صناعة نجوم أم "وجبات جاهزة"؟

أتابع الحراك الذي تشهده ساحة كرة القدم الأردنية؛ حيث بدأت الأندية مبكرا عملية البحث عن التعاقدات مع لاعبين مميزين سواء ممن كانوا في صفوفها خلال الموسم الماضي أو أولئك الذين ترغب في ضمهم من أندية أخرى، وخلال الأيام الماضية كثرت الإشاعات وتمت صفقات وتعثرت أخرى، وما يزال الوقت متسعا لإتمامها قبل انطلاق الموسم الجديد في الثاني أو الثامن من شهر آب (اغسطس) المقبل.اضافة اعلان
ومن البديهي أن الأنظار تتجه في الغالب صوب تحركات ناديي الفيصلي والوحدات، باعتبارهما الأكثر شعبية وقاعدة جماهيرية وتنافسا عن الألقاب، وإن زاحمهما هذه المرة فريق الجزيرة الذي تطور أداء ونتائج في المواسم الأخيرة، وإن بقيت الألقاب عصية عليه، رغم أنه كان قاب قوسين أو أدنى من الحصول على أحدها الموسم الماضي.
اللافت للنظر أن الأندية تتوغل في الخطأ، وهي تنظر في المقام الأول الى مكاسب الألقاب على حساب بناء الفريق كما يجب، ولذلك فإن معظم تعاقداتها تكون مع لاعبين من أندية أخرى، ناسية أو متناسية أن ذلك سيعود عليها بالضرر في مواسم لاحقة، لأنها بذلك "تدمر" جيلا شابا من اللاعبين الذين يحتاجون الى الصبر ومنحهم فرصة كاملة لإثبات حضورهم بعد إكسابهم تجربة المباريات الرسمية.
الأندية تتسابق على الألقاب.. لا يهمها مستقبل أجيال الشباب والناشئين، فتطارد اللاعبين البارزين من أندية أخرى حتى ولو كانوا كبارا في السن، وهي غير معنية كثيرا في المستقبل، بل تريد إرضاء جماهيرها، التي ربما تكون السبب الرئيسي في هذه المشكلة الكبيرة، لأن الجماهير لا تصبر على الفريق وتريد النتائج، ولذلك فإن أي مركز آخر غير لقب البطولة يمثل إخفاقا.
تعزيز صفوف الفريق بخيرة اللاعبين في حسابات التنافس على الألقاب يعد أمرا مشروعا للغاية، وفي زمن الاحتراف قلنا وسنقول مرارا، إن اللاعب لم يعد يمارس كرة القدم على سبيل الهواية والمتعة، بل إن تلك أصبحت بمثابة "حرفة" أو مهنة يتكسب من خلالها ويخضع لمنطق السوق "العرض والطلب"، ولذلك فإن تكرار الحديث عن مفهومي الولاء والانتماء ربما لم يعد مجديا، بما أن اللاعب يرغب بالعرض الأعلى سعرا، وأن الأندية لا ترغب في بقاء الا اللاعب الأفضل.
بيد أن هذا التنافس على ضم اللاعبين يجب أن لا يفقد الأندية تركيزها ورشدها، لأن تكديس اللاعبين على مقاعد الاحتياط سيكون له ضرر كبير، بما أن جميع اللاعبين يرغبون باللعب وبالتالي من لا يحصل على فرصة اللعب سيفكر في الابتعاد والبحث عن فرصة أخرى مع ناد آخر، كما أن قدرات الأندية المالية ستتضاءل تدريجيا ولن تكون قادرة على الإيفاء بالمتطلبات المالية على أكمل وجه، والأهم من ذلك كله أن مشروع صناعة نجوم المستقبل سيصاب بالضرر، طالما بقي الحرص الأول على استقطاب النجوم الجاهزة، التي هي في الأصل تفكر في صفقات احتراف خارجية مهما كانت قيمتها الفنية، بما أن النظرة تكون لحجم الفائدة المادية.
سنسمع قصصا وحكايات عن صفقات تمت وأخرى لم تتم، الى أن تنجز الأندية ملفاتها، وحينها ربما ستعرف أكثر أين ومتى أصابت أو أخطأت.