ضريبة على الحملات الانتخابية

 

لا داعي لأن يكون الشخص ملما بالأمور المالية والمحاسبية حتى يتمكن من حساب الكم الهائل من الأموال التي ينفقها أغلب المرشحين على حملاتهم الانتخابية، التي وصلت في مجموعها الى ملايين الدنانير، ولا يملك المواطن المتابع لهذه الحملات الا ان يضرب كفا بكف حسرة ودهشة، وهو يرى كيف تتطاير الملايين حوله ويصارع جاهدا لتأمين إيجار البيت او لدفع فاتورة الكهرباء.

اضافة اعلان

أستغرب، فعلاً، ممن ينفق كل هذه الأموال وهو لم يشارك يوما في مسيرة سياسية او حتى فعالية ثقافية، ولم يكن يوما عضوا في اي حزب او منظمة او جمعية ذات أهداف سياسية او حتى ثقافية. بل إن البعض منهم لم يكن له أي مساهمات على مستوى الفعاليات الخيرية والاجتماعية، ومع ذلك فإن الحسابات البنكية تصبح مفتوحة على مشارعها بهدف الوصول الى ذلك الكرسي تحت القبة. وإن سألت ايا منهم؛ فالاجابة واحدة مهما اختلفت الصياغة، خدمة الوطن والمواطنين، هكذا فجأة تظهر الروح الوطنية العالية التي تستحق انفاق هذه الملايين.

ولأننا لا نستطيع ان نحكم على النوايا، فعلينا الاخذ بظاهر الكلام، وعلينا أن نصدق ونقتنع بأن اغلب هؤلاء المرشحين قد قرر خوض الانتخابات بدافع الروح الوطنية، وليس بدافع البرستيج والمصلحة الشخصية، وعليه فإن علينا ان نتفهم ان هذه الملايين التي ظهرت فجأة، يتم صرفها في سبيل الوطن.

ولأننا جميعا نحب الوطن، وهو امر ليس محل جدال، ولأننا جميعا نهدف الى مصلحته، فلا اظن ايا من المرشحين سيعترض على اقتراحي التالي، والذي يصب في خانة تحقيق المصلحة الوطنية بصورة مباشرة، والمساهمة مع الجهود التي تبذلها الحكومة في سبيل تحسين الاوضاع الاقتصادية في البلاد، خاصة بعد ان عانى الاردن كغيره من دول العالم من تبعات الازمة المالية العالمية سواء بشكل مباشر او غير مباشر.

اقتراحي، ببساطة، هو ان يتم فرض ضريبة بنسبة مئوية على مجموع ما ينفقه المرشح على حملته الانتخابية، سواء تلك الاموال التي ينفقها على الاعلانات واللوحات واليافطات وايجارات المقرات ورواتب الموظفين ومكافآت المناصرين ووجبات الغداء والعشاء وحافلات نقل الناخبين، وما الى ذلك من المصاريف. ولكم ان تتخيلوا معي حجم الاموال التي ستدخل خزينة الدولة نتيجة فرض هذه الضريبة، ولا اعتقد ان ايا من المرشحين سيعترض على مثل هذه الضريبة لسببين؛ الاول انها ضريبة تحقق مصلحة وطنية، وهو ما يسعى اليه المرشح عندما قرر خوض الانتخابات، والثاني أن المرشح سينفق كل هذه الاموال في كل الاحوال وبالتالي فان نسبة عشر او خمس عشرة بالمائة لن تكون شيئا يذكر مقابل ما سينفقه على حملته.

أضع هذا الاقتراح بين يدي وزير المالية ورئيس الوزراء بكل جدية وواقعية. فمن ناحية، فإن مثل هذه الضريبة لا بد أن ترفد الخزينة بمبالغ يمكن الاستفادة منها في دعم الموازنة المرهقة اساسا، ومن ناحية اخرى، فان على المرشح أن يوثق مصاريف حملته الانتخابية ويوثق بالتالي مصادر الصرف عليها، وهو امر ضروري في ظل السعي الدائم لتعزيز مبدأ الشفافية في البلاد وعلى المستويات كافة. وسواء نجح هذا المرشح أم لم ينجح في السباق الانتخابي، فانه يكون قد أدى جزءا من واجبه الوطني الذي قرر بناء عليه أن يخوض الانتخابات.

[email protected]