صناعة السينما الأردنية ... أينها؟

طلبت مني مؤسسة أردنية قبل أيام أن أكتب بحثا عن "الدراما الأردنية...ما لها وما عليها" ومع بدء البحث عن الأرقام والوقائع قادني البحث إلى سؤال: لماذا لا يكون لدينا صناعة سينما في الأردن؟! مع أنه لدينا من الطاقات الإبداعية ما يمكننا أن نقود به المنطقة والعالم في هذه الصناعة، خاصة وأن الأردن أحد المواقع المحببة للتصوير السينمائي للأفلام العالمية مثل فيلم إنديانا جونز وفيلم جراندايزر والكوكب الأحمر وغيرها من الأفلام العالمية التي صُوّر جزء منها في البتراء ووادي رم.

اضافة اعلان

نعلم أن أكثر من 96 % من البيوت الأردنية تحتوي على جهاز التلفاز، ونعلم أن لدينا المئات من دور العرض السينمائي، وأن الشعب الأردني شعب مثقف سينمائيا، وأن مخرجينا الأردنيين استطاعوا أن يثبتوا جدارتهم في إنتاج المسلسلات والأفلام داخل الأردن وخارجه، وأنه أصبح لدينا في الأردن معهد للإعلام، وهيئة ملكية للأفلام، وهنالك كلية متخصصة بتدريب مهارات الإنتاج السينمائي.

ولكن، هل تعلم أن صناعة السينما في أميركا تضيف 80 بليون دولار سنويا للاقتصاد الأميركي، وتدفع ضرائب للحكومة الأميركية تصل قيمتها في المتوسط إلى 13 بليونا سنويا، وتوظف 2.5 مليون عامل مبدع في 115 ألف شركة. وهل تعلم أنها الصناعة الوحيدة التي نمت العام الماضي في أميركا، على الرغم من تراجع الاقتصاد الأميركي نتيجة الأزمة المالية العالمية، وأن  دخل فيلمي "أفاتار" و"تايتنك" وحدهما فاق 3 بلايين دولار، أي حجم ما يستلمه الأردن سنويا من حوالات 600 ألف أردني يعملون ويعيشون في الخليج، وثلاثة أضعاف دخل الأردن من صادراته من المناطق الصناعية المؤهلة، وضعف دخله من السياحة تقريبا، ونصف حجم صادرات الأردن السنوية، وسدس حجم الاقتصاد الكلي تقريبا.

وبالمقارنة فقد أنتج الأردن تسعة أفلام فقط في الفترة من 1964 – 2010، أي في نصف قرن تقريبا، لم يتعد طول الواحد منها 9-28 دقيقة فقط، باستثناء فيلم "كابتن أبو رائد"، وهو الفيلم الأردني الوحيد الطويل، والذي حصد العديد من الجوائز العالمية، كانت إحداها جائزة الجمهور في مهرجان "سن دانس" في أميركا، والذي جاء بعد عشر سنوات من الصيام الأردني عن إنتاج الأفلام، التي كان آخرها  فيلم "رحلة إبراهيم"، 28 دقيقة.

الواضح أن لدينا التجربة والخبرة والمؤهلات، وحين قمنا بإنتاج فيلم طويل واحد حققنا النجاح والمكاسب ووضعنا الأردن على خريطة العالم.

ما الذي تحتاج إليه صناعة السينما في الأردن لتصبح صناعة وطنية كبرى ورافدا آمنا للاقتصاد الأردني؟ من الواضح أن لدينا ما يكفي من المبدعين لإيجاد وتعميق وإنجاح مثل هذه الصناعة (فنحن نصدّر آلاف المبدعين سنويا)، ولدينا مساحات شاسعة من الأراضي تصلح لعمل استوديوهات ضخمة، ولدينا تنوع مناخي ممتاز يصلح للتصوير على مدار فصول السنة، وثروة هائلة من المواقع التاريخية، كما أن تصدير خدمات السينما معفي من الضرائب، وأسهل بكثير من تصدير البضائع والسلع.

نحن بحاجة للمؤسسات التمويلية الربحية وغير الربحية الداعمة لمثل هذا النشاط الإبداعي، وهنا لدي اقتراح محدد: أن تخصص منطقة تنموية (أو منطقة حرة) بمساحة أرض كبيرة لصناعة السينما، وأن تؤسس شركة أو شركات ممولة للإنتاج السينمائي، وربما تشارك فيها الصناديق الاستثمارية الضخمة مثل صندوق الضمان الاجتماعي، بشراكة مع الراغبين من القطاع الخاص، أو من خلال صناديق رأس المال المغامر، لإنتاج الأفلام وتسويقها محليا وعالميا. القضية سهلة وتحتاج إلى بعض الدراسة والكثير من التنفيذ!

[email protected]