صروح رياضية خاوية وامكانيات مادية معدومة

صروح رياضية خاوية وامكانيات مادية معدومة
صروح رياضية خاوية وامكانيات مادية معدومة

 واقع حزين للرياضة الاردنية في الجنوب
 

 أحمد الرواشدة

 العقبة - في العقبة ومعان حدث ولا حرج. صورة مشوهة للغاية لكرة القدم، فالأندية الرياضية صروح قائمة خاوية على عروشها وفرق رياضية ضائعة بانتظار معجزة تحركها، كرة قدم يائسة في ظل وجود هيئات إدارية ولجان بائسة، وواقع مادي مرير وبعد المسافة لها التأثير الكبير، وفرق غارقة في سباتها العميق تحت سمع وبصر السائل والمسؤول، ويظل الحراك في بعضها تداولا للهيمنة العشائرية في هيئات تحيا يوم الانتخاب وتغيب عامين، فلا القطاع الخاص المتردي قادر على ترك بصمات على المشهد الرياضي ولا المجمعات الرياضية تساهم في لملمة الحركة الرياضية، ولا الرياضة المدرسية التي أعياها ضعف الأندية متعافية للتعويض عن السبات الملموس فضلا عن ضعف الامكانات المادية ونقص الملاعب وقلة المدربين والحكام المصنفين، وعلى العموم وضع كرة الجنوب بشكل عام ومعان والعقبة على وجه التخصيص لا يسر احدا، من هنا سلط ”التحدي" الضوء على كرة القدم الحزينة في معان والعقبة لعل أن نضع ما تعاني منه من معوقات وتطلعات في المستقبل مع إننا واثقون أن الخلل يبدأ من هنا من الأندية، فكان هذا التقرير نضعه دون زيف أو ريب أو لحظة تجني .

اضافة اعلان

 مرارة وحزن

يقول رئيس نادي الخليج فهد العطيوي بكل مرارة وحزن انه غير متفائل نهائيا بنهوض كرة القدم في الجنوب وبالأخص الإقليم السياحي البحري العقبة وعلل ذلك بقوله : إننا  بعيدون كل البعد في أفكارنا وسلوكنا عن بداية انطلاق حقيقي لكرة القدم، ففي محافظة العقبة تراوح مكانها فيما بين مد وجزر بعد أن كانت يشار لها بالبنان ونافست أقوى الفرق واستطاعت أن تثبت جدارتها وموقعها على مستوى الوطن أما الآن فكلما تدور العجلة إلى الأمام تأتي ظروف استثنائية لتعود بها للخلف ومن أهمها البعد الجغرافي مركز النشاطات وما يرتبط بالظروف المادية إضافة إلى أن العقبة مدينة عمالية إذ إن معظم اللاعبين يعملون لدى مؤسسات وشركات تعمل بنظام الورديات بمعنى 24 ساعة الأمر الذي نجد فيه صعوبة في تجميع اللاعبين فالجهد مبعثر ما بين جرعة تدريبه وأخرى، إضافة الى ذلك فان من الأسباب الرئيسية عدم توفر ملعب بديل لغايات التدريب لتخفيف الضغط على الملعب المنجل الرئيسي.

اللاعب منير السوالقة يقول انه منذ ثمانية أعوام لاحظ أن هنالك بعض الملاحظات الجديرة بالاهتمام والتي تعتبر عائقا أمام تقدم الرياضة في محافظة معان بشكل خاص وفي الجنوب بشكل عام ومنها أن الامكانات المادية غير متوفرة حيث لا يوجد شركات أو مؤسسات قطاع خاص تدعم قطاع الشباب أو تتبناه كما يحصل في العاصمة عمان أو في مدن الشمال، والنقطة الأخرى هي عدم وجود مدربين مؤهلين في مختلف الألعاب ومنها كرة القدم بالإضافة إلى عدم قدرة الجهات أو الأندية الرياضية والإدارات المشرفة عليها بتبني هذه القضايا نتيجة لضعف الخبرات في المجال الشبابي والرياضي، حيث أن معظم الإدارات في الأندية تأتي كوجاهة ولها أجندة خاصة بها ترغب من تحقيقها من خلال الوصول إلى كرسي الرئاسة ناهيك عن عدم التجانس بين أعضاء الهيئات الإدارية في الأفكار والطروحات والنقطة الأخيرة هي أن معظم اللاعبين عندما يكونون في الملعب تنتابهم نزعة الأنانية وحب الظهور على حساب الفريق، حيث أن كل لاعب يلعب بمفرده بعيدا عن توجيهات المدربين وحينها تصبح النتائج لا تحمد عقباها.

ويضيف زميله اللاعب عباس الرواد أن الواقع الحالي الرياضي بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص هو شبه ميت لولا وجود بعض الفرق التي تحاول النهوض بالرياضة والتي لا تجد من يساندها ويعود هذا الواقع إلى أسباب كثيرة منها عدم فاعلية اللجان الموجودة في معان ومحافظات الجنوب لتفعيل الحركة الرياضية وخاصة لجنة كرة القدم إضافة الى قلة الموارد المالية في الأندية على وجه العموم، الى جانب عدم الاهتمام بشكل عام بالرياضة في الجنوب من قبل الاتحادات، حيث يكوم التركيز كل التركيز على قلة الموارد المادية لأننا وكما هو معلوم لا وجود للرياضة إذا لم تكن هناك إمكانات مادية وحسية فمثلا أنا لعبتي المفضلة كرة القدم لكن لا أستطيع ممارستها إلا مع الفرق الشعبية من إنني لاعب في نادي معان إلا أن هذه اللعبة في النادي تكون مواسم عند بداية الدوري فقط وشبه المعدومة، ويتطلع الرواد بعين الحزن أن لرياضة كرة القدم من وجهة نظره لان ولم تنهض في مدينتنا وذلك لنفس الأسباب السابقة متمنيا أن يتم وضع لجان فعالة تكون مهمتها التفعيل والعمل المستمر دائما، لا للمناصب الفضفاضة والحديث المزيف.

ويشير رئيس نادي وادي موسى حسين الحسنات ان من أسباب انطفاء كرة القدم في الجنوب وخاصة في لواء البتراء التابع لمحافظة معان هو عدم وجود منشآات رياضية في اللواء إضافة الى بعد المسافة عن اقرب صرح رياضي الى جانب انشغال الكثير من اللاعبين مما يعيق تجميع اللاعبين ونقص المحافظة الى الكوادر التدريبية والحكمية المؤهلة وان كان فإنهم ينقرضون ليعملوا في العاصمة عمان دون الاستفادة منهم ، إضافة الى عدم فعالية القطاعات في المحافظة وخاصة القطاع السياحي الذي نعول عليه الكثير في دعم الرياضة إلا أن هذا القطاع بدأ بالتلاشي وذهب من آتى .

وفي معان  للدكتور راتب الداوود نجم فريق الرمثا ومنتخبنا الوطني سابقاً وهو الآن محاضر في جامعة الحسين بن طلال  وجهة نظره الخاصة به، إذ يقول أن العنصر المادي على الإطلاق لم يكن حجر عثر في طريق كرة القدم إذ يعتبر الداوود أنها معزز للإنجاز فقط وربما تكون صحيحة، لكنه ينحي بشدة باللائمة على إدارات الأندية هنا في الجنوب فهي التي لا تقوم بإثبات وجودها من خلال الاهتمام بفرق الكرة، فانه يرى صروحا رياضية وملاعب منجلة بالعشب الطبيعي يرتادها الزوار للسياحة فقط تصرف عليها عشرات الآلف دون فائدة وهي في الحقيقة أفضل من منشآت وملاعب عمان والشمال ، ورسم صورة حزينة للكرة في معان، مطالباً بإيجاد قاعدة للناشئين لعل وعسى أن تكون فائدتها في المستقبل أفضل من الصورة المشوهة حالياً.  

 واقع كروي

ويعتبر رئيس نادي الفرذخ الرياضي هيثم النعيمات مدرس مادة التربية الرياضية في جامعة الحسين بن طلال أن الواقع الكروي لكرة القدم في محافظة معان جزء من صورة شاملة هي واقع الحركة الرياضية في هذه المحافظة وفي إقليم الجنوب بشكل عام وهذه الصورة ملامحها شبابية وتثير كثيرا من التساؤلات، فسلم تصاعد شعبية كرة القدم مستمر ويفرض نفسه على الرياضات الأخرى سواء  الفردية أو الجماعية وهذا السلم المتصاعد قد يكون في الاتجاه الخاطىء ويحتاج إلى الوقوف وإعادة النظر لوضع اليد على مواطئ الضعف والتقصير وطرح البدائل والحلول المناسبة مع العلم أن هناك ناديين يشاركان في دوري كرة القدم (الدرجة الثالثة) من أصل اثني عشر ناديا! ومن الأسباب التي تفرض نفسها لهذا الواقع ولهذا المستقبل الاتجاه الأفقي لهذه الأندية ورعايتها لنشاط كرة القدم بصورة بدائية وبالتالي فان المستويات والنتائج ضعيفة لم تخرج من أروقة تبديل الملابس, مع اقتصار هذه الأندية للكوادر الرياضية المؤهلة والمختصة والتي تمتلك الفلسفة والرؤية الخاصة بعالم كرة القدم ، إضافة إلى ذلك عدم قيام مديرية شباب معان بدورها في تفعيل رياضة كرة القدم وهذه الأخيرة التي تمتلك الأسباب التي تدافع بها عن مقدار التقصير وتجمل بضعف الموارد المالية وانقطاع الاتصال مع الأندية ، ولا ننسى عدم الاهتمام بالقاعدة التي من خلالها يمكن إطلاق طاقات هائلة في رياضة كرة القدم وهي المدارس ولهذه قصة أخرى تبدأ بعدم توفر الساحات الخاصة بكرة القدم في الحرم المدرسي وتنتهي بغياب الدوري المدرسي بين مدارس المحافظة ومرورا بالخوف من تأثير رياضة كرة القدم على المستوى التحصيلي والدراسي.

ويقترح النعيمات وضع اقتراحات تعمل على تحسين مستوى كرة القدم في المحافظة ومنها العمل على دمج الأندية المتقاربة من بعضها بعضا للاستفادة من الطاقات المشتتة والتشرذم هنا وهناك في ناد موحد يمكن أن يوفر ويعد أجيالا من ممارسي كرة القدم بصورة متتالية وبالتالي فإن فتح فرص التنافس بينها وتحقيق النتائج يكون بصورة أكبر، إضافة الى إنشاء المراكز الصيفية لتدريب كرة القدم تحت إشراف قيادة مؤهلة ومختصة ولا ننسى تفعيل التفوق الرياضي الخاص بكرة القدم في المدارس.

 مراكز الواعدين

عضو إدارة نادي معان حسين الرواشدة يقول : للحق وللحقيقية وبكل حزن تفتقر محافظة معان لمراكز الأمير علي بن الحسين للواعدين منذ أن أنشئت ، لا نعلم ما هو السبب؟!. مع أن معان تزخر بالناشئة وبالمواهب الرياضية وبشتى الألعاب وخاصة في مجال كرة القدم، وان البنية الرياضية التحتية موجودة وهي بأفضل حالاتها مقارنة مع مرافق ومنشآت رياضية في محافظات أخرى، ويتساءل الرواشدة:  لماذا يشار لنا  بإصبع الاتهام أنهم فاشلون أنهم، فهذا السؤال يدور في أدمغة الكثير وخاصة أم الألعاب الرياضية وبؤرتها العاصمة " عمان"، والسبب والدليل الدامغ أمامنا لا مجال في الشك فيه أن أوضاع أندية الجنوب وخاصة معان المادية متواضعة جداً لا تستطيع الاستمرار في الأنفاق على فرقها الرياضية، فتتوقف تماماً الكرة ، كما أن في  محافظة معان 16 ناديا  يتوفر في الأغلب منها فرق لكرة القدم ، لكنها دائماً متعثرة تراوح مكانها في الدرجة الثالثة وأحياناً تصعد إلى الثانية ليس بالمثابرة والتدريب أنما الحظ يلعب دوراً كبيراً، والسبب في ذلك أن معظم اللاعبين يلتحقون بالدراسة الجامعية في خارج المحافظة وبعضهم القليل إلى العمل أيضاً خارج المحافظة كالقوات المسلحة الأردنية، وآخرون يبقون لكن ينقصهم الكوادر التدريبية  المؤهلة، وغالباً ما يحبطون لعدم توفر الأدوات والمعسكرات المختلفة، فلا يحققون أي تقدم أو نجاح، من هنا فقد ناشد عدد كبير من الفعاليات الرياضية والشبابية عبر " الغد " والتي طرحت هذا الموضوع عدة مرات بإقامة هذه المراكز للبراعم الناشئة بكرة القدم التي تعد اللعبة الأولى في العالم وفي كل مكان ، فإقامة هذه المراكز تنبأ بمستقل واعد إذا ما أحسن استغلالها  أسوة بباقي المحافظات، ولتقليل الكلفة المادية على الأندية الرياضية ، والخروج نوعاً من الاتهام البغيض الذي يرافقنا أينما كنا.

ويقول الزميل منصور كريشان ان محافظة معان تشكل ما نسبته 48 % من مساحة المملكة الإجمالية والغالبية العظمى من أبناء المحافظة هم من فئة الشباب أي ما يعادل 75 % من نسبة عدد السكان الذين هم البنية الأساسية للتقدم، فمحافظة معان تفتقر إلى وجود أي من المدارس الكروية التي ترعى هذه الفئة من الناشئين اسوة بباقي محافظات المملكة التي تنتشر فيها مراكز الأمير علي للواعدين والمدارس الكروية المختلفة، فمحافظة معان يوجد فيها 16 ناديا موزعة على ألوية الشوبك والبتراء والحسينية ومعان ويرى كريشان انه وبالرغم من قلة الامكانات فان نادي معان من انشط الأندية التي تمارس نشاط كرة القدم فهو دأب منذ تأسيسه على تنظيم البطولات المختلفة، فمنذ سنوات يقيم النادي بطولة الشهيد منصور كريشان الرمضانية والتي يشارك فيها أندية الدرجة الممتازة مثل الفيصلي والرمثا وشباب الأردن وذات رأس وغيرها إضافة إلى أنه يشارك باستمرار في بطولات اتحاد الكرة والبطولات التي تقام في المناسبات الوطنية على مستوى محافظات الجنوب.

لكن الطالب بسام الخوالدة يختلف مع وجهة نظر الزميل كريشان ويعتبر الكرة معدومة لا وجود لها فالأندية لا تمارس رسالتها التي وجدت من اجلها، وتحتاج الكرة في معان الى عصا سحرية لتحركها وتدب فيها الروح من جديد، فلا مراكز تجدي نفعاً ولا لاعبين لديهم الدافعية لتقديم الأفضل في ظل عدم توفر الكفاءات التدريبية المؤهلة، ويقول الخوالدة من هنا تبدأ مواطئ الخلل ، وتأمل بعقد المزيد من الدورات التدريبية وتوسم بالزميل الخير لحصوله على الدورة الآسيوية (C) التي اختتمت قبل أيام لما لها من نهوض بالكرة المعانية، وعلق على دور الجامعات في هذا الخصوص ودورها الكبير في رفع سوية الكرة في المحافظة لما تتمتع به من خبرات في هذا المجال.