صغار يستثمرون "العيديات" لشراء مستلزمات مدرسية

Untitled-1
Untitled-1

منى ابو حمور

عمان- بعفوية وبراءة وحب، يحاول الصغار التعبير عن الامتنان اتجاه الآباء، ولو بأشياء بسيطة قد لا تصنع تغييرا كبيرا لكنها تفرح الأم والأب عندما يشعران أن أطفالهما يحاولون بكل الطرق ايصال رسائل تعكس الشعور بالمسؤولية.اضافة اعلان
في عيد الأضحى، شعر الكثير من الأطفال بالمسؤوليات التي تقع على عاتق الآباء، ربما بالأحاديث التي يسمعونها باستمرار أمامهم، عن غلاء الأسعار والالتزامات التي تزامنت سويا سواء بمصاريف العيد أو تأمين الحاجيات المدرسية مع اقتراب الدوام الرسمي.
لذلك، ببراءة قام أطفال بـ "التبرع" بالعيديات كجزء يساهموا من خلاله بشراء بعض الحاجيات المدرسية، ربما بالنسبة لأهال لن تقدم أو تؤخر مع الغلاء المعيشي المستمر، لكنها فتحت عيونهم على عقول أطفالهم والاحساس الكبير بالمسؤولية بأن يساعدوا حتى بمصروفهم وعيدياتهم البسيطة وادراكهم بأن متطلبات الحياة ليست سهلة.
وبطيبة قلبها وإحساسها العالي بالمسؤولية حرصت شهد (11 عاما) الاحتفاظ بكل ما جمعته من عيديات لشراء ما ينقصها من متطلبات المدرسة رغبة في التخفيف عن والديها ومشاركتهما بعض الأعباء المدرسية.
رغبة شهد طالبة الصف الخامس في شراء قرطاسيتها من عيديتها، جاء رغبة منها مع اقتراب العودة إلى المدارس، والذي يفرض زيادة في المصروف.
حال شهد حال العديد من الأطفال الذين جمعوا "عيدياتهم"، واتفقوا مع الآباء شراء قرطاسية المدرسة وكل ما ينقصهم من حقائب وملابس كل حسب إمكانياته، في حين قرر أطفال آخرون شراء كتب وقصص.
مجموعة من الأطفال تحدثوا مخططاتهم لإنفاق ماجمعوه في العيد من عيديات لشراء مستلزمات المدرسة، فقد قررت رفيف خالد (13عاما)، إصلاح جهازها اللوحي الذي تعطل قبل أشهر من من مصروفها في حين توجهت شقيقتها سوار (15 عاما) لشراء حذاء وملابس للرياضة للتخفيف عن والدها.
شعور بالفرح والسعادة غمر الطفلة ريتاج مجدي (13 عاما) وإخوانها الصغار بعد أن جمعوا نقود العيد وتوجهوا إلى أحد المراكز التجارية القريبة منهم مع والدتهم وقرروا شراء متطلبات المدرسة من مهرجان العودة إلى المدارس.
تقول "فرحت كثيرا لما تأكدت أني شلت حملا ولو صغيرا عن أهلي وقررنا أن نحافظ على أغراضنا وما نخربهم أبدا". كذلك الطفل عبدالله الذي قام بشراء "حصالة" قبل العيد بأيام وقرر أن يحتفظ بكل ما جمعه طوال أيام العيد وإنفاقه قبل قدوم المدرسة على مستلزماته.
أخصائي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش بدوره يشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية السائدة تفرض نفسها على الأسرة، حتى الأطفال يتكيفون مع معطياتها ومتطلباتها بصورة تسمح لهم بالوقوف إلى جانب الآباء بعفويتهم وتحمل الأعباء.
ويصف عايش ما يقوم به الأطفال بأنه أحد مظاهر الرشد الاقتصادي الذين يشعرون أن سلم الأولويات في هذه المرحلة تحمل جزء بسيط مع الأهل، وبالتالي المشاركة الوجدانية مع أهلهم ولو كانت صغيرة وغير مؤثرة بشكل كبير.
الظروف الاقتصادية للأسر وفق عايش وصلت إلى مستوى شعر خلالها الطفل من خلال ما يسمعه ويعايشه باستمرار أن الأوضاع الاقتصادية ليست دائما بخير وأن الأمور تحتاج إلى أن يوفر المعايدة التي حصل عليها لشراء بعض المتطلبات المدرسية وسد بعض النقص في احتياجاته.
ويلفت عايش إلى أن العودة إلى المدارس بعد عيد الأضحى حمّل الأسر أعباء مالية كبيرة، وبالتالي القدرة على الانفاق انخفضت وقد بدا ذلك واضحا خلال رصد الانفاق في عيد الأضحى المبارك.
في جميع الاحوال يقول عايش أن هذه المواقف من الكثير من الاطفال، تعبر عن احساس بالمسؤولية بمعناها البسيط تجاه الأهالي، خصوصا بظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها الأسرة.
من جهته يعتبر التربوي الدكتور عايش نوايسة تشجيع الأطفال على توفير مصروفهم للمساهمة في شراء احتياجات المدرسة توجهاً إبجابياً يساعد على إكتساب مهارات التخطيط والتفكير المستقبلي، لذا عمدت وزارة التربية والتعليم إلى طرح مساق تعليمي تحت مسمى الثقافة المالية يهدف إلى تمكين الأطفال من مهارات التخطيط المالي ومنها الإدخار والترشيد والانفاق وغيرها.
ويجد نوايسة إن المساهمة في شراء مستلزمات المدرسة يساعد الطفل على التصرف السليم وإعطائه ثقة بنفسه، كما ينمي لديه قيمة المال من خلال إنفاقه في المكان المناسب مثل حاجات المدرسة على سبيل المثال.
وكل ما سبق يشير إلى أنه بالإمكان تعليم الأطفال الأسلوب الصحيح لإنفاق النقود منذ وقت مبكر مثل المستلزمات المدرسية وهذا يؤدي إلى معرفتهم طرق وأساليب الإنفاق، وفق النوايسة.
ويلفت إلى أن إشراك الطفل في التخطيط لكيفية توفير مبلغ مالي من مصروفه ومن ثم صرفه على مستلزماته يربي لديه توجها مستقبليا لضبط إنفاقه وتوجيهه الوجهة الصحيحة"، لافتا إلى أن تنمية الإحساس بالمسؤولية والشعور بالالتزامات المترتبة على الوالدين وتعسر الوضع الاقتصادي يجعلهم أكثر تقديرا للحياة التي يعيشونها وأكثر قربا من أسرهم.