صناعة التمويل الإسلامي ومؤهلات النمو

غسان الطالب*

تحمل إلينا وكالة التصنيفات الائتمانية (موديز) توقعاتها لمستقبل نمو صناعة التمويل الإسلامي بتقديراتها المتفائلة للأعوام المقبلة، بعد أن شهدت الفترة الماضية انتشارا واسعا وطلبا ملحوظا على المنتجات المالية الإسلامية.اضافة اعلان
واستشهدت الوكالة بالتغير الكبير في معدل نمو الصناعة المصرفية الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث قالت "إن نسبة تغلغل الأنشطة المصرفية الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي زادت إلى 45 % من إجمالي السوق المصرفية في أيلول (سبتمبر) 2017 من 31 % في 2018، وإن إصدارات الصكوك السنوية زادت لأكثر من مثليها في الفترة نفسها لتصل إلى 100 مليار دولار مقارنة مع 42 مليار دولار".
في هذه السطور، أردنا الحديث عن المؤهلات التي تمتلكها المصارف الإسلامية حتى نبني عليها التفاؤل بالمستقبل في العام الحالي، وما يحمله من جملة تحديات جدية وحقيقية تفرضها عليها مجموعة من العوامل منها الداخلي ومنها الخارجي كانت واضحة وملموسة من خلال مراحل نموه في سنوات فائتة.
وهنا نؤكد جملة من المؤهلات التي تميّز بها هذا القطاع وتكسبه المزيد من الحصة السوقية ومنها:
- زيادة شمول الخدمات المالية لفئات جديدة لم يتطرق التمويل التقليدي لها، بمعنى جذب مدخرات تلك الفئة التي كانت ترفض التعامل مع البنوك التجارية لأسباب عقائدية دينية متمثلة في الخوف من الوقوع في فخ الربا.
- تشدد القطاع في مسألة ربط تمويلاته ونشاطه بالاقتصاد الحقيقي، ومرجع ذلك هو التزامه بأحكام الشريعة الإسلامية بأفقها الديني والأخلاقي والإنساني "بحيث أضافت هذه الميزة سمة لهذا القطاع بأنه ليس مؤسسات هدفها تحقيق الربح فقط بل تسعى إلى تقديم خدمات اجتماعية من شأنها أن تعزز المناخ الاجتماعي السليم وتعمق القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة في المعاملات وفق الضوابط الأخلاقية والشرعية، والتي توظف القوة الكامنة في الإنسان نحو العملية الإنتاجية وبالنتيجة تسهم في زيادة دخل الفرد وزيادة الدخل القومي ومن ثم تقليل معدل البطالة؛ تلك الآفة التي تؤدي إلى العديد من المشاكل الاجتماعية وما إلى ذلك.
- اعتماد القطاع مبدأ تقاسم المخاطر على أساس المشاركة في الربح والخسارة لكل الأطراف سواء صاحب رأس المال أو المستثمر (المضارب)، وتحريم المضاربات المالية، مما يعني أن المخاطر التي يتعرض لها هذا القطاع أقل مقارنة بقطاع التمويل التقليدي المعتمد على معدل الفائدة.
ومما يعزز هذا التفاؤل لدينا ولدى كل المهتمين بهذا القطاع هو مجموعة من العوامل نستعرضها كالآتي:
- الاعتراف العالمي بقطاع التمويل الإسلامي كأحد المكونات الرئيسية في الصناعة المصرفية العالمية.
- يشكل التمويل الإسلامي حوالي 15 % من النظام المصرفي في كل من الإمارات والسعودية والكويت وقطر وماليزيا، وهو أيضا سوق واعدة في البحرين وتركيا وبريطانيا وسنغافورة.
- إن صناعة التمويل الإسلامي مرتبطة بالاقتصاد الحقيقي ارتباطا وثيقا، وهو ما يمكن أن يعزز زيادة استقرار القطاع المالي العالمي.
- رغبة الدول الغربية في الاستفادة من السيولة الكبيرة المتوافرة في الدول الإسلامية خاصة المُصدّرة للنفط، وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي.
- رغبة العديد من دول العالم التي يتواجد بها جاليات إسلامية كبيرة في توطين رؤوس أموال هذه الجاليات المتوافرة لديها خاصة في أوروبا وأميركا الشمالية، وهي رؤوس أموال تبحث عن قنوات شرعية تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية وترفض التعامل مع البنوك التقليدية لوجود سعر الفائدة فيها.
*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي