صيف لاهب على الجبهة الفلسطينية

المرجح أننا سنشهد صيفا لاهبا في الحراك السياسي الفلسطيني، وباتجاهين متعاكسين؛ اتجاه فلسطيني نحو نزع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واتجاه إسرائيلي من أجل إفشال هذا المسعى، وإعادة موضوع هذه الدولة إلى حلبة المفاوضات الثنائية وفق الشروط السابقة.اضافة اعلان
فمنذ الشهر الثاني من هذا العام، دخلت على الأجندة الإسرائيلية حسابات مستجدة تتعلق بالتطورات العاصفة في المنطقة العربية، وعلى نحو خاص ما وقع في مصر، لما لها من دور مؤثر في الملف الفلسطيني بجميع عناوينه الرئيسية، وكذلك الأمر بما يتصل بالعلاقات الثنائية بين تل أبيب والقاهرة، والتي كانت في كثير من المحطات إحدى الزوايا الرئيسية التي يجري وفقها تحديد الإطار العام للتحرك السياسي بما يخص المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبما يتصل أيضا بقطاع غزة وملف الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط والتهدئة.. إلخ.
وفيما توجه الاستخلاص العام في إسرائيل إلى تبني القول بأن ما جرى ويجري لا يصب في مصلحتها، جاء توقيع اتفاق إنهاء الانقسام الفلسطيني في بداية الشهر الحالي ليضع تل أبيب أمام هواجس إضافية. ووجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مصاعب أخرى وضعت أمام محاولات استعادة المبادرة بعدما أعلن خطة سيطلقها أمام الكونغرس الأميركي خلال زيارته لواشنطن في 20 أيار (مايو) الحالي، كما وضع على أجندة زيارته لعدة دول أوروبية مهمة إفشال المساعي الفلسطينية بنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل.
قبل ذلك، كان وزير الخارجية المصري نبيل العربي دعا إلى عقد مؤتمر دولي لإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما تحدث بلغة إيجابية بخصوص معبر رفح على الحدود المصرية-الفلسطينية، وهما أمران لاقيا ردات فعل حادة من قبل الأوساط السياسية في إسرائيل.
لا يمكن التقليل من تأثير توقيع اتفاقات إنهاء الانقسام الفلسطيني على مسار التحركات بشأن التسوية السياسية، وقد بادرت الأوساط السياسية الصهيونية إلى إعلان موقف موحد يرفض هذا الاتفاق، ويحذر من انعكاساته على أي تسوية يمكن أن تقوم مع الجانب الفلسطيني.
أوساط إسرائيلية نقلت عن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال زيارتها إلى روما مؤخرا أنها لا تستبعد المفاوضات المستقبلية مع الجانب الفلسطيني، وتهربت من إبداء الرأي الذي استخلص أن باب المفاوضات مع الفلسطينيين قد أغلق إثر توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية.
تبقى الكرة في ملعب الجانب الفلسطيني بضرورة استكمال خطوات استعادة الوحدة الوطنية، وعدم ربط مؤشرات استعادة المفاوضات بهذه الخطوات. والخوض بآليات تنفيذ اتفاق إنهاء الانقسام سيمكّن الحالة الفلسطينية من تجاوز الضغوط السياسية والاقتصادية، وبخاصة عندما يرى المجتمع الدولي أن هناك إرادة سياسية فلسطينية موحدة تقف دعما لجهود استعادة الوحدة بما يمكّن من توحيد المرجعية السياسية وفق برنامج وطني واضح ومتفق عليه، يبرز عناوين العمل الوطني للمرحلة المقبلة، ومن بينها التحرك السياسي والدبلوماسي الذي من المفترض أن يركز على تزخيم المسعى الفلسطيني لنيل الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية، مع الحذر من مغبة التعاطي بثنائيات الترغيب والترهيب التي تحفل بها الأفكار والاقتراحات بشأن التسوية السياسية، والتي من الواضح أن هدفها الرئيسي إغلاق الطريق على هذا المسعى الفلسطيني.
لنلاحظ أن التحسينات في عدد من الاقتراحات والمبادرات المستجدة إنما تأتي بناء على الإصرار الفلسطيني الملحوظ في التوجه إلى الأمم المتحدة، وأن اتفاق إنهاء الانقسام والسير قدما في تطبيقه يمكن أن يؤدي بهذه التحسينات إلى مقاربة الحقوق الوطنية الفلسطينية في حال أبقى الفلسطينيون على الزخم الذي حدث بفعل التوجه نحو استعادة الوحدة وعدم السماح لأي ألغام بأن تنفجر في وجه الحالة الداخلية وتعيدها إلى المربع الأول أو بالأحرى: المربع ما تحت الصفر.