صيف بلا شمس .. الأزمة الاقتصادية تتربّص بنا

إن المواطن، سواء أكان مسؤولًا أم لم يكن أو ناشطًا أو عاملًا أو بلا وظيفة، يُتابع تصريحات خبراء ماليين واقتصاديين، من خلال شاشات الفضائيات، أو الصحف الورقية، أو المواقع الإلكترونية، تؤكد “خطورة” الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والكل يتنبأ أو يُنجّم بأن الأسوأ لم يأت بعد.اضافة اعلان
فعندما يصرح رئيس الوزراء الأسبق عبدالكريم الكباريتي بكل وضوح بأن “الفأس وقعت بالرأس، والقادم أسوأ”، فذلك دليل على صعوبة الأوضاع الاقتصادية، التي تمر بها البلاد، وخصوصًا في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.
لا يُغامر رئيس وزراء بحجم الكباريتي، له باع طويل في الأمور الاقتصادية والمالية، بسمعته أو يُمازح في ذلك، عندما يشير علنًا إلى أن الوضع صعب والقادم أصعب… ما يضع رسالة واضحة أمام الحكومة والمواطن في نفس الوقت.
وعندما يؤكد الخبير الاقتصادي مفلح عقل بأن أرقام البطالة في الأردن سترتفع لتصل إلى حدود ما بين 30 بالمائة و35 بالمائة، فإن ذلك يبعث برسالة “شديدة الخطورة” للحكومة ومسؤوليها، مفادها ضرورة أن تتخذ قرارات وتُنفذ إجراءات من شأنها إنقاذ السفينة بمن فيها إلى بر الأمان.
تراجع الاقتصاد بنسبة ما بين 8 بالمائة و10 بالمائة، ودراسات مستقلة تشير إلى أن 77 بالمائة من العمال فقدوا وظائفهم بشكل كلي أو جزئي، ما بين شهري آذار وأيار الماضيين، فضلًا عن أن هناك مؤشرات تؤكد أن نحو 200 ألف مغترب سيعودون إلى الأردن.. أرقام مرعبة، يتوجب على الحكومة ومسؤوليها، مواجهتها، في قابل الأيام.
وللأسف، حتى كتابة هذه السطور، لم تقم حكومة النهضة وعرابوها بعمل سيناريو، ولو حتى سيناريو بسيط متوقع، للمشكلات التي قد تنتج جراء قرارات اتخذت على مدى أشهر مضت.
الحكومة، التي حققت الدرجات العليا في الظهور الإعلامي، وأمطرتنا بوابل من التصريحات التي تركزت جلها إن لم يكن كلها، حول الشفافية والمصارحة وما إلى ذلك من كلام يُراد به “التغطية” على أفعال وأعمال كبرى، لم تقل حتى الآن أو بمعنى أدق لم تُصارح الشعب الأردني بالحجم الحقيقي للمشكلة، هذا على افتراض اعتبار ما مر به الوطن بشأن “كورونا” مشكلة، فمدة شهرين غير كافية للحكم على أن هناك مشكلة، وبالأخص لدولة تحتفل بمئوية تأسيسها.
الحكومة، التي اعتادت حسب تصريحات مسؤوليها المصارحة والمكاشفة، لم تقل لنا ماذا ستعمل، أو ما هي خططها للخروج من “المشكلة”، وهل ستناقش خططها مع الجهات المعنية والخبراء والمختصين، أم ستكون تلك الخطط على غرار قرارات اتخذت ولم يتم مناقشة أحد من المختصين أو المعنيين بها.
لا يخفى على أحد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، التي يُجبر الشعب الأردني على أن يتعايش معها، ولا توجد إلا نسبة بسيطة لا تتجاوز الـ10 بالمائة، لم تتأثر بسلبياتها، التي حتمًا ستعود بالضرر على الكل.
لكن يبقى السؤال، هل وضعت الحكومة خطة مستقبلية لمواجهة ما بعد جائحة كورونا، وهل ستضع خطة لمواجهة أحداث قد تحدث في المستقبل؟، خاصة وأن الدراسات تشير إلى أكثر من ثلث الأردنيين (34.2 بالمائة) غير مشمولين بالحمايات الاجتماعية، وأن 79 بالمائة لم يستفيدوا من برامج الحماية التي وفرتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.