ضعف مشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية: تقييم الفرصة الضائعة

سيدات أعضاء في مجلس النواب بعد وصول المرأة الأردنية إلى مراكز صنع القرار -(أمجد الطويل)
سيدات أعضاء في مجلس النواب بعد وصول المرأة الأردنية إلى مراكز صنع القرار -(أمجد الطويل)

يعقوب الشوملي*

عمان- من كل ثماني نساء قادرات على المشاركة في سوق العمل (أي من عمر 15 الى 64 سنة)، نجد أن امرأة واحدة فقط تعمل أو تبحث عن عمل في الأردن! اضافة اعلان
إن هذه النسبة المتدنية، والتي تضع الأردن قرب أسفل الترتيب العالمي من منظور المشاركة الاقتصادية للمرأة، تعتبر من ظواهر أبرز فرصة اقتصادية ضائعة في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية.
عند النظر الى دول الجوار نجد أن من بين كل أربع نساء، امرأة واحدة تعمل أو تبحث عن عمل في حين النسبة العالمية تقرب من امرأة واحدة من كل امرأتين!
أتخمت المواقع الإخبارية بنقل هذه النسبة وتحليل الأسباب التي أدت الى حدوثها والتي تتنوع من تدني نوعية المواصلات العامة الى الإلتزامات العائلية الى عدم المساواة في الأجور عن ذات العمل بين الرجل والمرأة.
 إن الأسباب معروفة، والحلول كذلك معروفة، فهي نوقشت في العديد من الأوراق الصادرة عن مختلف المؤسسات الأهلية المحلية أو العالمية.
وتهدف هذه المقالة الى إضافة جانب آخر للنقاش حول هذه المسألة والتي لم تناقش الى الآن؛ ما قيمة الفرصة الضائعة نتيجة للمشاركة المتدنية للمرأة في سوق العمل؟ كم من الأموال والثروات والضرائب للخزينة نهدرها من خلال قلة استخدام نصف مجتمعنا اقتصادياً؟
للجواب عن هذا السؤال، أتبع منهجية استخدمت من خلال عدة مؤسسات عالمية لقياس قيمة هذه الفرصة الضائعة للعديد من الدول والتي تتلخص في قياس قيمة الإضافة الاقتصادية لكل امرأة إضافية أضيفت جدلاً الى سوق العمل.
 في عام 2013، نجد أن المشاركة الاقتصادية للمرأة بلغت 13.2 % (مقارنة مع 12.6 % اليوم) والتي تماثلت مع ناتج محلي إجمالي بلغ 23.9 مليار دينار أردني.
عند تطبيق المنهجية الى هذه الأرقام، نجد أنه لو كانت المشاركة الاقتصادية للمرأة بنفس قيمة معدلها لدول الجوار (أي 23 %)، لكان الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 نحو 26.2 مليار دينار (أي زيادة بقيمة 9 %).
ولو كانت النسبة تساوي المعدل العالمي (أي 50 %)، لكان الناتج المحلي الإجمالي 32.5 مليار دينار أو ما يساوي زيادة نسبتها 36 %!
إن تحقيق نمو بقيمة 36 % يحتاج الى 16 سنة قياساً الى معدلات النمو الحالي! إن إضافة امرأة واحدة الى سوق العمل الأردني يعني إضافة حوالي 13 ألف دينار لاقتصادنا الأردني والتي تتوزع ما بين أجر للمرأة، أرباح للشركات، وضرائب إضافية للخزينة.
إننا نقف اليوم على عتبة أبرز فرصة اقتصادية للأردن تتنكر تحت غطاء تدني المشاركة الاقتصادية للمرأة.
إن استقطاب الاستثمارات مهم من أجل تحقيق النمو الاقتصادي، لكن يجب علينا أن نستخدم رأس المال البشري بشقيه لتحقيق التنمية المستدامة لكافة المجتمع الأردني.
إن المسألة فقط ليست في قلة استخدام النساء في توليد النشاط الاقتصادي، بل في قلة العدالة في الاستخدام.
نستخلص من أرقام دائرة الإحصاءات العامة أن المشاركة الاقتصادية للرجال الأميين (16 %) أعلى من نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة بشكل عام وأعلى من نسب المشاركة للمرأة الحاصلة على شهادة الثانوية العامة! فأين العدالة في هذا الاختلال؟
تتطلب رفع نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، لتماثل المعدل العالمي، العديد من السياسات التي تضمن مساواة في الأجور عن ذات العمل بين الرجل والمرأة حيث تجني المرأة حالياً 90 قرشاً من كل دينار يجنيه الرجل عن ذات العمل (هذا من دون النظر الى العديد من الحالات التي تجني بعض النساء فيها أجورا أقل من الحد الأدنى للأجور).
يجب ضمان تطبيق المواد في قانون العمل من جميع أصحاب العمل التي تسهل للمرأة الحصول على فرصة للعمل الجزئي، تضمن الوصول الى حاضنات للأطفال، تضمن الحصول على إجازة الأمومة المدفوعة الأجر وتجرّم التمييز الجندري في بيئة العمل.
 ويجب توفير شبكة مواصلات بكلفة اقتصادية معقولة من أجل تسهيل التنقل لرأس المال البشري الأردني من أجل ضمان إنسيابية العمال والعاملات في اقتصاد المملكة.
إن رأس المال البشري الأردني ساهم في قيام اقتصادات جبارة في دول الجوار. آن الآوان لنستخدم  رأس المال البشري هذا في بناء اقتصاد أقوى ومستدام يحقق دخولا وفيرة للأردنيين كافةً ومستوى معيشيا أفضل للمواطنين.

*مدير الدراسات والأبحاث في منتدى الاستراتيجيات الأردني