ضغوط اقتصادية تدفع مواطنين لشراء الملابس بالتقسيط

محل لبيع الملابس يعلن تنزيلات على قطع شتوية في عمان - (تصوير: محمد مغايضة)
محل لبيع الملابس يعلن تنزيلات على قطع شتوية في عمان - (تصوير: محمد مغايضة)

منى أبوحمور

عمان- طلبات الأولاد التي تنتهي والاصطدام بمطالب الكسوة الشتوية الصيفية وملابس المدارس كلها أمور تثقل كاهل أولياء الأمور التي لم تعد لديهم القدرة على سد الفجوة بين مصادر دخلهم المحدودة ونفقاتهم التي تزداد يوما بعد يوم.اضافة اعلان
الأربعينية هناء الخليلي أم لأربعة أولاد تجد صعوبة كبيرة في تلبية احتياجات أبنائها من ملابس للبيت وأخرى للمدرسة، الأمر الذي يضعها في مأزق حقيقي بداية كل موسم.
تقول الخليلي “الشراء بالتقسيط لتأمين احتياجات أبنائي خفف عني كثيرا”، سيما وأن المتبقي دخلها من ودخل زوجها لايمكنها من سد احتياجاتها واحتياجات أبنائها.
وتعتبر الخليلي أن تأمين ملابسها وملابس أبنائها بالأقساط خفف عنها الكثير من الأعباء، خصوصا وأن سعر الشراء “لا يفرق كثيرا عن الكاش”، واصفة الراحة الكبيرة التي تشعر بها من تعامل جارتها التي تبيع سكان العمارة بالأقساط.
في حين تعرف الثلاثيني خالد مهنا على صاحب محل ملابس قريب من عمله حل له مشكلة كبيرة جدا في تأمين متطلبات أبنائه من الملابس وكل ما يحتاجونه من كسوة داخل البيت وخارجه.
“الأولاد يكبرون بسرعة والأسعار بازدياد والرواتب كما هي والتزامات الحياة كثيرة”، الأمر الذي يجعل الآباء يشعرون بقلق دائم حول إمكانية تأمين متطلبات أبنائهم.
ويتابع أن التقسيط حل مشكلة كبيرة بالنسبة له، حيث تمكن من شراء كل ما يحتاجه أبناؤه من ملابس في كل الفصول فقط بقسط شهري لا يتجاوز الخمسة عشر دينارا.
أما الثلاثينية روضة حداد فتثني على بيع الملابس بالتقسيط، منوهة إلى أنها تشعر براحة بعد أن بدأت تتعامل مع بضع محلات تبيعها قطع الملابس بالتقسيط.
“لم أعد أهكل الهم في الأعياد وبداية المدارس”، وفق حداد التي تلفت إلى أنها وفي كل مرة تشتري كل ما تحتاجه ومن ثم تقوم بتقسيط المبلغ على خمسة أشهر وفق سياسة المحل الذي تتعامل معه.
صالح الغزاوي صاحب أحد محال الملابس الذي يبيع بنظام الأقساط، أن انتهاجه لهذا النوع من البيع هو رغبة منه في التسهيل على الناس وإعطائهم الفرصة لشراء ما يحتاجونه من الملابس.
ويلفت الغزاوي إلى أن أسعار الملابس ترتفع بشكل مستمر، خصوصا مع ارتفاع أسعار الجمارك والشحن وفواتير الكهرباء وايجار المحلات الأمر الذي يجبر الكثير من التجار على رفع أسعار البيع.
ويشير إلى أن تدهور الأوضاع الاقتصادية “أثر كثيرا على البيع فأصبح هناك شح بالبيع، الأمر الذي يجعل البضائع تتكدس لوقت”، في حين أن اتباع نهج التقسيط جذب الكثير من الناس للشراء من عنده، وفق قوله.
ويتابع الغزاوي “لا أستغل الناس ولكن أبيع بما يضمن حقوقي وحقوقهم”، متابعا ظروف الناس صعبة ولابد من تقديم التسهيلات التي تزيد في حركة سوق البيع.
بدوره يشير اختصاصي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش إلى أن لجوء بعض التجار إلى بيع الملابس بالتقسيط ، يرجع إلى رغبتهم في عمل تجارة خاصة بهم تسمح لعدد كبير من الأفراد إمكانية الشراء، لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لافتا إلى أن هناك الكثير من الناس بحاجة إلى شراء الملابس وتأمين حاجيات أبنائهم إلا أن ظروفهم الاقتصادية لا تسمح بذلك.
ويبين عايش أن البيع بالتقسيط هو شكل من أشكال البيع غير الرسمي، يعطي فرصة للمواطنين التزود باحتياجاتهم دون أن يضغط على دخلهم، كما يمكن التاجر من فرصة إقامة شكل من أشكال التجارة وتسويق تجارته بين أكبر عدد ممكن من المواطنين.
ويردف أن التقسيط واحد من الأشكال المبدعة من التجارة، اخترعها تجار أذكياء من أجل تسويق بضاعتهم لأكبر عدد من المواطنين وهو شكل جيد من أشكال التعامل مع ظروف الناس واحتياجاتهم.
ويفترض بهذا النوع من البيع، وفق عايش، أن تكون معرفة لدى جميع الأطراف، حيث لا يقوم التاجر باستغلال حاجة الناس واضطرارهم على الشراء، مؤكدا على ضرورة وجود ضوابط لاستدامة هذا النشاط، منوها إلى ضرورة أن يكون للدولة دور في المراحل اللاحقة في حماية مثل هذا النوع من الأنشطة ببعض الشروط والضوابط التي تضمن حقوق جميع الأطراف.
وفي الإطار الاجتماعي يلفت عايش إلى أن الظروف الصعبة تمنع العديد من الأسر من تأمين حاجياتهم بكامل المبلغ المطلوب، الأمر الذي يعني بشكل أو بآخر وجود عجز بين دخل الأسر ونفقاتها، مبينا أن هذا العجز يتم تسديده من خلال التقسيط، الديون، البطاقات الائتمانية الجمعيات والحوالات المصرفية.
وينصح عايش أن يكون هناك توعية لدى الناس وأن لا يخدعوا ببعض المحفزات التي قد يحصل عليها المشتري، فيجب على كل شخص أن يدرس هذه الأمور والتأكد من مدى قدرته على سداده وأن يتيقنوا أن التقسيط ليس الحل المناسب لدخلهم.