صفقة القرن: من الجولان إلى يهودا والسامرة

إسرائيل هيوم ايال زيسر 23/4/2019 في حزيران القريب القادم، مع نهاية شهر رمضان، تعتزم إدارة ترامب نشر تفاصيل صفقة القرن التي تستهدف بعصا سحرية إنهاء النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني الذي يعود لمائة سنة. قبل أن تولد الصفقة، يسارع الكثيرون منذ الآن إلى دفنها: فبعد كل شيء، لا يخفي عموم الشركاء تحفظهم منها أو حتى يعلنون على الملأ بأنهم سيرفضون قبولها. يتطلع الفلسطينيون بعيون تعبة كيف يحترق حلمهم في الحصول على طبق من الفضة على إملاء دولي لعموم مطالبهم من إسرائيل. وبقدر ما يتعلق الأمر بالاستجابة إلى أماني الفلسطينيين فإن صفقة القرن بعيدة بعد الشرق عن الغرب عن التنازلات التي كانت إدارات أميركية سابقة من كلينتون وحتى اوباما، مستعدة لأن تمنحهم إياها. ليس في اقتراح ترامب اي ذكر لإقامة دولة فلسطينية، وليس فيه أيضا مطالبة من اسرائيل بالانسحاب من كل يهودا والسامرة إلى حدود حزيران 1967. في أعقاب الرفض الفلسطيني ستسير أيضا دول عربية لا يمكنها أن تسمح لنفسها بأن تتخذ في الرأي العام العربي صورة من "باعت" القضية الفلسطينية بثمن بخس لقاء مساعدة اقتصادية أميركية. كان يسُرُ الحكامَ العربَ بالطبع إنهاءُ النزاع الاسرائيلي الفلسطيني كي يتفرغوا للمشاكل الحقيقية التي تشغل بالهم، كالتهديد الإيراني أو الاقتصادات المنهارة. ولكن من هنا وحتى الاستعداد للاستلقاء على الجدار عن الفلسطينيين، إسرائيل وترامب – المسافة بعيدة. في إسرائيل ايضا، ولا سيما في الجانب اليميني من الخريطة السياسية، يعربون عن تخوفهم من الصفقة التي في إطارها كفيلة اسرائيل بأن تكون مطالبة بالتنازل عن أجزاء مهمة من السامرة ويهودا. وان كانت لن تقوم في هذه دولة فلسطينية، ولكن وجود السلطة الفلسطينية كفيل بان يتثبت فيها كحقيقة شرعية ومعترف بها في الأسرة الدولية. السيناريو إذن معروف مسبقا: الأميركيون سيقترحون الخطة وهذه سترفض أو تذوب وتدخل كتب التاريخ كـ "خطة أخرى"، واحدة من خطط كثيرة طرحت في أثناء مائة سنة النزاع ولكنها لم تجلب السلام المنشود. ولكن من الخطأ التفكير بأن صفقة القرن لترامب لن ترفع ولن تنزل: فكفيلة ان تكون لها آثار بعيدة المدى على مستقبل العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين بل وأهم من ذلك على مستقبل إسرائيل. أولا، تفاصيل الصفقة ستصبح نقاط انطلاق لكل بحث مستقبلي لمسألة النزاع. وهكذا، بدلا او الى جانب مخطط كلينتون او عرض أولمرت على ابو مازن، سيكون ممكنا عرض "مخطط ترامب"، والتحسن لذلك كثير لموقف المساومة الإسرائيلي في وجه كل إدارة أميركية بل وفي وجه الأسرة الدولية، التي لا تزال ترى في اقتراحات كلينتون واولمرت الاساس الذي ينبغي انطلاقا منه بدء كل مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. ثانيا، ثمة في الاقتراح ما يدفع إلى الأمام بحل وفي واقع الأمر يشطب من جدول الأعمال عدة مسائل مركزية بالنسبة للطرفين، وعلى رأسها مسألة اللاجئين الفلسطينيين. فالمخطط الأميركي، الذي يقول إنه لن يعطى حق عودة للاجئين وإنه يجب توطينهم في أماكن تواجدهم، يمكن أن ينفذ حتى دون اتفاق شامل، وسيكون في ذلك ما يسهل على تحقيق اتفاق كهذا في المستقبل. وأخيرا، المخطط كفيل بأن يمنح فرصة للحكومة للدفع إلى الأمام برؤياها بشأن إحلال القانون الإسرائيلي على أجزاء من السامرة ويهودا، وبالأساس على الكتل الاستيطانية التي يوجد حولها إجماع من الحائط الى الحائط في إسرائيل. في ضوء الرفض الفلسطيني المتوقع لصفقة القرن وبغياب كل احتمال للتقدم نحو السلام، يمكن لاسرائيل أن تدعي، وعن حق من ناحيتها، بأنه لا يمكنها أن تنتظر بعد اليوم الطرف الفلسطيني وأنها تسعى لأن تحقق خطوات من طرف واحد بروح مخطط إدارة ترامب وينبغي الافتراض بدعمها أيضا. وهكذا، بعد 52 سنة من حرب الأيام الستة في حزيران 1967، كفيلة صفقة القرن في حزيران 2019 أن تبشر بالتغيير، لدرجة التحول الإضافي في مكانة يهودا والسامرة. ومن شأن هذا التحول على ما يبدو أن يحظى باعتراف أميركي يشبه ذاك الذي منحه الرئيس ترامب للتواجد الإسرائيلي في هضبة الجولان.اضافة اعلان