ضبط إيقاع التضخم

يوسف محمد ضمرة

عمان - في ظل ظهور بوادر عالمية للتضخم، وانتقال هذا الأثر للاقتصاد المحلي، جاء قرار البنك المركزي الأردني برفع أسعار الفائدة، وبما يتوافق مع هدف البنك الأساسي المستمد من قانونه بالمحافظة على الاستقرار النقدي.

اضافة اعلان


قرار المركزي الأردني برفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية يرتبط كذلك بضمان قابلية استمرار تحويل الدينار إلى عملات أخرى، وهي تمثل السياسة الرسمية منذ ربط الدينار بالدولار عند 708-710 فلسات، وهي سياسة حصيفة أثبتت نجاعتها من قبل البنك المركزي الأردني وليست بجديدة؛ فقد اعتادها الجميع منذ ما يزيد على 27 سنة، إضافة إلى إبقاء هامش جيد بين الدينار والدولار بنحو 1.5 % لصالح الدينار للإبقاء على جاذبيته.


ولا شك أيضاً أن قرار البنك المركزي الأردني برفع أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية له دوافع مهمة، أبرزها المحافظة على عائد جيد للمدخرين بإبقاء جاذبية الدينار مقابل العملات الأخرى، لضمان تدفق الودائع إلى الجهاز المصرفي.


وهنا لابد أن نستذكر بأن البنك المركزي الأردني يتخذ قراراته بناء على دراسات وبما يتوافق كذلك مع التطورات الإقليمية والدولية؛ حيث استشرف توقعات ارتفاع معدلات التضخم بنسبة 3 % هذا العام، الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على سلاسل الإمدادات وارتفاع أسعار السلع عالمياً، وخصوصاً النفط الذي بات فوق 100 دولار للبرميل.


وفي ظل تلاطم الأمواج عالمياً، فإن المعركة الجديدة يتصدى لها البنك المركزي عبر سياسات متوائمة ومدروسة، وقد شهدنا من قبل وعلى مدار العقود الماضية قدرة البنك المركزي على المحافظة على استقلاليته، واتخاذ القرارات المختلفة بعيداً عن أي ضغوطات.

ولم يغفل البنك المركزي الأردني بقراره المحافظة على تحييد أثر سعر الفائدة على جذب الاستثمار من خلال إبقاء التمويل على القطاعات الاقتصادية الحيوية، وهو برنامج يوفر له "المركزي" التمويل من خلال الجهاز المصرفي بقيمة وصلت إلى 1.3 مليار دينار دون تغيير الفائدة عليها التي بقيت ثابتة، إضافة للإبقاء على سعر فائدة برنامج البنك المركزي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين البالغة قيمته 700 مليون دينار على مستواه الحالي دون تغيير.


وقد جاء هذا القرار كذلك بناء على دراسات من لجنة السوق المفتوحة المنبثقة عن البنك المركزي، بعد ظهور بوادر لتعافي الاقتصاد الوطني والعودة إلى مستويات العام 2019، وبعد الفترة التي عانى منها الاقتصاد نتيجة تداعيات جائحة كورونا، ومن بوادر التعافي، على سبيل المثال لا الحصر، نمو القطاع السياحي بنسبة 250 % خلال الربع الأول، ومحافظة حوالات العاملين بالخارج على نمو إيجابي خلال الشهرين الأولين من العام الحالي، إلى جانب نمو قطاع الصادرات الوطنية بنسبة 37 % إلى الخارج خلال الربع الأول.