صغار التوراة.. حاخامات بلا أخلاق

صغار التوراة.. حاخامات بلا أخلاق
صغار التوراة.. حاخامات بلا أخلاق

هآرتس –  عكيفا الدار

في احدى المداولات العاصفة التي جرت في الاسبوع الماضي بين ممثلي السلطات في القدس وبين نشطاء الطائفة الاصولية في ذروة اعمال الشغب التي رافقت اعتقال الأم المتهمة بتجويع ابنها، دافع أحد الاصوليين عن النفس مدعيا ان المتظاهرين ليسوا الا اقلية منفلتة لا كوابح لها. معنى ذلك: لا تحولوا حرق مجموعة من عربات القمامة الى قضية كبيرة – فعندنا ايضا مثل المجتمع العلماني والطائفة الصهيونية الدينية هناك "اعشاب ضالة".

اضافة اعلان

للوهلة الأولى يبدو هذا التفسير منطقيا وحتى مطمئنا: فالاصوليون ايضا يقولون ان من قام بأعمال الشغب هم فقط ثلة من اصحاب الرؤوس الحامية. بعد يومين او ثلاثة سيهدأ هؤلاء الشبان وتهدأ مئة شعاريم لاربعين عاما طوالا. ولكن التمعن المعمق في هذه الذريعة التي تدعي انهم اقلية يظهر ان مرض القيادة قد اصاب ساحات الحاخامات الكبار.

من الممكن حتى تقبل احتجاج الجمهور الاصولي ضد ادخال امرأة اصولية الى السجن. ومن الممكن ايضا قبول الادعاء بان المشاغبين ليسوا الا اقلية هامشية من الاوساط المتطرفة والمناهضة للصهيونية من اتباع طريقة تولادوت اهارون وان المظاهرات التي تخرج عن السيطرة ليست من صنع تلاميذ المعاهد الدينية. ولكن كيف يعقل ان لا يظهر صديق واحد من بين مجلس كبار حاخامات التوراة في المكان ليطلق صرخة واحدة مطالبا بالتحقق من وضع اخوانه.

اليس هناك قائد واحد في مجلس حاخامات التوراة في حركة شاس يتجرأ على شجب المجرمين الذين يرهبون ويخيفون العاملات الاجتماعيات؟ إن صمت رجال الدين يشبه اباحة التهجم على الاختصاصيين والمسؤولين في الدولة.

الصمت الذي ألم بكبار رجال الدين في الوقت الذي ثارت فيه شبهات ثقيلة بوجود تنكيل واساءة لاطفال ليس ظاهرة عابرة. هذا الصمت اصابهم قبل عام في قضية يسرائيل والاس الشاب الاصولي الذي اشتبه به وادين اخيرا بالحاق اذى بليغ بطفله الرضيع. وحينئذ ايضا ترك اساتذة الجيل من رجال الدين رعاعهم ليقلبوا الساحات ظهرا على عقب وبدلا من التنديد بصوت مسموع بالاب الذي تعرض لابنه ونكل فيه، التزموا بصمتهم في احسن الاحوال. حاخامات غير قلائل يؤيدون اظهار الجاني كضحية جديدة للتعرض من قبل المؤسسة العلمانية.

عندما يكون هناك مجلس حاخامات فمن الذي يحتاج مجلس سلامة الطفل؟ إن الامهات اللواتي يجوعن اطفالهن كثيرات، كما نعلم، ولكن فقط عند آكلي الارانب.

اخراج طفل مضروب من المنزل سيلطخ سمعة أهله ويلحق ضررا بامكانية زواج اخواته واخوانه. إن الحاخامات الاصوليين يخافون على سمعة الكبار وخصوصا ذوي الحسب والنسب اكثر من خوفهم على سلامة الاطفال.

من الممكن فهم "قائد الضعفاء" ايلي يشاي (ولكن ليس تبرير موقفه بأي شكل من الاشكال)، الذي يستغل مكانته الجماهيرية لتخليص "تلميذ ذكي" من العقوبة بعد ان مس عن قصد باحدى العاملات في موقف السيارات. وفي اخر المطاف هذا يعتبر ناشطا سياسيا متوسط المرتبة لم يستوعب قواعد اللعبة الديمقراطية بعد. ولكن أي نموذج يمكن للحاخام الرئيسي في اسرائيل الحاخام شلومو عمار ان يعطيه من خلال التعبير عن رأيه بعزمه تعيين شخص أرعن شكل خطرا على حياة امرأة كقاض شرعي في اسرائيل؟  واي مغزى سيكون للقب القائد الروحي كهذا الشخص ان كان لا يحترم القانون؟

عبر السنين تعلمنا ان الديمقراطية والمساواة غير متوفرتين لدى الاصوليين ولكن هناك قيادة واخلاق. يتضح ان جيل القادة عندهم آخذ في النضب ايضا وان المصالح الشخصية والقبلية تتغلب على المعايير الاخلاقية. من الصعب توقع تعامل أي شخص باحترام مع قائد روحي يدير ظهره لرضيع يتضور جوعا. اي احترام يمكن ان يعامل به الحاخام الذي يصفح عن امرأة ترغب في تجويع ابنها حتى الموت؟

إن النفور من المؤسسة الصهيونية والعداء الاصولي للجهات التنفيذية في الدولة حول الحاخامات الى وسطاء بين جمهورهم وبين السلطات المحلية وجهاز الرفاه والمستشفيات وما الى ذلك، وهذه القناة الهامة من الاتصال تتيح الحفاظ على التعايش وازالة الالغام. لكن فقدان الصلاحيات الاخلاقية وتراجع سيطرة الحاخامات على جمهورهم يهدد بقطع هذا الخيط الضعيف اصلا.

 ليس بامكان الدولة ان تجبر الاشخاص الراشدين العاقلين على الحفاظ على الجسر. وينتهي تسامحها وصبرها عند النقطة التي يسقط فيها الاطفال الضعفاء في الهاوية.