صدور كتاب "صنع السياسات العامة" لحسن عبدالله الدعجه

عزيزة علي

عمان- ضمن سلسلة كتب ثقافية، صدر عن وزارة الثقافة كتاب بعنوان "صنع السياسات العامة"، لرئيس قسم الإعلام والدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال، الدكتور حسن عبدالله الدعجه.اضافة اعلان
الكتاب جاء في ثمانية فصول يتحدث الأول عن نشأة المفهوم وتطوره والمصطلحات ذات العلاقة، فيما يتناول الفصل الثاني اتجاهات مفهوم السياسة العامة وخصائصها وأهميتها وأهدافها ومكوناتها ومستوياتها ومجالاتها وتصنيف أنواعها، بينما يتناول الفصل الثالث مفهوم تحليل السياسات العامة وتطورها وقضاياها ومحتواها ومدارسها الفكرية وخصائص السياسات العامة ومراحلها وشروط تحليلها. ويستعرض الفصل الرابع مناهج وأدوات تحليل السياسات العامة وهي "إطار تحليل النظم ومنهج مصنع القرار، والإطار البنائي، الوظيفي والإطار المؤسسي، والجماعة والنخبة ونظرية المباراة وأساليب دراسة السياسات العامة".
كما يتحدث الفصل الخامس عن البيئة المؤثرة في صناعة السياسة العامة ومستويات أنواع الثقافة السياسية ومحددات الثقافة السياسية والعوامل الداخلية المؤثرة في صنع السياسة والمتغيرات الدولية كذلك، ويقدم الفصل السادس دراسة لصناع السياسات العامة ومراحلها ودور المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في صنع السياسات العامة ومنهجية صياغتها واستراتيجياتها وأنماطها، واتخاذ قرارات السياسة العامة وخصائص صنعها والمشاكل التي تواجه عملية صنع السياسة العامة.
كما يتناول الفصل السابع تنفيذ السياسات العامة والجهات المعنية بتنفيذها والاعتبارات الإدارية المصاحبة لذلك، وأساليب تنفيذها وعناصرها ودراسة الاختلاف حولها كعملية سياسية أو إدارية تنفيذية، والصعوبات المرافقة لتلك العمليات، فيما يعالج الفصل الثامن تقويم السياسات العامة وأهميتها وأساليب تقويمها ومراحله وخطواته ومؤشراته والمشاركين في عملية التقويم.
في مقدمته للكتاب يرى الدعجة، أنه لا يمكن تناول كيفية صنع السياسات العامة دون أن نأخذ بعين الاعتبار تحليل السياسات العامة وأهميتها، لأن تحليل السياسات العامة يترافق معها منذ البداية وفي أثناء التنفيذ والتقييم حتى الانتهاء من ذلك، علاوة على دراسة السياسات العامة السابقة والحالية والمقبلة وتحليلها، للاستفادة منها في اكتساب الخبرة وتقليل الخسائر وتعظيم المكاسب في صنع السياسات العامة الجديدة وتنفيذها.
ويرى أن حقل السياسة العامة أرسى ذاته من خلال تطوره في جامعات وكليات عريقة مثل كلية "هاريس لدراسات السياسات العامة"، بجامعة شكاغو وكلية "هاينز"، بجامعة كارنيجي ميلون، وكلية "جون كيندي"، الحكومية بجامعة هارفرد، علاوة على الجامعات الأوروبية والصينية وغيرها على مستوى العالم فقد أولت الجامعات العربية أهمية لتدريس السياسات العامة في أقسامها العلمية المتعددة التخصصات التي تجمع بين مجالات العلوم السياسية والاقتصادية والعلوم الاجتماعية والإدارة العامة.
ويشير الدعجه إلى أن تحليل السياسات بالمعنى العلمي يكتسب أهمية خاصة لأنه يقوم على دراسة الجدوى السياسية والاقتصادية والمالية من خلال بيان نتائج البرامج المنفذة وآثارها على المجتمع، كما أنها تعطي ميزة استراتيجية لصانع القرار لاختيار بديل مناسب بعد تحليل السياسات العامة ليتوصل إلى أسهل الطرق وأوفر التكاليف في تنفيذ السياسة العامة وصنعها، كما يوضح البدائل الممكن تنفيذها التي تتوافق مع الأهداف المحددة، وتأتي عملية تقييم السياسات العامة لتدارك ما يمكن تداركه، وتوفير الجهد والمال في حال ظهور خلل ما أو الابتعاد عن تحقيق الأهداف المرسومة مسبقا، كما تقيم وتحلل الآثار المتوقعة وغير المعتمدة عند التنفيذ.
ويعتبر المؤلف أن السياسات العامة هي البرامج الحكومية التي تسعى لتحقيق أهداف النظام السياسي وغاياته، كما أنها تظهر مستويات الصراع والتنافس وتوازنات القوى السياسية والاجتماعية والنخبوية المؤثرة في صنع السياسات العامة وتنفيذها وهذه بدورها مرتبطة بالثقافة السياسية والقيم الأيدولوجية في مؤسسة الحكم والمجتمع.
ويوضح الدعجه أن دراسة السياسة العامة لا تتم بمعزل عن دراسة النظام السياسي؛ لأن فهم بنى المؤسسات السياسية لنظام سياسي يؤدي لفهم نشاطات الدولة والحكومة بشكل خاص من خلال دراسة مدخلات النظام ومخرجاته، وتأتي أهمية دراسة السياسة العامة من كونها تدخل في صلب نشاط الحكومة وبرامجها داخل الدولة، وقد تتعدد أساليب صنع السياسات العامة، حسب تعدد أشكال الأنظمة السياسة، لكنها تجتمع في قواسم مشتركة تعبر عنها البنى السياسية الرسمية، وكذلك المؤسسات غير الرسمية، ففي العالم اليوم وفي ظل السماوات المفتوحة، وتدفق المعلومات وسهولة التواصل الإعلامي الرسمي وغير الرسمي اتسمت الشرائح المشاركة في صنعها وتنفيذها، بعد أن كانت حكرا على المؤسسات الرسمية لعهد قريب.
ويبين أن تطور السياسة العامة من قبل المسؤولين والوكالات الحكومية عامة، وهو عمل موجه نحو هدف معين، وهو ليس سلوكا عشوائيا أو مصادفة؛ فالسياسات تطورت عبر مسارات ومحطات زمنية من قبل مؤسسات وجامعات وهيئات حتى استقرت كعلم، وجاءت بعد ضرورة ملحة لتوجيه البرامج الحكومية الهادفة للنهوض بالمتطلبات المتزايدة للمجتمع، والسياسات العامة تظهر في أغلبها استجابة لمطالب الجهات الفاعلة الأخرى في الحكومة، ومؤسسات المجتمع المدني وجامعات الضغط والمصالح وشرائح المجتمع المختلفة.