عاشور تنسج من أحلامها خيوط الحداثة والجمال بعالم تصميم الأزياء

من تصاميم عاشور- (من المصدر)
من تصاميم عاشور- (من المصدر)

رشا كناكرية

عمان- لم يأت حلمها بتصميم الأزياء من فراغ، فقد بدأت موهبتها مبكرا عندما عشقت دفاتر الرسم والألوان الخشبية لتخط بها فساتين مزينة بالورود، وتعكس الحياة كما تراها بألوانها الزاهية. هي مصممة الأزياء رويدة عاشور التي نسجت من خيوط القماش أجمل الموديلات العصرية.

اضافة اعلان


تعمل عاشور على خياطة قطعة واحدة فقط من كل تصميم ولا تعيده مره أخرى، وتقول، "أنا مصممة أزياء أخيط الفن بيدي بأقمشة جميلة تجمع بين الأناقة والحداثة، وأحرص أن تلقى إعجاب الفتيات اللواتي يخترن تصاميمي".


وتعتمد عاشور على خط معين للسير في الطريق الذي تطمح له، وفي الأيام القادمة ستحمل كل قطعة قصة وحكاية تتحدث عن تراث معين، وبمجرد أن ترى التصميم تعلم انه يتكلم عن هذه الحكاية، فالتاريخ أكثر ما يلهمها في رسم تصاميمها، إذ يأخدها إلى عالم مليء بالقصص والشغف.


تقول عاشور: "كنت أمسك قلمي وأرسم مرة بعد الأخرى، فعندما تحب أمرا تتعلمه بنفسك.. تتقنه.. لهذا اتخذت من القلم والورقة طريقا للتعبير عن كل ما يدور بخاطري.. ففيه أرى ذاتي".


وكأي طفلة أحبت عاشور الرسوم المتحركة الكرتونية وتعلقت بها، اذ تخيلت كل شخصية، وكأنها ترتدي أحد تصاميمها، وتستمد منها أفكارها، ونقلت أفكارها على الورق.


توضح عاشور أن أكبر أمانيها في ذلك الوقت كانت بأن تتحول رسوماتها لتصاميم "مستخدمة" على أرض الواقع، فلم يكن منها سوى التشبث بحلمها، ولم تنسه أو تتخلى عنه على مر السنين.


أحلام الطفولة رأت النور حديثا، وأصبحت حقيقة أمام أعينها قبل 6 أشهر، من خلال اتجاهها لتصميم كل ما تخطه يداها، إذ حرصت على التفكير في طرق عصرية "غير تقليدية"، للفت انتباه الآخرين نحو تصاميمها، خصوصا وأنها تحرص على ألا تذهب تصاميمها في مهب الريح.


وأطلقت أول مجموعة لها، وهي مكونة من 7 تصاميم جاذبة، تشد المرأة لها لا شعوريا، اذ أن التميز هو ما سعت له في جميع تصاميمها، فالربح لم يكن هدفا، بقدر ما أن تضع بصمة عاشور الخاصة. وفق قولها.


مضت الأيام وأصبحت رويدة أما لـ 3 أطفال "فتاة وصبيين"، والحلم لم يغب لحظة عن بالها، وكانت تنتظر الوقت المناسب لتتجه صوبه، بدأت قصتها عندما أخبرتها أختها قبل خمس سنوات من الآن عن معهد لتعليم تصميم الأزياء، وفعلا ذهبت لتتدرب في مدرسة بيكاسو، وتدربت وصقلت موهبتها أكثر، وأتقنت رسم التصاميم المختلفة، وأكثر ما أسعدها أن يدها ما زالت تتذكر مهارات الرسم.. ولم يغب عنها.


حب عاشور للفن بجميع أشكاله هو ما دفعها لدمج الرسم بتصميم الأزياء، وما أن تخرجت من المعهد حتى بدأت بعمل رسومات لتصاميم خاصة، وقامت ببيعها وقد كانت خطوات بسيطة لتستمر بشغفها.


ولم تكن عاشور ظاهرة بين صفوف المصممين، ولم تسع لذلك، ففي ذلك الوقت كان تركيزها على تربية أطفالها، وهي على معرفة بأن تصميم الأزياء يحتاج وقتا وجهدا كبيرين، فعليها أن تصمم وتختار قطع القماش، وتفاصيل الخياطة.. وجميعها خطوات تتطلب الإشراف منها.


تقول عاشور: حرصت على تصميم بعض الأزياء بعض الطلبات، حتى تحافظ على موهبتها بممارسة مهاراة التصميم وترجمتها على أرض الواقع.


توضح عاشور أن تصميم الأزياء ظل بداخلها، وبعد أن كبر أطفالها، بدأت للسير بخطوات واسعة، لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره.


في المراحل الأولى دخلت عاشور في حالة اكتئاب نتيجة الحيرة والعقبات التي كانت أمامها، ففي بعض الأحيان كانت تسأل نفسها "هل هذا الطريق الصحيح لأكمل طريقي؟"، ولكنها لم تسمح لنفسها بالتراجع، فقد حرصت على تحصين نفسها بالقوة والصبر للاستمرار في السعي نحو أحلامها، واختيار التصاميم بأفضل الأقمشة والتركيز على التفاصيل الصغيرة.


سعت عاشور، لأن تكون تصاميمها منفذة بأجمل الأقمشة، واختارت أفضل المشاغل لتشكيلها، ولم تنظر للتكلفة المادية، فإن كل ما تحتاجه هو أن يخرج التصميم بأفضل صورة وبجودة عالية، لتشبه تماما ما رسمته على الورق، وهذا أمر متعب نوعا ما، لذلك سعت لتنظيم وقتها بين عملها وأسرتها.


تلقت الدعم من عائلتها وزوجها لتسعى في الطريق الذي تحب، فهم أكبر الداعمين لها، "كانوا على علم بما أحب وأريد وأطمح إليه.. ودائما يشجعوني للوصول إليه والنجاح فيه".


وما يميز عاشور هو ثقتها العالية بنفسها وبقدراتها على الوصول، فهي دائمة المتابعة لكل ما هو جديد في عالم تصميم الازياء، لإخراج أفضل ما تملك، ولتبقى مواكبة للتجدد بهدف التفوق على الجميع، ولتبتكر فكرة جيدة تدفع الجميع للحاق بها.


النمط الذي تعتمده عاشور في تصاميمها هو البساطة مع لمسة من الجاذبية، لتخطف العين "بحركة بسيطة على الكتف أو الخصر ملفت للنظر"، وهذه الجاذبية تعطي للتصميم جمالية تميزه عن غيره "فإن الجمال في البساطة"، لذلك كل من يحب البساطة يأتي لها.


تقول عاشور: "لا يمكنني وصف فرحتي عندما أرى نظرات الفخر بعيون أولادي وزوجي" مبينة، أن دعمهم لها زادها قوة ومثابرة لتكمل طريق أحلامها. ولا تنكر أنها في المراحل الأولى، كانت خائفة من البدء والتنفيذ.. اذ كان هنالك دائما أمر يدفعها للخلف.. لكنها قررت أن تكسر هذا الخوف وتتحداه.


"ما زال الطريق في بدايته وأعلم أنه سيكون متعبا في السنوات الأولى"، بهذه الكلمات أكدت عاشور إايمانها بموهبتها وعزيمتها على تخطي أي عقبة ستواجهها.


تقول، "سمعت الكثير من كلمات بأنني لن أصل ولن أحقق ما أطمح له.. وهذا النوع من التنمر أصبح حافزا لاستكمال حلمي". هذه الانتقادات كانت الدافع الحقيقي لاستمرار عاشور في سعيها للوصول، فلم تسمح للانتقادات أن تقلل من عزيمتها وأن تكسر خريطة حلمها.


وجدت عاشور نفسها بالرسم وتصميم الأزياء وترى بأن الفن صقل شخصيتها، فهي الآن إنسانة متفائلة تفكر بإيجابية وتمتلك طاقة عالية للإنجاز والإبداع.


حاليا تعمل عاشور على إعداد "مجموعة الصيف" التي بدأت بتحديد فكرتها، وبالمراحل القادمة ستبني التصاميم على عدة أفكار من مراحل تاريخية مختلفة، وتحمل الكثير من القصص.


تعلم عاشور أهمية التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي للمساعدة في نشر عملها وفنها، ولتعريف الأشخاص بفنها أكثر، لهذا اتخذت من الانستغرام منصة تنشر من خلالها تصاميمها.


وختمت عاشور حديثها "الإنسان يصعد طريق النجاح خطوة تدفع بالأخرى، وإن الشعور بلذة التعب يعلم الإنسان قيمة الذي وصله، فيبقى متمسكا به ومحافظا عليه، نعم الإنجاز متعب ومرهق، ولكن يستحق.. والشعور لا يوصف عندما يرى نتيجة وقيمة عمله وإنجازاته بعيون الآخرين".

المصممة رويدة عاشور- (من المصدر)

إقرأ المزيد :