عاروري يرحل مخلفا وراءه إرثا غزيرا من الدفاع عن فلسطين وقضايا العرب

الكاتب والمفكر الفلسطيني - الأميركي الراحل نصير عاروري - (أرشيفية)
الكاتب والمفكر الفلسطيني - الأميركي الراحل نصير عاروري - (أرشيفية)

عزيزة علي

عمان- برحيل المحاضر في العلوم السياسية بجامعة "ماساشوستس- دارتموث" البروفيسور والكاتب والمفكر الفلسطيني - الأميركي نصير عاروري، تختتم حقبة أميركية، زخرت ببروز مفكرين فلسطينيين فيها، كان أعظمهم إدوارد سعيد. اضافة اعلان
ويرحل عاروري اليوم، مخلفا وراءه إرثا من الأعمال الفكرية والبحثية المميزة، فقد كتب في العام 1970 عن "المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي"، و"عدو الشمس: قصائد المقاومة الفلسطينية"، وهو كتاب شاركه فيه إدموند غريب.
وفي العام 1983 كتب "الاحتلال: احتلال إسرائيل لفلسطين"، وفي العام 1995 كتب "عرقلة السلام: الولايات المتحدة، إسرائيل، والفلسطينيون"، وفي 2001 كتب "اللاجئون الفلسطينيون: حق العودة" (2001).
اتسمت كتابات عاروري بعمقها ودقتها، ومعالجاتها الفكرية التي تستبطن اللحظة، في محاولة منها للوصول الى الحقيقة، وقد برزت في كتاباته روح انتقادية حازمة، ففي كتابه "الوسيط غير النزيه: دور الولايات المتحدة في إسرائيل وفلسطين" الذي أصدره العام (2003)، يوجه لأميركا سلسلة انتقادات في تعاطيها مع القضية الفلسطينية.
وفي كتابه الصادر العام 2006 "فلسطين والفلسطينيون: تاريخ اجتماعي وسياسي" الذي وضعه مع الدكتور الراحل سميح فرسون، يقدمان بحثا ضافيا في قراءة المجتمع الفلسطيني، ويلقيان الضوء على كثير من الجوانب التي تتعلق بمجتمع ما بعد الاحتلال والشتات.
ويحقق كتابه "الإرث المر: الولايات المتحدة في الشرق الأوسط" الصادر في العام 2014، في ارتكابات أميركا السياسية بحق المنطقة، وتحديدا في الجانب الفلسطيني.
اعتبر عاروري من أبرز منتقدي اتفاق أوسلو والولايات المتحدة، لدورها السلبي في المنطقة، وقد كان يتحدث بوجهة نظره هذه خلال تنقله بين مئات الكليات والجامعات، عبر محاضراته، وأبرزها في جامعات ماكجيل في مونتريال بكندا والكويت وبير زيت.
لم يتخل عاروري عن قضايا شعبه الوطنية، وهو ما وسم مسيرته التي تشهد عليها أبحاثه ومؤلفاته، وقد تقلد الى جانب مناصبه الأكاديمية، عضوية المجلس الوطني الفلسطيني، ونال عضوية مجلس إدارة منظمة العفو الدولية/ الولايات المتحدة، وعمل في مجلس إدارة "هيومن رايتس ووتش" الشرق الأوسط بين أعوام 1990-1992، وأسهم بتأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان.
كما كان عضوا في مجلس إدارة المعهد الدولي للتحقيقات الجنائية التابع لـ"المحكمة الجنائية الدولية" في لاهاي، وانتقل إلى المجلس الاستشاري للمنظمة نفسها وهو رئيس مجلس إدارة معهد البحوث العربية سابقا، وعضو سابق في مجلس إدارة صندوق القدس وفلسطين، وعضو مجلس المفوضين في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين (ديوان المظالم). 
اتسمت تجربة عاروري باهتمامه البالغ بالقضايا الحقوقية للفلسطينيين، الى جانب انهماكه بمجالات حقوق الإنسان العربية والعالمية.
وفي تصريح للأمين العام لاتحاد كتاب وأدباء فلسطين الشاعر مراد السوداني لـ"الغد" قال إن "عاروري شكل مع زملائه من  المفكرين والكتاب الفلسطينيين الذي عاشوا في أميركا: إدوارد سعيد، إبراهيم أبو لغد، وهشام شرابي، سبقا عاليا فيما يخص القضية الفلسطينية، وتركوا سيرة حافلة بالعمل والعطاء من أجل وطنهم وشعبهم".
وأشار السوداني إلى أن عاروري كرس وقته لبناء وتقوية المؤسسات الفلسطينية والعربية في الولايات المتحدة، وكان أحد مؤسسي رابطة الخريجين العرب، الأميركيين مع زميليه "إدوارد سعيد، وإبراهيم أبو لغد، وهي أول مؤسسة عربية أنشئت في أميركا الشمالية، وضمت أكبر تجمع للأكاديميين العرب خارج الوطن العربي، ورأسها لدورتين متتاليتين، وفي العام 1998 شارك بتأسيس معهد الدراسات العربية (تاري) في بوسطن وخدم رئيسا لمجلس إدارته حتى العام 2006.
وأشار إلى أن عاروري كان قوميا تقدميا سخر مهنته في خدمة قضية فلسطين والقضايا العربية، وظل وفيا على الدوام إلى مدينة القدس مسقط رأسه.
ولفت إلى أنه ولمدة نصف قرن ويزيد، بقي كاتبا غزيرا ومحاضرا فاعلا، مدافعا عن قضايا الأمة العربية، اتكأ في دفاعه على الحق والحقيقة الفلسطينية، محملا على بطولات شعبه وإنجازاته المعرفية وتفوقه الأكاديمي الذي جعل جامعته التي درس فيها تحتفظ بمؤلفاته، وستعرض في مكتبة "كلير تي كارني" للمحفوظات والمجموعات الخاصة في جامعة "ماساتشوستس - دارتموث"، وهذه دلالة على أهمية دوره وتكريما لفعاله البيضاء.
وكان الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين نعى عاروري الذي رحل في بوسطن بعد سيرة ومسيرة حافلة بالعطاء والدفاع عن فلسطين وقضيتها العادلة.
وأشار البيان إلى أنه برحيل العاروري تخسر فلسطين والمشهد الثقافي العربي وأحرار العالم، مدافعا حرا عن قيم الخير والحرية، حيث حمل فلسطين وطاف بها تعريفا وإشهارا وبقي على عهد البلاد.