صفعة في وجه المتخاذلين في تطبيق القانون

تفتح قضية الاعتداء على الطبيبة روان في مستشفى الأمير حمزة نافذة ألم جديدة على الواقع الاجتماعي الذي نرزح تحت وطأته، إذ ليس من قيمنا أو عاداتنا أو عرفنا أو تقاليدنا وأخلاقنا الاعتداء على فتاة بهذا الشكل الهستيري، وبلا رأفة أو إنسانية.اضافة اعلان
هذه الحادثة، كذلك، تؤشر إلى تواصل تقصير نقابة الأطباء والحكومة في معالجة حالات الاعتداءات المتكررة على الأطباء في أماكن عملهم، وبلا أي ذنب، سوى أنهم يحاولون بشتى الطرق إنقاذ حياة الناس والتخفيف من معاناتهم، فروان الطبيبة ليست مسؤولة عن عدم توفر سرير في العناية المركزة، أو في الطوارئ، كما غيرها من الأطباء ممن لا يمكن تحميلهم أيضا عبء نقص الكوادر، وضعف الخدمات الصحية المقدمة، أو نقص الأدوية. هؤلاء الأطباء ليسوا مسؤولين عن فقدان ثقة المواطن بحكومته، وهو، أي المواطن، على قناعة تامة أن اتصالا هاتفيا واحدا، من أحد الأسماء الرنانة، من شأنه أن يوفر سريرا في أي قسم وبأي مستشفى، رغم أن كل ذلك لا يبرر ولا يعطي ضوءا أخضر لأي شخص لأن يعتدي على طبيب يسهر لعلاج مرضاه، ويمس إنسانيته بهذه الطريقة الهمجية!.
ما هي الضمانة الحقيقية لعدم تكرار مثل هذه الحوادث؟ هل علاجها يتم عبر تعزيز التواجد الأمني في المستشفيات فقط، أم برفع جهوزيتها وقدرتها الاستيعابية، أم بكلا الأمرين؟.
هناك طرف ثالث في هذه المعادلة، يتمثل في غياب ثقافة العلاج لدى المواطنين، والتي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى نقص في الأسرة، فليس معقولا أن تمتلئ أقسام الطوارئ بمرضى البرد والرشح، وهي أمراض قد يعالجها المرء بنفسه، أو يستطيع الذهاب نهارا إلى أي طبيب عام للحصول على وصفة طبية مناسبة، لا أن ينتظر لساعات الليل من أجل زيارة الطوارئ والتسبب بازدحام شديد يؤثر على الطاقة الاستيعابية لأي مستشفى بالمملكة. نقص التوعية في هذا الأمر يؤدي غالبا إلى مشاكل وتحديات يمكن تلافيها لو تحلى المواطن بهذه الثقافة.
وزير الداخلية سارع بالأمس إلى الاتصال بالطبيبة روان مؤكدا دعمه لها حتى تسترد حقها في القانون، ولأن الوزير يتحدث عن القانون وسيادته، فيجب أن ننطلق من حادثة هذه الطبيبة إلى معالجة سلوكيات مجتمعية سلبية بدأت تفوح رائحتها.. وبالقانون أيضا، بعيدا عن أي اعتبارات ومحسوبيات، فالتحديات التي تواجه المملكة داخليا وخارجيا لا تحتمل أي خلل مجتمعي.
الحديث عن سيادة القانون يا وزير الداخلية يجب ألا يأتي بالفزعة والتعاطف مع حادثة أو اثنتين، لأن الاعتداء على طبيبة مستشفى الأمير حمزة سيكون سطرا من التاريخ وسينتهي مفعوله عاجلا أم آجلا كما حدث مع حالات اعتداء عديدة سبقته، وسيزول أثره سريعا بصلحة وتنازل عن الحق. وتطبيق سيادة القانون ليس باستراتيجية نضعها ونتناساها لاحقا بانتهاء مفعول الألم الذي تعيشه الضحية، بل بتطبيق فعلي على أرض الواقع من أجل أن يكون درسا قاسيا لكل من يحاول العبث بأمن المجتمع والتعدي على الآخرين لمجرد الاختلاف معهم.
عمق الجرح الذي خطته كلمات الطبيبة روان على صفحتها على "فيس بوك" بمثابة صفعة قوية على وجوه المتخاذلين في تطبيق القانون، ممن يستهترون بكينونة الإنسان، ويعمدون إلى تهديد سلامته بلا أي سبب!.