صفقة شاليط.. إننا عالقون

صفقة شاليط.. إننا عالقون
صفقة شاليط.. إننا عالقون

يديعوت أحرنوت- سمدار بيري

قبل بضعة ايام فقط بدت صفقة شاليط وكأنها على مسافة لمسة. مد اليد الاقرب، فتنجح في العناق أخيرا. وكأن الاطراف – حماس، واسرائيل، ومصر وكذلك ابو مازن، الشريك المقزم – وافقت على الالتصاق بالسيناريو الاصلي: استيعاب وتحرير السجينات في المرحلة الاولى، وتحرير مئات السجناء ونقل شاليط الى مصر في المرحلة الثانية والتحرير الكبير لـ "السجناء الثقيلين" مع مجموعة كبيرة من السجناء الفلسطينيين الاخرين مقابل عودة شاليط الى الديار.

اضافة اعلان

صحيح أننا تلقينا شريطا متطورا، حماس أوفت بعناية بكل الشروط التي أملتها اسرائيل، جلعاد شاليط حي، رأسه يعمل على ما يرام، ابتسامة صغيرة، بل ويوجد حتى زيادة في الثواني باهظة الثمن في التصوير. عندما خرجت السجينات الفلسطينيات الى الاحتفال الاعلامي عندهم بدا وكأن هناك مجالا للتفاؤل غير الهاذي عندنا.

مصدر مصري كبير، ضالع بعمق في المداولات، اصيب بمزاج متشائم. انتبهوا، كما حرص على ان ينزلنا الى الارض الصلبة في ذروة الثرثرة، باننا غارقون في صفقة في دائرة مغلقة، صفقة ليس لها خيط رابط او صمام ارتباط بالمرحلة التالية.

وكمن سمعت هذا التقويم من الفم المصري مباشرة الى الاذن الاسرائيلية، فسأترجم الرسالة الاصلية الى لغة عملية: حماس واسرائيل وان كانتا نفذتا دوريهما في المرحلة الاولية، الا أنه لا يوجد موعد ملزم، ولا يوجد انضاج، وبالاساس لا توجد اتفاقات على موعد تنفيذ المرحلة التالية، تضمن نقل شاليط الى مصر. كما أنه لا توجد حماسة، ولا يوجد ربح متوقع، سياسي، أو اقتصادي او امني، ينتظر ايا من الطرفين في نهاية الطريق.

برأي الجميع، في اللحظة التي يسحب فيها شاليط من الحفرة الفلسطينية لينقل إلى منشأة استضافة في القاهرة، السماء هي الحدود. ولكن هذه المرحلة، رغم النشوة التي سيطرت علينا قبل اسبوعين فقط آخذة في الابتعاد. ولا يقتصر الأمر هنا على عدم وجود اتفاقات حول قائمة "السجناء الثقيلين"، بل ان اتفاق المصالحة الداخلية بين فتح وحماس فشل. وقد ألغي احتفال التوقيع على اتفاق المصالحة الذي تقرر في نهاية هذا الشهر، من دون ضجيج، وهو أمر تكرر مرات كثيرة، بالضبط مثلما توقع الفهيمون في الامر وذوو التجربة.

إن الاختراع الذي يعدونه الان في القاهرة سيؤدي الى وضع سخيف من المصالحة الوهمية، بجهاز التحكم عن بعد: مصر تعتزم ارسال مسودة "السلام" الى ابو مازن وذات الوثيقة سترسل الى قيادة حماس. فهل سيوقعون ام لا؟ على الاطلاق هذا لن يرفع ولن ينزل شيئا بالنسبة لصفقة تحرير شاليط. من ناحية حماس، لا شيء ملح. طالما غزة قيد الحصار ومعابر الحدود مغلقة، طالما ابو مازن يطالب بمرابطة قوات في غزة، لا مصالحة حقيقية ولا صفقة تحرير.

وحسب السيناريو الاصلي، شاليط معد لان يكون أول من ينقل من غزة الى مصر عبر معبر مفتوح على مصراعيه، وليس في واحد من مئات الانفاق. واذا لم يفتح هذا المعبر، فان شاليط سيبقى تحت الارض. ولن يخرجوه الا قبيل الانتخابات، لضمان سيطرة حماس على الضفة ايضا.

وكما يبدو هذا الان، رغم التفاني والسرية من جانب الوسيط الالماني والتعتيم الذي يفرض على القضية حتى عندنا، فانها ما تزال عالقة من كل الاتجاهات. حصلنا للحظة على جلعاد، وعلى الفور عدنا الى داخل النفق المظلم. والقضية كلها آخذة في التعقد: ابو مازن لا يحلم باعطاء حماس موطىء قدم عنده، وحماس لا تحلم باعطاء ابو مازن موطئ قدم في غزة، والمصريون لا يحلمون بفتح معبر رفح، واسرائيل تضغط الا يفتحوه الى ان يخرج جلعاد من السجن.

إننا عالقون.. ألم نقل ذلك؟