عائد من درنة: السبيّة بـ 10دولارات والقتال في سورية بـ 100 ألف

القاهرة - كشف شاب مصري كان على علاقة بتنظيم "داعش" بمدينة درنة الليبية، أن التنظيم كان يرسل 100 ألف دولار على أقساط لأهالي من ينجح في تجنيدهم وإرسالهم للقتال في سورية.اضافة اعلان
وبثت قناة "دي إم سي" التلفزيونية المصرية أول من أمس، حوارا مع شاب يدعى علي سالم كان سافر بطريقة غير شرعية العام 2012 إلى ليبيا، وعمل لفترة قصيرة في مدينة بنغازي، وانتقل بعدها إلى مدينة درنة التي كانت حينذاك معقلا رئيسيا للتنظيمات المتطرفة.
الشاب المصري الذي قضى في درنة فترة طويلة من الوقت بين عامي 2012 - 2013، ذكر في الحوار التلفزيوني أن مبلغ 100 ألف دولار التي كان تنظيم "داعش" يغري بها أولئك الذين يجندهم ويرسلهم إلى سورية عبر تركيا للقتال في صفوف التنظيمات المتطرفة، ترسل إلى ذوي هؤلاء عن طريق أشخاص، أو عبر مكاتب صرافة في مصر تابعة للإخوان المسلمين.
وكشف الشاب المصري العائد من مدينة درنة الليبية الأساليب التي كان يتبعها تنظيم "داعش" لتجنيد العاملين المصريين في المدينة، مشيرا إلى الإغراء بالحصول على سبايا من النساء بالإضافة إلى الأموال، والتهديد والوعيد وممارسة صنوف من وسائل الإكراه مثل مصادرة الهواتف الخاصة وتقييد حرية الحركة لمن يرفض عروضهم، لافتا إلى أن أعمار هؤلاء تتراوح بين 15 - 20 عاما.
رئيس جمهورية درنة!
وأكد هذا الشاب أن أمير كتيبة "شهداء أبوسليم" والذي قال إن اسمه سالم الكتيبي كان يعد بمثابة "رئيس جمهورية درنة"، مشيرا إلى أنه عمل في ورشة لإصلاح المعدات العسكرية تابعة له، وأنه كان على عرفة شخصية به وقد تنقل معه في رحلات إلى ثلاثة معسكرات في ضواحي درنة كان يضم كل منها 1000 مسلح من جنسيات عربية مختلفة لتزويدها بالمؤمن.
وقص الشاب علي كمال أن "سالم الكتيبي"، آمر كتيبة "شهداء أبوسليم" حاول إغراءه وتجنيده للقتال في سورية بمختلف الوسائل، وحين رفض متعذرا بوجود أسرة يعولها، تغيرت معاملته له، وانتزع منه هاتفه النقال وحرمه من الاتصال بأهله ستة أشهر.
الشاب أكد أن ذويه اتصلوا برقمه ورد صوت من الجانب الآخر أبلغهم أن ابنهم ذبح ناصحا بعدم الاتصال به مرة أخرى، وعلل علي كمال هذا التصرف، برغبة التنظيم في افقاده الأمل في العودة إلى مصر حتى يتسنى تجنيده وإرساله إلى الحرب في سورية.
العائد المصري من كواليس التنظيمات الإرهابية في مدينة درنة الليبية، قال إنه كان يعمل في الورشة التابعة لآمر كتيبية أبوسليم بالسخرة وانه لم يتلق أي مقابل عن عمله عدا الوعود في البداية بمبالغ مستحقة معلومة ستسلم له حين يقرر العودة إلى بلاده.
السبية بـ 10 دولارات
ومن بين الوقائع الشنيعة التي حكى عنها هذا الشاب، ذبح ستة أقباط مصريين وتعليق جثتهم عى أعمدة الكهرباء في مدخل المدينة بعد فض الاعتصام في ميدان رابعة العام 2013، بالإضافة إلى إعلانه أن سبايا تم بيعهن في المدينة مقابل 10 دولارات.
الشاب أكد أنه نجح في العودة إلى بلاده بعد جهود مضنية استغرقت فترة طويلة من الزمن، أقنع خلالها آمر كتيبة "شهداء أبوسليم" بأنه لن يفشي الأسرار، وأنه مستعد للتعاون، ما دفع هذا الأخير إلى الموافقة بشرط أن يوصل إلى شخص معين معلومات تفصيلية مخزنة في وحدتي ذاكرة إلكترونية (فلاش) عن الضباط المصريين الذين أشرفوا على فض اعتصام ميدان رابعة، وضباط آخرين ومعلومات عن أسرهم.
وقد أفاد الشاب المصري بأنه سلم وحدتي الذاكرة الإلكترونية لـ"المخابرات المصرية"، مشددا على أنه قرر الحديث في العلن عما عايشه في درنة مدفوعا بنقمته على ما شاهده من جرائم وحشية.
وعلى الرغم من الإثارة التي تظهر بين ثنايا ما أدلى به الشاب المصري من معلومات وانطباعات، إلا أن شهادته لم تخلو من الكثير من العثرات والأخطاء التي يصعب  تحديد علتها.
من بين أهم الأخطاء التي وردت في هذا الحوار، حديث العائد المصري من درنة عن كتيبة ابوسليم باعتبارها منتمية لتنظيم "داعش". والحقيقة أن تنظيم داعش لم يظهر في ليبيا ويتمدد في درنة وفي سرت وفي صبراتة بطبيعة الحال إلا بعد أن أعلن التنظيم خلافته المزعومة بعد سيطرتها على مدينة الموصل في يونيو عام 2014، في حين أن الشاب مكثب في درنة بين عامي 2012 - 2013.
من جانب آخر، أخطأ الشاب في اسم آمر كتيبة أبوسليم الذي أكد أنه تعامل معه وجها لوجه وارتبط بعلاقة مقربة به، واسم المعني سالم دربي، وليس سالم الكتيبي، وقد ظهرت صورته أثناء الحوار وأكد الشاب أنه الشخصية المقصودة.
سالم دربي الذي كان يقود كتيبة شهداء أبوسليم ذات النفوذ الواسع في درنة والمقربة من تنظيم القاعدة، قتل العام 2015 خلال اشتباكات بين قوات "مجلس شورى مجاهدي درنة" الذي كان أحد قادتها البارزين، ومسلحي تنظيم "داعش".
تنظيم "داعش" وكتيبة شهداء أبوسليم أكبر تشكيلات "مجلس شورى مجاهدي درنة" تعايشا لاحقا لفترة طويلة، إلا أن مقتل قادة من المجلس في كمين لداعش، أطلق شرارة حرب بينهما، أدت في نهاية المطاف إلى طرد مسلحي "داعش" من المدينة والسيطرة على جميع مواقعهم داخل المدينة وفي أطرافها صيف 2015.
وقد يكون خلط الشاب المصري بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش" سهوا غير مقصود، نتيجة تداول اسم "داعش" في السنوات الأخيرة بكثرة، مقارنة بمنافسه "القاعدة".
وربما كان الخطأ في ذكر لقب آمر كتيبة شهداء أبوسليم من قبيل تشابه الأسماء عليه. وقد تكون هناك أسباب أخرى لما شاب شهادة الشاب من قصور وأغلاط، لكنها في مجملها لم تخلو من إثارة ومن معلومات تفصيلية هامة، ومن حرارة في السرد تمنحها مصداقية عاطفية كبيرة. - (روسيا اليوم)