طيف أردوغان يهيمن على الترشيح التركي

اسطنبول -خرج الرئيس رجب طيب أردوغان، المتابع الشغوف للرياضة والذي ساهم في تطوير البنى التحتية لكرة القدم في بلاده، صفر اليدين من محاولاته المتكررة لاستضافة بطولة كبرى منذ وصوله إلى السلطة قبل 15 عاما، ويجد نفسه أمام فرصة جديدة مع كأس أوروبا 2024.اضافة اعلان
ويختار الاتحاد الأوروبي للعبة اليوم البلد المضيف لبطولته التي تقام كل أربعة أعوام، والتي تتنافس تركيا وألمانيا على استضافتها في 2024.
ومرة جديدة، سيكون طيف أردوغان مهيمنا على ملف الترشيح التركي: فصورته كسياسي قادر على تحقيق ما يعد به تُعدّ مساعِدة لهذا الترشيح، بينما قد تؤثر عليه سلبا صورته كحاكم ذي نزعة استبدادية متزايدة.
ومن قبيل الصدفة، سيكون أردوغان يوم إعلان المضيف، في زيارة إلى ألمانيا بعد أشهر من العلاقات المتوترة بين أنقرة وبرلين التي لم تخف انتقاداتها للرئيس التركي على خلفية ملفات عدة. ويتوقع أن تكون مسألة مضيف كأس أوروبا 2024، إحدى النقاط التي سيتطرق إليها الرئيس التركي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وأبرز الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في تقريره التقييمي لملف الترشيح التركي الأسبوع الماضي، "عدم وجود خطة عمل في مجال حقوق الإنسان"، معتبرا أن ذلك يشكل موضع "قلق". كما أن الاتحاد الأوروبي (السياسي) الذي حاولت تركيا الانضمام إليه على مدى نحو نصف قرن، انتقد - كما العديد من المنظمات الحقوقية - الحملة الصارمة التي قامت بها السلطات التركية على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان في العام 2016.
وباتت حقوق الإنسان محورا أساسيا في أي ملف ترشيح بنظر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لاسيما بعدما أدرج هذه المسألة - وللمرة الأولى - ضمن المعايير التي يستند عليها تقييمه للملفات، بدءا من كأس 2024.
وبحسب الباحث عن تركيا في منظمة العفو الدولية أندرو غاردنر، "أينما نظرت في تركيا، تجد انتهاكات حقوق الإنسان منتشرة".
يضيف لوكالة فرانس برس "على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن يكون واضحا مع الحكومة التركية، أن ذلك لن يكون مقبولا خلال كأس أوروبا 2024، مشيرا الى ضرورة السماح بالتظاهرات على هامش البطولة.
ويقول الباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول جان ماركو أن مسألة احترام حقوق الإنسان نادرا ما تكون شرطا مسبقا لاستضافة أحداث رياضية كبرى، ذاكرا على سبيل المثال استضافة روسيا برئاسة فلاديمير بوتين، نهائيات كأس العالم في كرة القدم 2018.
ويعتبر أن أي بلد يتم اختياره "لاستضافة حدث رياضي كبير لا يُتَوقع بأي شكل من الأشكال أن يكون مثالا للديموقراطية وحكم القانون".
إلا أن غاردنر يرى في استضافة تركية محتملة لكأس أوروبا 2024، انعكاسا إيجابيا على حقوق الإنسان، لاسيما وأن هذه الاستضافة ستجعل البلاد تحت المجهر على مستوى العالم. أضاف "أعتقد أنه يكون لها (الاستضافة) تأثير لأنها - كما رأيتم على سبيل المثال في روسيا- توجه أنظار العالم والتركيز على هذا البلد (المضيف)".
وحتى قبل وصول أردوغان الى السلطة، حاولت تركيا استضافة كأس أوروبا وأيضا دورة الألعاب الألعاب الأولمبية، دون نجاح في ذلك.
الا أن جدية ملفات الترشيح زادت في عهد السياسي الذي تولى رئاسة الوزراء منذ العام 2003، وانتخب رئيسا العام 2014.
وفي 2010، كانت تركيا قاب قوسين أو أدنى من الفوز باستضافة كأس أوروبا 2016، قبل أن تخسر بفارق صوت واحد أمام فرنسا، وسط جدل حول دور أداه رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة حينها الفرنسي ميشال بلاتيني.
وفي 2013، خسرت اسطنبول السباق لاستضافة أولمبياد 2020 الصيفي لصالح العاصمة اليابانية طوكيو، ما أثار امتعاض أردوغان لاسيما وأن تلك الخسارة تزامنت مع احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة شهدتها تركيا.
ويعرف عن أردوغان حبه لكرة القدم التي زاولها بشكل شبه احترافي في شبابه. وشهدت المدن التركية طفرة في بناء ملاعب جديدة للعبة خلال عهده، الا أن اللافت كان أن الرئيس التركي بقي بعيدا نسبيا عن الترشح لاستضافة كأس أوروبا 2024.
ويرى الباحث في جامعة إيكس-مرسيليا داغان إيراك أن الترشيح للاستضافة رافقته "قلة حماسة من قبل السياسيين الأتراك والشخصيات الرياضية"، مرجحا أن يكون سبب ذلك "مشاكل مالية" على خلفية الصعوبات الاقتصادية الحالية والتوقعات بنمو منخفض العام المقبل.
وعلى رغم ذلك، يتوقع أن تشكل استضافة البطولة في حال نيلها، دعما كبيرا لإردوغان، لاسيما وأن موعد البطولة يأتي بعد عام من إحياء البلاد الذكرى المئوية لتأسيسها على يد مصطفى كمال أتاتورك.
ويعتبر ماركو أن استضافة البطولة ستجعل الناس يتغاضون عن الجانب السلبي لتركيا الحديثة "ويعطي البلاد صورة إيجابية أكثر، لاسيما وسط أولئك الذين لا يعرفونها بشكل جيد". -(أ ف ب)