صراع ميدانه النفايات بين "الأمانة" ونابشي الحاويات

طفل ينبش حاوية نفايات باحد احياء عمان مؤخرا  - (تصوير: محمد ابو غوش)
طفل ينبش حاوية نفايات باحد احياء عمان مؤخرا - (تصوير: محمد ابو غوش)

مؤيد أبو صبيح

عمان- يعكس حجم السجال حول "النفايات" أهمية مردودها المالي، سواء على أمانة عمان الكبرى أو نابشي النفايات، فيما تقول الأمانة إن "خسائرها المرئية وغير المرئية زادت على خمسة ملايين دينار"، جراء حرق المكبات من قبل "النابشين"، عدا الخسائر الأخرى التي يخلفها "نبش الحاويات".
وفي وقت تؤكد "الأمانة" أن النفايات هي "ملك لها بحكم القانون"، يرى نابشون أنها "تزاحمهم على أرزاقهم، وتسعى جاهدة للتضييق عليهم بشتى السبل".
وفي هذا الصدد، أكد أمين عمان عقل بلتاجي في تعميم صادر عنه لمديري المناطق، ضرورة أن "يقوم مراقبو الأحياء بتعقب النابشين وتحديد هويتهم ومكان إقامتهم وإبلاغ الشؤون القانونية في الأمانة لتقديم شكوى بحقهم أمام المدعي العام".
وفيما تقر الأمانة بعدم وجود تشريعات ضابطة للحد من انتشار "النابشين"، ترى من جانب آخر، ضرورة رفع وعي هؤلاء بالمخاطر المحدقة بـ"مهنتهم"، جراء تماسهم المباشر بالنفايات، واحتمالية نقل الأمراض لأسرهم وأطفالهم الذين يختلطون بدورهم بمجتمع أكبر في المدارس ومناشط الحياة العامة الأخرى، مطالبة المجتمع ككل بتبني فكرة التوعية كونه معنيا بالأمر.
وفي جولة صباحية لـ"الغد" أمس على أحياء في عمان الشرقية، شوهد أطفال ورجال ونساء يمتهنون "النبش" كمصدر رزق لهم.
ويقول زياد بلال وهو طفل نحيل يمتهن "النبش" في منطقة أبو علندا: "يبدأ نهاري عند الخامسة صباحا، فأمشط الحاويات على قدميّ، حاملا على ظهري "كيس خيش" أجمع فيه كل ما يمكن أن أستفيد منه".
ويضيف أن عملية الجمع تستهدف مواد البلاستيك، والحديد، وعلب المشروبات الغازية، والخبز الجاف الذي يباع كطعام للماشية، وأسلاك الكهرباء لحرقها للاستفادة من مادة النحاس فيها.
ويؤكد بلال الذي قال إنه يعود لأسرته يوميا بغلة من النقود، أن هناك "تجارا كثرا ينتظرونه لشراء ما يجود به "كيس الخيش"، رافضا في الوقت ذاته تسمية التجار بـ"مافيا النفايات"".
ويقول: "الكل يلقّط رزقه.. لكن الله يبعد أمانة عمان عنا.. موظفوها يتعقبوننا يوميا، وفي كثير من الأحيان يتم الاشتباك معهم".
ويعد زياد واحدا من بين ألف نابش ونابشة يعتاشون على "الحاويات" وفقا لتقديرات الأمانة، في وقت تقول فيه إن لهذه المهنة "تداعيات صحية واجتماعية على نابشيها وأسرهم".
أم فيصل ستينية بدا عليها التعب، تجوب الأحياء عقب صلاة الفجر مع زوجها في بكب متهالك، تقول: "هذا رزقنا من سنوات.. أعتاش أنا وزوجي وعائلتي على النبش.. لكن أحاول أن أظفر بما غلا ثمنه وخف وزنه، وهناك الكثير من هذا وذاك".
لكن أم فيصل تشير إلى أنها لا تحبذ لأحد من أبنائها امتهان "النبش".
وعن الأمراض التي من الممكن أن تصيبها وتنقلها لمن يعيش معها تقول: "الله بحمي.. والله من سنوات واحنا بنشتغل... هالسنتين بس سمعنا بها الأمراض".
وعن نظرة المجتمع لها، تؤكد: "اللي بحبني بتعامل معي.. الكل بعرف إنا بنعيش على الزبالة، وهذا الشي مش عيب.. العيب أن نمد إيدينا للناس نشحد".
وكانت دراسة سابقة نشرتها "الغد"، كشفت عن أن الدخل الشهري المتأتي لـ"نابشي النفايات" يتراوح بين 300- 900 دينار.
وأضافت الدراسة التي أجريت مؤخرا لمصلحة "الأمانة"، أن "116 "نابشا" و15 "وسيطا" يعتاشون على "نبش النفايات"، 96 % منهم لا يعون خطورة مهنتهم، لجهة الأمراض التي يمكن أن تصيبهم، خصوصا مرض التيتانوس".
ويعتبر "التيتانوس"، مرضا حادا ومميتا في أغلب الأحيان، ينتج عن إفراز سموم بكتيريا التيتانوس العضوية، وتحتوي على بكتيريا أخرى لا هوائية تنمو تحت الجلد في المكان المصاب.
وتتراوح نسبة الوفيات بين المصابين بهذا المرض من 50-60 %، أما المرضى الذين يبقون على قيد الحياة فيشفون تماما.
من جهتهم، يفضل "النابشون" الانضواء تحت "جمعية أو نقابة" تدافع عن حقوقهم في وجه كل من "يتغول على رزقهم"، بحسبهم، فيما يؤكد مدير دائرة ترخيص المهن في الأمانة المهندس علي حديدي أنه "لم يتقدم للأمانة خلال الأعوام الماضية أي طلب لترخيص امتهان نبش النفايات وفرزها وتدويرها".

اضافة اعلان

[email protected]