طحالب وكافيار: مفاتيح جمال في أعماق البحار

الكائنات البحرية غنية بالمواد الفعالة التي تحافظ على نضارة البشرة - (د ب أ)
الكائنات البحرية غنية بالمواد الفعالة التي تحافظ على نضارة البشرة - (د ب أ)

كولونيا- تزخر أعماق البحار بالعديد من الكائنات الحية، التي لم يعد استخدامها مقتصراً على تناولها كأطعمة فحسب، إنما يُستخلص منها في وقتنا الحالي بعض المواد الفعّالة المهمة للعناية بالبشرة وجمالها؛ فمثلما يتصدر الكافيار قوائم الأطعمة بأفخم المطاعم، أصبح الآن أحد المكونات المهمة أيضاً بكريمات العناية بالبشرة لما يتمتع به من قدرة عالية على تجديد خلايا البشرة.اضافة اعلان
وأكدت طبيبة الأمراض الجلدية الألمانية أوته شلوسبرغر أن مبدأ استخدام الكائنات البحرية الدقيقة ليس أمراً مستحدثاً في عالم الجمال، إذ يُعرف منذ فترات طويلة أن استخدام أقنعة الوجه من الطمي بما يحتويه من كائنات دقيقة وعمل حمامات بمياه البحر المالحة يعد إجراءً فعّالاً لترطيب البشرة والحفاظ على جمالها، إلا أن العلم في وقتنا الحالي طوّر مثل هذه الطرق البدائية ليُقدم العديد من الكريمات والأمصال والأقنعة المحتوية على مواد فعّالة مستخلصة من الطحالب والعوالق وغيرها من الكائنات البحرية الدقيقة. وأشارت شلوسبرغر، عضو الرابطة الألمانية لأطباء الأمراض الجلدية بمدينة كولونيا، إلى أن ظهور مثل هذه المستحضرات يرجع لعدة أسباب، موضحة أن مرضى الحساسية وذوي البشرة الحساسة يعانون من عدم ملاءمة مستحضرات العناية العادية لهم لاحتوائها على زيوت معدنية وصبغات كيميائية.وبفضل خلوّ المستحضرات المعتمدة على المواد الفعّالة المستخلصة من الكائنات البحرية الدقيقة من هذه المواد ولاحتوائها أيضاً على أُس هيدروجيني محايد تماماً، لذا تتناسب هذه المستحضرات بشكل مثالي مع هؤلاء الأشخاص. وأكدت آنتيا لابس، من مركز هيلمهولتس لأبحاث العلوم البحرية بمدينة كييل الألمانية، أن المستحضرات المحتوية على مستخلصات كائنات بحرية دقيقة تتمتع بالعديد من المميزات الأخرى؛ إذ تتسم الكثير منها مثلاً بقدرتها العالية على الذوبان في الماء، ما يُتيح لها فرصة التوغل إلى داخل الجلد بشكل أكبر.
خبيرة التجميل الألمانية إيلينا هيلفينباين توضح أن الطحالب بصفة خاصة تتمتع بفوائد عديدة بالنسبة للبشرة؛ حيث تعتمد في تغذيتها في عالم البحار على استخلاص العناصر الغذائية كالفيتامينات والمعادن والعناصر النزرة بشكل مباشر من الماء وتقوم بتخزينها داخلها.
وأردفت هيلفينباين، عضو الرابطة الألمانية لشركات إنتاج وتوزيع مستحضرات التجميل بالعاصمة برلين، أن الكيلوغرام الواحد من الطحالب يحتوي على مواد فعّالة مستخلصة من 100 ألف لتر من ماء البحر، لافتةً بقولها "تتمتع الطحالب وأشباهها من الكائنات الحية التي تعيش في أعماق البحار بهذا التركيز العالي من المواد الفعّالة".
مكافحة الشيخوخة
وبإجراء أبحاث دقيقة على الطحالب اكتشف العلماء بعض المميزات الأخرى لها بالنسبة للبشرة، فعلى سبيل المثال يتميز الطحلب البني المعروف باسم (اللاميناريا) بقدرته على مواجهة الأمواج من خلال شد نفسه. وبفضل هذا المحتوى الكبير من الكولاجين النباتي يمكن أن يُستخدم هذا الطحلب في مستحضرات مكافحة الشيخوخة ليعمل على إمداد البشرة وطبقات الجلد من الداخل بالقدرة على مقاومة عوامل التقدم في العمر.
كما توجد نوعية أخرى من الطحالب تمتلك القدرة على حماية نفسها من هجوم البكتيريا من خلال ما تحتويه من مواد مضادة للبكتيريا؛ ومن ثمّ يمكن استخدام المواد الفعّالة المستخلصة من هذه الطحالب لعلاج البشرة غير النقية والدهنية. بينما توجد نوعيات أخرى من الطحالب تعمل على إفراز نوع خاص من السكر يقوم بحماية البشرة من المؤثرات البيئية ويُستخدم كمثبط لما يعرف باسم "الجذور الحرة" المدمرة لخلايا البشرة.
وإلى جانب الطحالب أكدت هيلفينباين أن الكائنات الدقيقة الموجودة في المحيطات تلعب دوراً كبيراً أيضاً في العناية بجمال البشرة ورونقها، لاسيما الكافيار؛ حيث يحتوي على مركبات بروتينية تعمل على تحفيز عملية التمثيل الغذائي بخلايا البشرة.
وبينت هيلفينباين أن العوالق البحرية تُستخدم أيضاً في وقتنا الحالي في الكثير من مستحضرات العناية بالبشرة؛ حيث تعمل هذه الكائنات الدقيقة على إبطاء تفكك مادة الكولاجين التي تنتجها البشرة؛ ومن ثمّ تُحفز قدرة البشرة على تخزين الرطوبة بداخلها.
تقوية النسيج الضام
أما عن المحار فأكدت هيلفينباين أنه يُمثل وسيلة حماية قوية للبشرة؛ حيث يعتمد في تكوينه على حماية نفسه من أي عوامل هجوم خارجية كالناتجة مثلاً عن حبيبات الرمل من خلال إفرازه لمادة "أم اللؤلؤ"، التي يتكون جزء كبير منها من كربونات الكالسيوم، التي تُعد إحدى المواد الفعّالة التي تم اكتشافها مؤخراً في عالم التجميل والعناية بالبشرة، إذ ثبت أنها تعمل على تقوية النسيج الضام بالجلد.
وبالنسبة للمادة المعروفة باسم (حرير البحر) المكون من خيوط بروتينية ويقوم بلح البحر باستخدامه لتثبيت نفسه على الصخور الزلقة، فيُستخدم بصفة خاصة في منتجات العناية بالشعر. وتبين عالمة الأحياء الدقيقة لابس أنه من المرجح أن المستحضرات المصنوعة من مستخلصات الكائنات البحرية الدقيقة هذه ستشهد طفرات عديدة في المستقبل.
وقالت "إذا تأملنا أننا لا نعرف حتى الآن سوى 1,0 % فقط من هذه الكائنات الموجودة في أعماق البحار والمحيطات، سيُمكننا حينئذٍ تصور كم الفرص المنتظرة في المستقبل لاكتشاف مواد فعّالة جديدة من هذه الكائنات".-(د ب أ)