صيف التسويات إقليميا وعربيا

شهدت ثلاث عواصم عربية؛ بغداد والقاهرة ودمشق، خلال الأسابيع الأخيرة جملة من الاتصالات غير المعلنة ولكنها سربت وبدأت نتائج هذه اللقاءات تأخذ طريقها في التأسيس لمناخات انفراج سياسي كبير ربما سيحدث لأول مره هذا الصيف بعد حالة القطيعة والاستقطاب خلال العشرية الأخيرة وتكرست أكثر خلال حقبة الرئيس ترامب. اللقاء السعودي الإيراني الذي جرى في بغداد عبر قنوات أمنية بوساطة حكومة الكاظمي قبل أسابيع يبدو أنه يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين طرفين إقليميين مؤثرين؛ طهران والرياض يتبادلان رسائل ودية غابت منذ زمن طويل والظاهر أن مقاربة إدارة بايدن في الملف النووي استدعت صياغة المشهد برمته؛ حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام والرسائل الإيجابية نحو طهران يعزز ذلك. بالمقابل لم يتأخر تردد صدى لقاءات بغداد الإيرانية السعودية في دمشق التي زارها وفد أمني سعودي كبير والتقى القيادة السورية والكلام عن توافق شبه تام وحسب تسريبات لم ينفها أي من الطرفين على إعادة استئناف العلاقات وفتح السفارات ودعم عودة سورية لجامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها العام 2011 وصولا لدعوة الرئيس بشار الأسد لحضور قمة الجزائر حال انعقادها. القاهرة لم تكن بعيدة عن أجواء التوافقات الإقليمية؛ العلاقات بين مصر وتركيا تسير نحو عودة كاملة وأمس كان نائبا وزيري خارجية البلدين يتوافقان على معظم الملفات سواء فيما يتعلق بوجود قيادات الاخوان أو وسائل إعلام المعارضة والملف الليبي والازمة السورية وطبيعة العلاقة بين مصر وتركيا واليونان. كل هذه المؤشرات تأخذنا لجملة من التفاهمات السياسية التي ستنعكس على استقرار المنطقة وصولا لتبريد الأجواء من طهران إلى بغداد مرورا بدمشق وبصنعاء وبيروت وستنعكس بالضرورة على إنجاز تشكيل حكومة لبنانية قد تخرج لبنان من مأزقه المعقد اقتصاديا والذي ينذر بانهيار الدولة برمتها. كلمة السر في كل هذا هو إنجاز التسوية في الملف النووي الإيراني الذي يبدو أن الجهد الدبلوماسي الأوروبي يثمر وهو ما دعا الرئيس الإيراني للإعلان أمس الأربعاء في اجتماع حكومي أنه تم التغلب في اجتماعات فيينا الأخيرة حول العقوبات التي سترفع بالرغم من عدم ورود إشارة أميركية تؤكد ذلك لكن الأجواء الإيجابية تتعزز. أردنيا يمكن فهم زيارة الملك عبد الله الثاني للعاصمة البلجيكية بروكسل واللقاء مع الاتحاد الأوروبي ضمن سياق التطورات والحراكات السياسية التي تجري ولكن عمان تريد أن يتم تبريد قضايا المنطقة وتذكر بعدم التغاضي عن القضية المركزية التي يؤسس غياب حل عادل لها بافشال أي مناخات تسوية تحتاجها المنطقة لمواجهة التحديات التي فرضتها “كورونا” وتداعياتها والازمات الاقتصادية وصولا لازمة الأمن الغذائي. ربما يكون هذا الصيف مختلفا سياسيا للجميع في المنطقة إذا ما تم إنتاج تسويات تخدم كل الأطراف في المنطقة تضمن أن يكون التوسع لخيارات التنمية والازدهار ومكافحة الأوبئة وضرب الإرهاب. المهم أردنيا قراءة ما يجري في إطار توظيف كل هذه الأجواء التصالحية لخدمة مصالحنا الإستراتيجية؛ لا داعي للتذكير أننا دفعنا ثمن حالة التوتر الإقليمي والعربي ويجب ألا ندفع مرة أخرى ثمن التوافقات وهذا يستدعي مقاربة واضحة وصريحة دون تردد في أعادة تموضع الأردن وفقا لمصالحه الوطنية وبما يضمن أن نخرج من دائرة دفع الكلفة لجني المكاسب وهذا مشروع وطني وسياسي.اضافة اعلان