صغار المتقاعدين العسكريين: هموم وآلام

كما في كل بيت معلم أو طالب، هناك متقاعد عسكري وربما أكثر. وهؤلاء المتقاعدون الذين ظهر حضورهم قويا في الآونة الأخيرة، كشريحة تطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وعلى الرغم من أهمية المطالب التي قدموها، إلا أنهم ليسوا جميعهم يعيشون هموماً واحدة، وليس كل ما تحدثوا به محل إجماع بين سواد المتقاعدين.

اضافة اعلان

نحو 80 % من المتقاعدين العسكريين هم من صغار الرتب العسكرية، من وكيل أو ملازم فما دون، وهؤلاء هم الأقل استفادة من الامتيازات التي حصل عليها المتقاعدون من ذوي الرتب العالية، ولذلك تظل ظروف صغار المتقاعدين جديرة بالاهتمام والبحث عن حلول. والسؤال: ما الذي يعاني منه المتقاعدون من صغار الرتب العسكرية؟ في حالة والدي المتقاعد منذ دهر، لم تعد مطالبته بالإصلاح السياسي مجدية، وبعد أن انتهى من تعليمنا جميعاً أضحى راتبه يكفيه هو والوالدة حفظهما الله. لكن ماذا نقول في الشباب الذين يخدمون نحو عشرين عاما في الجيش ويتقاعدون تحت سن الأربعين، وعندما يأتون للعمل في الجامعة كموظفي أمن أو في أي وظيفة أخرى، تغلق الأبواب في وجوههم، لأنه لا يجوز لهم الجمع بين التقاعد والراتب في أي مؤسسة حكومية، وهذا الشرط يطاول كل من يتقاضى تقاعدا يزيد على ثلاثمائة دينار.

راتب التقاعد لا يكفي أسرة أو يعلم أبناءها في الجامعات أو المدارس، والبحث عن فرصة عمل أخرى بعد التقاعد حق للجميع، لذا يجب رفع القيد الذي يحول دون الجمع بين راتبين.

ولأن الدولة واحدة، يجب أن تكون هناك عدالة، مثلا: كيف يُسمح لأستاذٍ جامعيّ عُيّن وزيراً لمدة شهرين، أن يعود لجامعته، ويجمع بين تقاعده كوزير وراتب الجامعة؟ أليس من العدل بين الناس المساواة في التشريعات؟ هل تُفصّل القوانين لمجموعات خاصة ويُترك غلابى المتقاعدين لبؤس القطاع الخاص وأحكامة القاسية؟

المتقاعدون يمكن تصنيفهم إلى أقسام، منهم الكبار ذوو الامتيازات، وهؤلاء يحصلون على معظم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والمنافع المالية من المؤسسة الاقتصادية الاجتماعية للمتقاعدين العسكريين؛ أما القسم الآخر فهم المتقاعدون من ضباط الصف، ويُشكِّل هؤلاء النسبة العالية، وهم الذين يناضلون لتوفير لقمة العيش ويضطرون إلى ما لا يضطر إليه الآخرون، وهؤلاء هم الواجب تحسين ظروف معيشتهم وحفظ كرامة أسرهم، وينصبّ اهتمامهم على العدالة وليس الإصلاح.

ومن بين المتقاعدين فئة لها كل الاحترام، وهم أصحاب الإصابات "الجسيمة" الذين تجاوزت نسبة عجزهم 40 ٪ من جميع الرتب، وهؤلاء يأملون بالحصول على إعفاء جمركي لسيارات تنقلهم، لكن ما حصل أن الإعفاء الجمركي حصل علية كبار الضباط. كما أن ضباط الصف لا يلقون الاهتمام الكافي، ولا يُسمح لهم حتى بالإفادة من نوادي الضباط في المحافظات؛ هذا ناهيك عن أن الوظائف الإدارية داخل المؤسسة الاقتصادية الاجتماعية للمتقاعدين العسكريين انحصرت في ما يبدو بالرتب العالية في حين تُركت وظائف الحراسة لضباط الصف.

صحيح أن المساواة الكاملة غير ممكنة، وقد لا تكون منطقية، وثمة فروق في الخدمة العسكرية بين جنرال وبين ضابط صف، وثمة فروق ربما ثقافية واجتماعية، لكن المهم هو السماح لضباط الصف الجمع بين راتب التقاعد والراتب في أي مؤسسة حكومية أخرى.

[email protected]