طقوس دينية واجتماعية في العشر الأوائل من ذي الحجة

يبدأ المسلمون في كافة بقاع العالم الإسلامي بممارسة طقوسهم الدينية في العشرة الأوائل من ذي الحجة - (أرشيفية)
يبدأ المسلمون في كافة بقاع العالم الإسلامي بممارسة طقوسهم الدينية في العشرة الأوائل من ذي الحجة - (أرشيفية)

منى أبوحمور

عمان- مع حلول شهر ذي الحجة، تبدأ عائلة الستيني عواد المرواني العودة إلى الأجواء الرمضانية؛ حيث تحمل هذه الأيام بالنسبة لهم روحانيات خاصة وطقوسا دينية مميزة.
ولا تقتصر طقوس هذه الأيام على الجانب الديني فحسب؛ حيث يبدأ جميع أفراد العائلة بالصوم حتى صبيحة اليوم الأول من عيد الأضحى، ما يجعلهم يشعرون بمتعة كبيرة.
وتبدأ الثلاثينية ليالي مؤنس التي اعتادت وأخواتها على صوم أيام ذي الحجة بالتحضير لهذه الأيام المباركة؛ حيث تقوم هي وأفراد عائلاتها بتجهيز البيت حتى يتسنى لهم التفرغ للعبادة وقراءة القرآن.
وتقول “في كل يوم من هذه الأيام يتناول أفراد العائلة كاملة، طعام الإفطار في بيت إحدى الأخوات، ويقرأون القرآن ويسبحون ويهللون ويكبرون تكبيرات الحج، الأمر الذي تصفه بأنه أكثر من رائع”.
أما الخمسينية جميلة تركي والتي اعتادت على صوم “عشرة الحج”، منذ ثلاثين عاما، فتصف هذه الأيام بالأحب على قلبها، وتقول “تبدأ العشرة وتنتهي بيسر بدون أن أشعر بتعب من الصوم”، معتبرة أن الانتهاء من صوم هذه الأيام والقيام بالعبادات على أكمل وجه هو العيد الحقيقي بالنسبة لها ولعائلتها.
في حين تصف العشرينية مادلين محمد الأجواء العائلية والروحانية التي يتسم بها المنزل في هذه الأيام؛ حيث تعود الأجواء الرمضانية، خصوصا وأنهم يقضون صوم هذه الأيام برفقة أشقائها ووالديها الذين يضيفون نكهة مميزة لهذه الأيام المباركة، من وجهة نظرها.
وتجسيدا للقيم الدينية المباركة التي تحملها هذه الأيام والسعي لنيل الأجر والثواب، يقوم الخمسيني بلال الزعبي وبالترتيب مع أشقائه بتوزيع طرود الخير والصدقات وملابس العيد على الأسر المحتاجة، كما يقومون بإطعام عائلة مسكينة كل يوم على الإفطار، إيمانا منهم بالتكافل الاجتماعي وحرمة هذه الأيام.
ويقول “أفضل هذه الأيام عندنا هو لحظة انتقاء الأضحيات”؛ حيث يبدأ الزعبي وعائلته بترتيب المكان الذي سيقومون بذبح الأضحية فيه، كما أنهم يدونون الأسماء التي يريدون توزيع الأضاحي عليها حتى لا ينسون منهم أحدا.
وتبدأ ام أمجد، وهي ربة منزل مكونة من أربعة أولاد، بتزيين المنزل والصوم مع بداية أيام ذي الحجة؛ حيث تنثر الفرح في البيت استعدادا لاستقبال عيد الأضحى.
وتقول أم أمجد “أحرص على تحفيز أبنائي على المشاركة خلال هذه الأيام بالصوم والتكبير والتهليل بأوقات متقطعة”، رغبة منها في تعليمهم القيم الدينية والأخلاقية والمبهجة والمفرحة في الوقت ذاته.
وتؤكد أم أمجد أنها ومن خلال السنوات الماضية كانت تلمس مدى ابتهاج أطفالها خلال القيام بالتكبير الجماعي.
وأكثر ما يزيد الفرحة في قلوب أبنائها هو استعداد عائلتها لطقوس الأضحية؛ حيث تتعمد شراءها قبل أيام من العيد، وأثناء ذلك تقدم لأبنائها دروسا حول توزيع الأضحية على الجيران والفقراء.
أما عمل الكعك و”التعزيل” فهذه طقوس أخرى للخمسينية تقوم بها أم بلال إلى جانب صومها أيام ذي الحجة، ويشاركها أبناؤها وبناتها مبتهجين وهم يستعدون لاستقبال العيد.
ومن جانبه، يبين اختصاصي علم الشريعة الدكتور منذر زيتون، فضل الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة؛ حيث يعتبر هذا اليوم من أفضل الأيام على الإطلاق في الدين، وهو يوم النحر كما هي ليلة القدر من أفضل الليالي، حيث يكون أجر العمل الصالح فيها عند الله كبيرا.
وجاءت أهمية وفضل الأيام العشرة من ذي الحجة، كما يقول، لما ورد في الأحاديث النبوية وروايات السلف؛ إذ تعد تلك الأيام “أفضل أيام العام”، وقد شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وفسر ابن العباس الآية القرآنية “والفجر، وليالٍ عشر”، على أنها “عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها، لما لها من عظمة وأهمية”.
ويتضمن العمل الصالح في هذه الأيام، وفق زيتون، الصوم ويمتد إلى الواجبات والتطوعات، كالصلاة وزيادة السنن والتطوعات والإنفاق من صدقة أو زكاة ومساعدة الناس والكلمة الطيبة وأن يسير الإنسان في خدمة الناس ومساعدتهم وإماطة الأذى عن الطريق وقراءة القرآن الكريم والتسابيح.
ويشير إلى أن أفضل يوم للصوم هو يوم التاسع من ذي الحجة؛ حيث يكفر صيامه ما تقدم من ذنب الإنسان وما تأخر.
وقد جاء القرآن الكريم، بحسب زيتون، ليؤكد فضل هذه الأيام العشرة عندما أقسم الله تعالى بهذه الأيام، الأمر الذي يؤكد فضلها وبركتها وقد زادت أفضلية هذه الأيام عندما كلم الله تعالى فيها سيدنا موسى عليه السلام.
ومن فضائل هذه الأيام النحر، وهي من أفضل العبادات التي يغفر فيها الله تعالى فيها ذنوب عباده مع أول قطرة دم تراق من الأضحية، معتبرا هذه الأيام تعد موسما للطاعات لا يقل أهمية عن شهر رمضان المبارك، مؤكدا الأجر الكبير للصدقات، التطوعات، الصلاة، الدعاء، قيام الليل ومسامحة الناس وإزالة الخصومات والتحابب بين الناس.
وتأتي أيام ذي الحجة، وفق زيتون، من ضمن الأشهر الحرم التي يجب التوقف فيها عن الأعمال غير الصالحة، والتفرغ فقط إلى العبادات والأعمال الصالحة، وقد جاء القرآن الكريم ليؤكد حرمة هذه الأشهر وحرمة القيام بالأعمال السيئة فيها.

اضافة اعلان

[email protected]

 @munaabuhammour