ظاهرة "الغسل الأخضر" تتنامى في شركات كبرى بولايات أميركية

غازات ملوثة للبيئة تنبعث من أحد المصانع العالمية-(أرشيفية)
غازات ملوثة للبيئة تنبعث من أحد المصانع العالمية-(أرشيفية)
فرح عطيات

تتنامى ظاهرة "الغسل الأخضر" بين شركات كبرى في ولايات أميركية عدة، والتي كانت تعهدت سابقا بالتقليل من تأثيراتها السلبية على البيئة، وخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة.

فـ"الغسل الأخضر، الذي ظهر كمصطلح عام 1986، يشير الى دعوة مؤسسات وشركات التزامها بحماية البيئة، ومكافحة تغير المناخ، بتحويل استثماراتها ومنتجاتها إلى صديقة للبيئة، والتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة"، وفق تعريفات الأمم المتحدة. ففي وقت يحقق فيه سوق المنتجات الخضراء 230 مليار دولار في الولايات المتحدة سنويا، بحسب بحث لجامعة فوردهام الأميركية، لكن تقريرا لمؤسسة "ايكو بزنز"، أكد أن ادعاءات "الغسل الأخضر" وصلت للحد الأقصى عام 2021، في إشارة إلى أن هذه الشركات تبيع "الوهم" للمستهلكين، بخاصة الراغبين بشراء منتجات صديقة للبيئة، وفق تقارير أممية متعددة. ولعل ما يساعد هذه الشركات على نشر ادعاءاتها المضللة، عدم وجود أدوات ووسائل يمكن معها التحقق من صحة بياناتها التي تشير إلى أنها تتبع منهجا صديقا للبيئة في استثماراتها ومنتجاتها، وفقا لإعلاميين أميركيين. كما أن هذه الشركات، ووفق ما أدلى به هؤلاء من تصريحات خلال لقاءات مع وفد إعلامي أردني زار مدينتي سان فرانسيسكو، وألباكركي الأميركيتين الأسبوعين الماضيين "تتجه لاستخدام منصات إعلامية، لمساعدتها في الترويج لادعاءاتها على نطاق واسع". وبرغم أن شركة إعلامية، التقى بها الوفد الأردني "تعتمد في تغطيتها على نشاطات الشركات التي تنتهج معايير صديقة للبيئة، لكنها لم تكن قادرة على التحقق من مدى صحة ادعاءات تلك الشركات". وهذا الأمر، فتح باب تساؤلات حول الضغوطات التي تمارسها الشركات، الممول الرئيس لهذه المواقع الإخبارية، الى جانب ضغوطاتها على الإعلاميين العاملين فيها لكتابة الأخبار والتقارير، إذ تعمل على "تبييض صورتها بشأن العمل المناخي". وبرغم التأكيدات التي أفصح عنها الإعلاميون، والتي تفيد بعدم تأثرهم بالضغوطات، لكن آخرين أكدوا عكس ذلك تماما، وبأن تلك الشركات تؤثر بصورة ليست قليلة على ما ينشر في وسائل الإعلام، ولا سيما إذا كانت ضمن قائمة المعلنين الكبار. ويكمن لجوء الشركات الكبرى لهذه الوسائل التي تعد من أدوات الغسل الأخضر، بعد ممارسة ضغوط عديدة عليها، لتطبيق معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية، وتقديم تقارير بشأن الاستدامة، وصولا الى تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ، كما ذكر معهد الحكومة والمساءلة بولاية نيويورك، في تقرير سابق له. وكشفت دراسة لمنظمتي "كربون ماركت ووتش" و"نيو كلايمت إنستيتيوت"، صادرة في شباط (فبراير) الماضي، عن أن "التعهدات التي أدلت بها 24 شركة كبرى بتحقيق الحياد الكربوني في فترات مستقبلية، كان مبالغ بها، وخاطئة ومضللة في الوقت ذاته". ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن "لمعظم الشركات التي خضعت للدراسة، أهدافاً مناخية بموعد نهائي في عام 2030، لكن أغلبها محدود النطاق وغير كافٍ للمساعدة بتحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل بحصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية". ووفقا لتقرير صادر عن شركة "نيلسين" العام الماضي، فإن "66 % من المستهلكين العالميين على استعداد لدفع المزيد، مقابل العلامات التجارية المستدامة، وبرغم إيجابية ذلك، فإنه يُشجع على الغسل الأخضر". وجاء في مؤشر الاستدامة لعام 2022 الصادر عن "جرين برينت" أن "75 % من المستهلكين الأميركيين، يشعرون بالقلق إزاء الأثر البيئي للمنتجات التي يشترونها". هذه الخطوة التي تنتهجها الشركات، الى جانب السياسات الحكومية بشأن العمل المناخي، لن تشكل أي علامة فارقة في التعامل مع تحديات التغير المناخي، والوفاء بما ورد في اتفاقية باريس، بل إن العالم سيشهد المزيد من الكوارث المناخية المتطرفة، التي ستؤدي لمزيد من الخسائر المادية والبشرية في المستقبل القريب.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان