طريق الوعي والإدراك

هاشم نايل المجالي

كلنا يعلم أنه منذ سن الطفولة يبدأ يتكون وعي الإنسان على أساس الكلمات واللغة التي يتم التعامل بها والأسلوب وآلية النطق، كذلك لأنه بواسطتها يجري التعبير عن أفكارنا شيئا فشيئا وتدريجيا، وهذا يساعد على النطق البشري وإثراء إدراكه ويتحسن ويتطور الكلام ليزيد من قدرات الحنجرة وأعضاء الفم لتكون الكلمات ذات دلالات لينشأ الكلام الواضح لدى الانسان أي اللغة كوسيلة لتبادل الأفكار والتفاهم بين الافراد، حيث إن الإنسان، يولد صفحة بيضاء معرفيا لا يعرف لغة ولا مسميات ولا شيء حوله، كذلك لم يكن في دماغه أي معلومات سوى ما يتراءى اليه من مشاهدات وفطري الاخلاق، ويبدأ يكتسب الانسان ذلك تدريجياً من والديه وأهله ومن حوله رغبات وعواطف للدلالة والتعبير في تسلسل تدريجي، وتعليمه العادات الاجتماعية والاخلاق والطقوس الدينية مع اختلاف الطرق المتبعة لذلك.اضافة اعلان
لذلك تنوعت المسميات والسلوكيات والتقاليد والقيم وغيرها من مجتمع لآخر ريفي ومدني، وكانت تلك النشأة حبيسة ثقافات وعادات محدودة، أما الآن فهناك ثقافات مختلفة يتم تعبئة العادات والتقاليد واللغة والنطق بأساليب جديدة وسلوكيات جديدة، وكأنك تسجل شريطا لكلمات أغنية من نغمة إلى نغمة ومن كلمات إلى كلمات، لتندمج العديد من الكلمات بين اللغة العربية والأجنبية، حتى أن هناك من الأطفال من يتأثر بلغة جنسية الخادمات الأجنبيات، وأصبح يؤثر على تفكيرهم ووعيهم حتى يتأثر بديانات متعددة في غياب واضح لدور الأهل عن ذلك، حيث اندماج الطفل مع مربيته لتشكل وعيه ودلالاته التعبيرية والسلوكية، وهذه اصبحت ظاهرة اجتماعية.
وهناك أطفال في دول عربية تأثروا في ديانات متعددة، لأن الوعي المكتسب لديهم كان ممن يتعايشون معه أكثر الاوقات ويتكلمون معه بلغة التفاهم، والغلاف اللغوي اصبح يقود إلى التفكير للتعبير عما يجول في خاطرنا وأجيالنا الحالية اصبحت تتأثر منذ الطفولة بأنواع عديدة من اللغات والكلمات، حتى بلغة التخاطب بين الافراد في الندوات والمحاضرات وعلى الفضائيات حتى الالفاظ المتبادلة بين المسؤولين في المجالس المختلفة، كل هذه المؤثرات تحتاج منا مراجعة لأبنائنا لإزالة الشوائب والمؤثرات من أساليبهم ونطقهم وسلوكياتهم التي أصبحت تتأثر بالسلبيات اكثر من الإيجابيات.
فلم نعد نفهم على كثير من الشباب عندما يتحدثون، حيث يتم دمج الكلمات بعدة لغات لا تعرف البداية ولا النهاية ولا المعنى ولا المضمون، حتى اللغة المستخدمة من قبل المسوقين عبر اجهزة الهاتف الخلوي أو الرد الآلي، وهذا يحتاج من الجهات المعنية وضع أسس خاصة للجهات الرسمية لتوحيد لغة التخاطب والتفاهم عبر العديد من الوسائل الرسمية.
أما القطاع الخاص فهذا شأنهم ويرجع لمدى حفاظهم على اللغة المعتمدة لديهم، ويبقى للأهل مراقبة ومتابعة تربية أبنائهم وتحسين النطق واللغة لديهم حماية لهم من أية مؤثرات خارجية سواء من قبل الخادمات ذات الجنسيات المتعددة أو في الروضة المدرسية أو القصص والأفلام التلفزيونية أو الألعاب على أجهزة الهاتف الخلوي.