة، أن الأذواق متباينة في التفسير لأنها ترتد لطبيعة التركيب البشري للذوات؛ فما دام الأفراد مختلفين، فهم مختلفون في الطبائع والأمزجة والاستقبال، وكل الأحوال الإبداعية التي لها علاقة بالقلب والشعور وتستخدم الخيال عنصرا أساسيا في تشكلها تستدعي خصوصية فردية في الإنسان الموجد لها. وهذه الخصوصية يغلفها ستار من اللغة التركيبية البنائية الغامضة التي لا تبين ما فيها من كوامن المعنى بفهم قريب.
ويشير الرباعي في إلى أنه في هذا الكتاب يقع عبر مجرى اهتمام المؤلف المتوالية في القراءة الجمالية لنصوص مختارة من اصول الشعري العربي، ويلتصق في القراءة التحليلية للنص الشعري ببعض تلك النظريات كالهرمنيوطيقا "التأويلية"، والسيمائية، وجماليات التلقي، وغيرها من نظريات ما بعد الحداثة المواجهة للقارئ.
تناولت فصول الكتاب الصادر عن دار الأهلية للنشر والتوزيع-عمان، تمثلات نقدية جذرية احتاجت قدرا من التأويل المختلف للشعر فيها، وللوصول الممكن لحل تلك الإشكالات الإيحائية الغامضة استخدم المؤلف نظرية التأويل كالفهم، والتفسير، والتمثل والتطبيق.
يضم الكتاب أربعة فصول، يبحث الاول في الجانب النظري وهو التأويلية أو نظرية الهرمنيوطيقا التي بدأت بالتأويل الديني، والانتقال الى الفلسفة، فالعلوم الإنسانية بشكل عام.
يتحدث الفصل الثاني عن بداية التمثل أو التطبيق العملي، وفيه يقرأ المؤلف قصيدة البردة لكعب بن زهير قراءة سيميائية تأويلية. فيما ركز الفصل الثالث على قراءة قصيدة ذات أفق تأصيلي هي عينية ابن المعتز، لما تمثله من إشكالات المعنى الضمني القابع خلف الكلمات، فيما انشغل الفصل الرابع بتمثلات نقدية جذرية احتاجت قدرا من التأويل المختلف، للوصول لحل تلك الإشكالات الإيحائية الغامضة، فقد استخدم المؤلف تمثلات نظرية التأويل كالفهم، والتفسير، والتمثل والتطبيق، وفي هذا الفصل تأملات بعض النماذج التطبيقية في النقد العربي، ذات الأثر الواضح لنقاد الشعر الذين وقفوا مواقف متساوقة حينا، ومتباينة أحيانا، في اثناء المسيرة النقدية العربية زمن ألقه في القرون الأولى.
يوضح الرباعي في مقدمة كتابه: إنه منذ كتابه الأول "الصورة في شعر أبي تمام"، في العام 1976، كسر مفهوما مكرَّسا للتفريق بين الشعرين القديم والحديث إبداعا ونقدا، وهو مفهوم تبنّاه "نفرٌ محافظ ومؤثر في بعض الأوساط المعرفية والنقدية". ويدعو الرباعي إلى التعامل مع الفن والشعر على أساس خصوصيته الخاصة، بعيدا عن التصنيف الذي يمكن ان يزعزع تلك الخصوصية، ومن ذلك التقسيمات المكانية والزمانية، لأن للفن روحا تحيا بالموهبة والإبداع والتشكيل الفني الراقي.
ويضيف المؤلف: لقد كُرِّس ذلك منذ أن عرف التاريخ طبيعة الكلمة الفنية النابضة بالحياة والجمال والإنسان، زمن أفلاطون وأرسطو ومن تلاهما كالجاحظ والجرجاني وحازم القرطاجني. ومن ذلك الشعر اليوناني والروماني إلى يومنا هذا.
وفي خاتمة الكتاب يقول الرباعي إن مهمة التأويل الأساسية تتمثل في ثالوث أساسي فيه كل الأفكار وتحولاتها، والإشكالات وحلولها عبر مكوناته، وهي: الفهم؛ وهو أساس لكل ما سواه، لأن الفهم السليم، أو الإدراك الناضج لفحوى الكلام هو عمود التكوين التأويلي كله، فإذا صح، صح ما بعده، وإذا اختل، اختل كل ما يتلوه.
اما التفسير؛ فهو بحسب المؤلف، الخطوة العملية الأولية التي تتلو الفهم.. لأن التفسير هو نقطة في حركة التأويل وليس نهايته، اما التطبيق فهو جماع أمر الفهم والتفسير بقدرة الإدراك الواعي والاستنباط الذاتي الحكيم. ولأن التطبيق له خصوصية الإدراك والتطبيق العملي.
ويذكر ان الدكتور عبد القادر الرباعي المولود في محافظة اربد قد صدر له مجموعة من المؤلفات منها "الصورة الفنية في شعر أبي تمام"، "الصورة الفنية في النقد الشعري"،"الطير في الشعر الجاهلي"،"في تشكيل الخطاب النقدي: مقاربات منهجية معاصرة"،"جماليات المعنى الشعري: التشكيل والتأويل"، "جماليات المعنى الشعري"، "شعر آل بني أمية"، "عرار: الرؤيا والفن.. قراءة من الداخل"، "شاعر السمو زهير بن أبي سلمى: الصورة الفنية في شعره"، "تحولات النقد الأدبي"، "جهود استشراقية معاصرة في قراءة الشعر العربي القديم: ريناتا ياكوبي نموذجاً".