عبدالله بن أم مكتوم

لعلنا في الاردن من الدول التي قطعت شوطاً ايجابياً في التعامل الايجابي مع ذوي الاحتياجات الخاصة, وحظيت هذه الفئة برعاية واهتمام حول قضيتها من قضية انسانية, ومن مجموعات تستحق الشفقة والعطف ونظرات الاحسان المعنوي، الى مجموعات قادرة على الانخراط في العمل, وان تكون جزءا فاعلا في مجتمعها؛ فالخلل الوظيفي لليد او الارجل او العيون او غيرها من الحواس قد تقلل من مساحة فعالية الانسان لكنها لا تلغيها, وكم من اشخاص اصحاء في ابدانهم لكنهم يعانون من مزاج صعب او ضيق افق اوعاجزين عن استخدام امكانات عقولهم, كم من هذه الفئات ألحقت ضررا حقيقيا بوظائفها واعمالها ومجتمعها وكانت اقل قدرة من اصحاب الاحتياجات الخاصة الذين امتلكوا الارادة والعزيمة والقدرة على المثابرة.

اضافة اعلان


اسوق هذا الحديث وبين يدي رسالة من عدد من المعلمين في مدرسة عبدالله بن ام مكتوم للمكفوفين, وفهمت من اتصالهم الهاتفي ورسالتهم انهم من المكفوفين, حيث تتلخص قضيتهم في نقل هذه المدرسة عام 2002 من ملاك وزارة التنمية الاجتماعية الى وزارة التربية والتعليم, لكن هذا النقل ترك آثارا سلبية على حقوق وامتيازات هؤلاء المعلمين الذين يعملون على حساب المشاريع الرأسمالية, ومنها تجميد علاوة التعليم التي تبلغ 40% من الراتب الاساسي للمعلم وعدم زيادتها اسوة ببقية معلمي التربية الذين يتقاضون 50%, ويقول هؤلاء المعلمون ان الوزارة تقوم باقتطاع نسبة من رواتبهم لانها صرفت لهم في وقت سابق علاوة وصلت الى 45%.


ومن الحقوق الضائعة انهم محرومون من المكافأة او العلاوة التي يتقاضاها المعلمون بعد حصولهم على رخصة الشهادة الدولية للكمبيوتر, كما انه لا يتم ربطهم بدرجات السلم الوظيفي كبقية الزملاء من المعلمين, وربما يعود هذا الى انهم من موظفي عقود المشاريع الرأسمالية, وما يشير اليه هؤلاء المعلمون ان بعضهم يحمل شهادة الدكتوراه ويستحقون من وزارة التربية النظر في اوضاعهم او على الاقل تسوية اوضاعهم اسوة بباقي المعلمين في الوزارة.


قد تكون هذه القضية خاصة بفئة وبعدد من المعلمين الذين فهمت من حديثهم انهم من المكفوفين, لكنها جزء من دعوة الى استكمال كل الجهود التي بذلت لاعطاء ذوي الاحتياجات الخاصة مساحة واسعة للحضور في مسيرة المجتمع عبر التمييز الايجابي الذي يراعي اوضاعهم من جهة ويستفيد من طاقاتهم وقدراتهم الاخرى بشكل كامل, بحيث نصل في النهاية الى تجاوز فكرة الاحتياجات الخاصة كما تجاوزنا مصطلح المعوقين, وهذا الامر يدخل في الاطار الاوسع الذي تتحدث عنه الحكومات في قضايا الموارد البشرية والاستفادة من طاقات الاردنيين.


ان الوصول الى حالة استثمار فئات اصحاب الاحتياجات الخاصة يحقق هدفين, الاول تحقيق انجاز وتنمية عبر هذه الفئة الكبيرة, والثاني منع تحولها الى عبء مالي واجتماعي على اسرهم وعائلاتهم؛ فصاحب الاحتياجات الخاصة عندما تضعه في هذه الخانة المحبطة تحوله الى مشكلة اسرية وبؤرة امراض نفسية فضلا عما يحتاجه من اعباء مالية خاصة.


مرة اخرى فاننا نفتخر بما تم انجازه على هذا الصعيد؛ لكن المسيرة ما زالت تحتاج الى استكمال ليكون التعامل مع هذه الفئات المنتجة مؤسسياً ولا يحتاج الى تدخل خاص او منطلق انساني فقط.