صندوق استثماري أردني: هل حان الوقت؟

رعد التل صحيح أن فكرة إنشاء صندوق استثماري تصدرت الجانب الاقتصادي في بيان الحكومة أمام مجلس النواب قبل سنة وأربع أشهر، الذي وعدت من خلاله بدراسة لجدواه من خلال المساهمة الحكومية والصناديق الاستثمارية الخارجية والمغتربين الأردنيين أيضاً، وذلك بهدف تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي “بأفضل وجه”، لكن للآن وللأسف لم نرَ أي تحرك رسمي بهذا الاتجاه. من الناحية التنظيمية والتشريعية، فكرة إنشاء صندوق استثماري جاهزة وأقرت قبل خمس سنوات، فهناك “قانون صندوق الاستثمار الأردني لسنة 2016” الذي أتى لإقرار الخطة العامة لاستثمار أموال الصندوق وليوضح السياسات العامة والبرامج والخطط اللازمة لتنفيذها، كما حدد وحصر القانون حقوق التملك والاستثمار والتشغيل لمجموعة من المشاريع العملاقة التي يحتاجها الاقتصاد الأردني اليوم أكثر من أي وقت مضى حتى يخرج من حالة التباطؤ التي يمر بها. فقانون صندوق الاستثمار الأردني أشار مباشرة لمجموعة مشاريع مهمة مثل مشروع شبكة السكك الحديدية الوطنية، ومشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية، ومشروع أنبوب نقل النفط الخام والمشتقات النفطية إلى موقع مصفاة البترول ومواقع الاستهلاك والتخزين، ومشروع تطوير البنية التحتية في مدينة خادم الحرمين الشريفين، ومشروع المدينة الترويحية/ المطل في محافظة العقبة، إضافة الى أي مشروع من مشاريع البنية التحتية أو التنموية الكبرى في أي نشاط اقتصادي ضمن قطاعات الطاقة والثروة المعدنية والنقل والمياه والبنية التحتية بقرار من مجلس الوزراء كمشروع الناقل الوطني للمياه. الصناديق الاستثمارية بالعادة تشكل حماية لأي اقتصاد ورافداً أساسياً لموازنات الدول وإيراداتها، كما أنها توظف المدخرات الوطنية باتجاه الاستثمار الذي يخدم البعد التنموي الاقتصادي والاجتماعي للدولة بما يضمن رفاه الأجيال المقبلة، وعادة ما يكون استثمار هذه الصناديق طويلة الأجل وتستثمر أصولها إما بالأوراق المالية ذات الدخل الثابت (السندات)، أو بالسوق المالي على شكل أسهم ملكية، أو تستثمر أصولها باستثمارات متنوعة كالعقارات، ومشاريع البنية التحتية، ولعل الفرصة اليوم مواتية جداً بالنسبة للاقتصاد الأردني لإظهار جاذبيته بالنسبة للصناديق الاستثمارية العربية والعالمية للمساهمة في الصندوق الأردني. لا أعلم ما الذي يؤخر العمل على إنشاء صندوق استثماري وطني، يجذب استثمارات البنوك والمؤسسات المالية والصناديق السيادية العربية والأفراد وصغار المستثمرين ومؤسسات القطاع الخاص، ويوظف فائض السيولة لدى البنك المركزي (حسب ميزانية البنك المركزي 2021، يتوفر سيولة فائضة تقدر بحوالي 5.4 مليار دينار أردني وموجودات البنوك اليوم تقترب من 60 مليار دينار!!) في مشاريع تنموية حيوية ريادية عملاقة تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية في الأردن، وبدفع عجلة الاقتصاد الوطني من خلال زيادة معدلات النمو الاقتصادي وإنشاء مشاريع استثمارية مدروسة الجدوى تخلق فرص العمل وتقلل من معدلات البطالة (مع تأكيد ضرورة الابتعاد وبصورة تامة عن توظيف أي أموال في النفقات الجارية أو لأغراض سداد وشراء الدين). إن إنشاء مثل هذا الصندوق -وبشرط حسن إدارته- بات من الضروريات كأداة استثمارية فعالة تمكن الاقتصاد الأردني من دفع عجلاته بصورة أسرع وتساعد على إدارة الثروة الوطنية وتوفر الإنفاق الاستثماري اللازم والضروري لإحداث نقلة نوعية على مستوى الاقتصاد الكلي. مرة أخرى، الإطار التشريعي والتنظيمي، ممثلا بالقانون والتشريعات الناظمة، متوفر وجاهز، ولا داعي لكل هذا التسويف أو لكل تلك المماطلة، ما يتبقى فقط الرغبة وإرادة التنفيذ لإحداث الفارق الذي ينتظره الأردنيون.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان