صورة­ مشجعة

معاريف

زلمان شوفال

الضجيج الذي تسمعونه هو صوت ماكينات الطباعة في كل العالم التي تطبع مالا جديدا على مدار الساعة. هذه نتيجة مباشرة لوباء كورونا واضطرارات الحكومات لأن تضخ في اقتصادها مالا هائلا، واحيانا بلا تمييز. ومع ان الاسباب هي بالأساس اقتصادية ولكنها احيانا تتأثر بدوافع سياسية وشعبوية. ولا يدور الحديث دوما عن طباعة اوراق نقدية حقيقية، إذ انه توجد سبل اخرى افتراضية كتغييرات في استخدامات الاموال للبنوك او اخذ الدولة للقروض من خلال شهادات الاستثمار، لأجل زيادة كمية المال.اضافة اعلان
ولكن الهدف هو ذات الهدف: تحريك عجلات الاقتصاد المشلول بسبب أزمة كورونا واحيانا ايضا للاستجابة لضغوط القطاعات المختلفة في الاقتصاد او المحافل السياسية.
منذ بداية الازمة، خفضت البنوك المركزية في الدول المختلفة معدلات الفائدة، التي كانت متدنية على اي حال، الى مستويات غير مسبوقة كي تضخ الائتمان لتسريع النشاط الاقتصادي في الجوانب الاقتصادية المختلفة، وكذا في اسرائيل ايضا. وبالذات في الولايات المتحدة، فان المواجهة السياسية بين الجمهوريين الذين يتحكمون بمجلس الشيوخ (ويحتمل ان يواصلوا التحكم فيه حتى بعد ترسيم الرئيس الجديد) والديمقراطيين الذين يشكلون الاغلبية في مجلس النواب – ادت الى إبقاء اجراءات تقديم المساعدات عالقة حاليا، باستثناء الخطوات التي اتخذها الرئيس ترامب ولم تكن بحاجة الى اقرار الكونغرس. يحتمل أن يضطر الاقتصاد الاميركي لان ينتظر إذن دخول جانيت يلن، ذات التجربة العظيمة في الماضي كمحافظة البنك الفيدرالي، الى منصب وزيرة المالية كي تحل المعضلة.
وعلى اي حال، فان من شأن الزيادة غير الملجومة لوسائل الدفع، سواء بالطباعة الحقيقية أم بوسائل اخرى ان تكون لها ايضا نتيجة هدامة في فترة ما بعد الوباء، الا اذا لجأت البنوك المركزية، وزارات المالية ومحافل اخرى الى فرض الكوابح المناسبة. ثمة اقتصاديون في الجانب اليساري من الخريطة السياسية يعتقدون أن طباعة المال هي الوسيلة الافضل والاكثر راحة لمنع الازمات الاقتصادية، ويشيرون الى التضخم المالي المتدني في كل العالم لتأكيد نظرياتهم. ولكن سواء كانوا يتجاهلون النتائج الاقتصادية والسياسية الخطيرة لطباعة المال غير الملجومة في الماضي، أم انه يمكن برأيهم صد هذه التطورات من خلال فرض ضرائب عالية – فان نهجهم سياسي ومغرض اكثر منه اقتصادي. والمروج الاساس لهذا النهج هي البروفيسورة سيتفاني كالتون، المستشارة الاقتصادية لبيرني ساندرس والمنظرة الاقتصادية لعضو مجلس النواب الكسندرا اوكسيو كورتيز الشخصية الرائدة في المجموعة التقدمية، اي اليسارية في الحزب الديمقراطي.
بفضل الوضع الجيد للاقتصاد الإسرائيلي عشية نشوب الوباء، هناك احتمال جيد لان ننجو من الازمة في وضع أحسن بكثير من دول أخرى. وذلك شريطة ان تواصل السلطات الإبقاء على التوازن الصحيح بين وسائل تشجيع النشاط الاقتصادي من جهة والحفاظ على متانة الاقتصاد من جهة أخرى (تحديد ميزانية للسنة القادمة سيساعد من هذه الناحية). ليس صدفة ان كبرى شركات التصنيف "ستاندرد آند فورس" و "موديس" ومؤسسات اقتصادية دولية مختلفة تعطي الاقتصاد الإسرائيلي علامة عالية في هذه الأيام، وليس فقط بالنسبة لدول أخرى بل وبشكل مطلق أيضا. هكذا مثلا، فان التقرير الختامي لصندوق النقد الدولي في شهر تشرين الثاني قبيل التقرير النهائي، يقضي بان اقتصاد إسرائيل يجتاز أزمة كورونا بشكل جيد – تقدير يتطابق والمعطيات التي عرضها مؤخرا محافظ بنك إسرائيل أمير يرون، وبموجبها في الربع الثالث من السنة "عاد الاقتصاد يعمل كالرفاص". كما ان نسبة الدين للإنتاج معقولة. وبالفعل يمكن أن نتبين بان في هذه الفترة انخفض الإنتاج في إسرائيل بـ1.4 في المائة فقط، الانكماش الأدنى تقريبا في كل العالم (حتى في كوريا الجنوبية كان 1.3 في الامئة) مقارنة بـ11.3 في المائة في بريطانيا، 8.7 في المائة في اسبانيا، 4.6 في المائة في كندا، 4.3 في المائة في فرنسا، 4.2 في المائة في المانيا، 4.1 في المائة في السويد و2.9 في المائة في الولايات المتحدة. واستنادا الى هذه المعطيات يمكن لاقتصاديي وزارة المالية ان يحدثوا توقعات النمو في الاقتصاد الإسرائيلي للعام 2020 مقابل التوقعات المتشائمة الصادقة، ويحتمل ان في 2021 سيعود الاقتصاد الى نمو حقيقي.
وفي هذه المعطيات الإيجابية أيضا لا يوجد بالطبع ما يغطي على حقيقة أنه بشكل مطلق انخفض الإنتاج مع ذلك في فترة كورونا، ارتفعت البطالة، وتوجد قطاعات في الاقتصاد تضررت اكثر من غيرها. بل وبعضها بشكل شديد، ويحتمل أن يتعين على الحكومة ان تتخذ إجراءات مساعدة موضعية، ولكن بالإجمال، الصورة مشجعة.