عام جديد لـ "الغد"

الأول من آب (أغسطس) يوم خاص للعاملين في "الغد"؛ إذ فيه كانت انطلاقة صحيفتهم ومشروعهم الإعلامي المواكب لكل جديد قبل اثني عشر عاما. وقد خرجت "الغد" للعالم بشعار يعبر عن إيمان يُترجم فعلاً يومياً، هو "حق المعرفة".اضافة اعلان
فالمعرفة حق من حقوق الإنسان، إن لم تكن أساس كل الحقوق. ولذلك، كان تجسيد مضامين الشعار هو ما سعى فريق "الغد" إلى الالتزام به، في مهمة تعبر عن الوفاء للقارئ والوطن، وقبل ذلك احترام عقول ووعي قرائنا جميعاً، والاستجابة لرغبتهم في المتابعة والإحاطة بالحقيقة.
هكذا أيضا، يكون عيد "الغد" بقدر ما هو مناسبة احتفالية مستحقة، فإنه أيضاً موعد للتقييم والمراجعة؛ بالوقوف على ما فعلنا خلال عام مضى، منطلقاً للتخطيط لعام جديد، حتى تبقى "الغد" مشروعاً إعلامياً وطنياً مهنياً، يحمل رسالة التنوير التي تؤكد على هوية الأردن المدني التعددي الديمقراطي، المنتمي لأمته العربية، وللإنسانية ككل. ولذلك ترى فريق "الغد" يراقب ويتابع كل الشؤون المحلية، بتفرعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من دون أن ينسى شؤون أشقائه العرب، وما يجري أيضاً في كل بقاع الدنيا، قدر المستطاع.
وفي زمن يعاني فيه الإعلام في منطقتنا الاصطفاف والتخندق والأجندات الخاصة الضيقة، فقد سعت "الغد" إلى مواصلة نهجها الذي انطلقت منه منذ يومها الأول، بضمان الحياد الذي تحكمه المعايير المهنية، من دون ادعاء العصمة من الخطأ غير المقصود.
ونستطيع الاعتداد بأنفسنا بأنه خلال عام مضى لم يكن سهلا على الوطن وناسه، وفي ظل تكاثر التحديات الداخلية والخارجية، ارتقت "الغد" لتكون على قدر الموقف الوطني؛ متمسكة بمبدأي المواطنة ودولة القانون، مدافعة عنهما بما أوتيت من قوة.
ولأن الحق في التعبير يجب أن يكون مضمونا للجميع، باعتباره قضية لا جدل فيها ولا تخضع للتنازل والتفاوض، فقد كانت "الغد" فعلاً، بنسختها الورقية وموقعها الإلكتروني، منبراً لمختلف الأفكار والتوجهات، بحيث تقرأ فيها الأضداد المعبرة عن تنوع الطيف الفكري المحلي والعربي.
وليست تكتمل تلك المهمة إلا بالتصدي، في الوقت ذاته، لأمراض وآفات اجتماعية ولدت من رحم مجتمعاتنا، فكانت "الغد" بالمرصاد لكل التشوهات الطائفية والعنصرية والإقليمية. فالأردن بفسيفسائه الفاتن، يحمي منجزاته ويواصل البناء عليها، بالحوار المبني على حرية التعبير، كما بمحاربة تلك الأمراض وتقديم موقف واضح برفضها، والتحذير من مخاطرها على أمننا ووحدتنا وتماسك جبهتنا الداخلية. فبعض ما اخترقنا من أمراض، ينطلق من عقل منغلق لا يؤمن بالحرية، ويسعى إلى فرض إيقاعه على الجميع.
باختصار، رسالة "الغد" ورؤيتها التعددية لا تتحققان فعلاً من دون مضمون إعلامي إصلاحي، يسلط الضوء على العيوب، ويقدم نقدا موضوعيا مهنيا للأخطاء، الرسمية والمجتمعية على حد سواء.
ومع وعينا الراسخ بأن الإعلام مسؤولية، وضمنه النقد، وكون الإعلام والصحافة خصوصاً في تطور لا يتوقف وتغير سريع، فقد أدركنا أيضا أن المعركة الحقيقية تكون لأجل المهنية والحقيقة أساساً. وفي هذا السياق نسعى يومياً إلى مواكبة التطورات المرتبطة بالنسخة الورقية، بالقدر نفسه من التصميم على جعل موقع "الغد" الإلكتروني من أوائل المواقع محلياً وعربياً، مع امتلاكنا عنصرا حاسماً في التنافسية، يتمثل في دقة الخبر وصحته.
مر عام آخر اجتهدنا فيه لمواصلة تقديم منتج يليق بقراء "الغد" على اختلاف توجهاتهم وتطلعاتهم. وقد نجحت "الغد"، بفضل استقلاليتها وفريقها التحريري والإداري، أن تكون صحيفة على قدر الوطن، وعلى قدر المسؤولية.
كل عام و"الغد"، عاملين وقراء، بألف خير.