طوشة ورسوم وتنافس

جهاد المنسي مؤسف أن نشاهد مناظر التكسير والشتم في جامعاتنا الأردنية، ومؤسف أكثر أن يكون ذاك في الجامعة الأم «الأردنية»، وليس هذا فقط وإنما في كلية الحقوق أو بالأحرى في باحات الكلية وبالقرب منها، تلك الكلية التي خرجت لنا قضاة ومحامين وعلماء قانون قل نظيرهم في الأردن والوطن العربي، ثم تأتي شلة لتشويه سمعة هذا القصر الشامخ والجامعة العتيقة، وتعكر على باقي الطلبة حقهم في التعليم. المؤسف أن المشهد يتكرر في كل فصل مع تغير اماكن المشاجرات وموقعها، حتى بات لسان حال الأهالي لأبنائهم وبناتهم الطلبة عند كل فصل دراسي، (إذا صارت طوشة ابعد/ي عنها.. لا تقتربوا منها)؛ فهل بات لزاما على الاهالي إرسال ابنائهم للجامعة مع خوذ لحماية رؤوسهم من حجر طائش او عصا ضلت طريقها. لا أجدني في هذا المقام إلا شادا وبقوة على يد إدارات الجامعات لوضع حد لحالات «الولدنة» التي تحصل بين فترة واخرى في جامعاتنا الأردنية، والتي كان آخرها ما حصل من حفلة تكسير وسب وشتم في الجامعة الأردنية بين عدد محدود من الطلبة. لا أعرف يقينا سبب «الطوشة»، ولكني أكاد أتوقع سببها المباشر وغير المباشر، وأستطيع معرفة تداعيات المشكلة التي لا أريد الدخول في أسبابها الآنية، وإنما سأذهب باتجاه توسيع قاعدة التفكير عن سبب المشاكل التي تحدث وكيف نحد منها/ ونضع حدا لها. بداية، أعتقد أن مناهجنا الدراسية تحتاج لإعادة نظر، وأسلوب التربية والتعليم بحاجة لوقفة جادة لإعادة الاعتبار للمعلم من ناحية الحضور والراتب، ومن ثم زيادة قوة الضبط والحضور. نعم فمنهاجنا أصم بحاجة لتعديل، ومعلمنا اختلف عن معلمينا الاوائل من ناحية الحضور والهيبة والشد والحزم، وتلك ليست دعوة لضرب الطلبة بقدر ما هي دعوة لتقوية شخصية المعلم وحضوره داخل قاعة الدرس. في الاتجاه الآخر ولدراسة الأسباب التي تجعلنا نرى في كل فصل دراسي مشكلة في هذه الجامعة أو تلك، فإن علينا ان نعيد النظر بكل اشكال القبول والتعليم الجامعي وفتح الباب لدراسة الظاهرة بعيدا عن التشنجات الانفعالية ودون وجود مناطق محمية وخطوط حمر لا يجوز الاقتراب منها، والتفكير بسياسة القبول لدينا خارج الصندوق الذي اعتدنا التفكير فيه دوما، كما علينا توسيع قاعدة القبول على التنافس وتقليص الاستثناءات، إذ لا يحوز البتة ان يكون حجم الاستثناءات لدينا يفوق الـ35 %، وذلك لا يعني أن الطلبة الذين يحصلون على استثناءات هم سبب المشاكل دون غيرهم، فالجميع في مركب واحد، ولكن حتى نحدد الظاهرة ونعالجها علينا ان ندخل في اعماقها قبل التفكير بهيكلة رسوم الجامعات ورفعها. وهنا أراني في هذا المقام مؤيد بقوة لموقف الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة (ذبحتونا) التي أبدت استغرابها من تصريحات تتحدث عن التوجه لـ»هيكلة الرسوم الجامعية»، وأؤيد ما ذهبت اليه «ذبحتونا» عندما اعتبرت ان رسوم التنافس في الجامعات الرسمية مرتفعة بالأساس، وكافة التخصصات التي تم اطلاقها بعد عام الـ2000، يتراوح متوسط رسوم الساعة للتخصصات المستحدثة 65-70 دينارا للساعة. عمليا، فإنه قبل ان يفكر المسؤولون برفع رسوم الجامعات عليهم تعديل الخلل الظاهر في نظام القبول الجامعي، وتفاوت معدلات الطلبة الذين يتلقون العلم في جامعاتنا، فلا غرابة ان نرى طالبا اجتاز معدل الـ92 % في التوجيهي ولا يحصل على مقعد في كلية الحقوق مثلا، فيما يحصل طالب آخر على مقعد في ذات الكلية، ومعدله إما عند حد 65 % أو يزيد قليلا، والسبب أن ذاك الطالب لديه استثناءات ومكارم. شخصيا لست ضد وجود مكرمة للمعلمين أو للجيش وخلافه، ولكني أعتقد أن الأصل أن يدخل كل الطلبة دون استثناء في التنافس على مقعد جامعي ومن يحصل على المقعد يمكنه أن يحصل على المكرمة التي تنطبق عليه، فالأردنيون متساوون في الحقوق والواجبات، وبالتالي فإن تمييز طالب عن آخر في القبول فيه قفز عن مادة دستورية واضحة ومحاباة لفئة دون أخرى. المقال السابق للكاتب هكذا حلمت في بداية 2023اضافة اعلان