عبير نعمة.. صوت ملائكي يغني للحياة في "الأوديون"

جانب من الحضور في مسرح الأوديون-(من المصدر)
جانب من الحضور في مسرح الأوديون-(من المصدر)

إسراء الردايدة

عمان- في أمسيتين استثنائيتين؛ أطلت الفنانة اللبنانية عبير نعمة على جمهورها الأردني في أول لقاء لها معه بصوتها الملائكي، وهي تغني للحب والسلام والحرية والفرح والقلوب المتعبة والوطن والحياة.

اضافة اعلان

الحفل شهد حضور كبيرا على مسرح الأوديون بجانب المدرج الروماني- وسط البلد، ضمن فعاليات الأمسيات الموسيقية في وسط عمان التي تنظمها مؤسسة عبد الحميد شومان للعام الخامس على التوالي، ولتكون منصة للموسيقيين وحلقة الوصل بينهم وبين الجمهور المتعطش لتجارب إبداعية تحاكي مشاعره وتطلعاته.

في غناء نعمة التي افتتحت أمسيتها بأغنية "قهوة" بمصاحبة فرقة الاوركسترا الأردنية وبقيادة الموسيقار محمد عثمان صديق وجوقة "مشوار مع يسوع"؛ لوحات سيريالية يرسمها صوتها العذب في الفضاء الرحب وهي تبث للحاضرين شحنات من التفاؤل.

عبير نعمة التي تعمل على ألبوم جديد بالتعاون مع مارسيل خليفة وستطلقه قريبا، تجيد الموسيقى الصعبة وتتمتع بصوت رخيم وأداء مميز بكل الأساليب والأنماط الغنائية العربية والغربية، كونها تغني بأكثر من 20 لغة.

وقدمت نعمة سلسلة موسيقى الشعوب "Ethnopholia" وهي تجربة تلفزيونيّة جالت من خلالها عبير، وعلى مدى أربع سنوات، في أنحاء العالم ونقلت إلى الشاشة صورة حضارية جمعت السياحة والثقافة والفنّ، تفاعلت فيها مع ثقافات وتقاليد من بلدات وحضارات متعددة، انطلاقاً من الموسيقى الأرامية والسريانية، مروراً بالموسيقى العربية، وصولا الى موسيقى الغجر.

بأغانيها التي عُرفت منذ أن أطلت على الجمهور العربي من خلال برنامج المواهب سوبر ستار، باتت نعمة من رواد الفن الملتزم ومن جيل عاصر مدرسة مارسيل خليفة والأصوات التي تغني للألم والفرح وتدرك قيمة الإرث الموسيقي لتمتلك قدرة على إعادة ذلك الحنين بمشهد متجدد، خاصة حين أدت أغنية "أنا قلبي دليلي" للفنانة ليلى مراد.

وقدمت نعمة أيضا أغنية من التراث لتوفيق النمري "ميلي بطرف المنديل" وأغاني لفيروز "يلا تنام" وأخرى لزكي ناصيف وصولا لأغنيتها الأكثر شهرة التي تعد ترنيمة ملائكية تقدس الأم وتمجد حنانها: "هاتي يديكِ قد تعبتُ.. في غير حضنك ما استرحتُ

الآخرون ظالمون.. وغيرَ حبّكِ ما وجدتُ

أمّي.. سألتكِ قبلةً.. تمحو الصقيع.. فقد يبستُ

أمّي.. أمّي سألتكِ قبلةً تمحو الصقيع.. فقد يبستُ

أنتِ الجمال.. وبعد ربّي.. وجهَك العذبَ عبدتُ".

ويتغير صوت نعمة بحسب الأغنية؛ إذ غنت "كيف لي أن أشفى من حبك"، بدون مصاحبة الموسيقى فكان كافيا ذلك عن كل الآلات الموسيقية التي صاحبتها، وهي التي تغني بترنيم شرقي يسحر السامع في فضاء الإبداع.

وتتميز نعمة بالطقس السريالي الذي ترسمه هي تؤدي على المسرح، وقدرتها على أداء أصعب الألحان والمقامات من الكلاسيكي الى الشعبي بأسلوب مذهل، وهي التي تتعامل مع أهم الموسيقيين في العالم العربي، وقد لحن لها مارسيل خليفة ألبومين إضافة الى الموسيقي اللبناني شربل روحانا وغيرهم.

وترتبط نعمة بعلاقة وثيقة مع الشعر خاصة قصائد المتنبي؛ إذ قدمت قصيدته "سفر":

في سفري وترحالي حُلُمي.. وفي دروب الشمسِ يَسْري دمي.. لممالكِ الشمسِ أجنحةٌ

فأطيرُ بها إلى الأممِ.. الخيلُ والليلُ تَعرِفني، والسَّيف والرمح والقلمَ.. وأميرُ القلبِ يهتِف لي

والبُعد بيننا حكمُ..

وتأتي هذه القصيدة ضمن مشروع غنائي حمل اسم "المتنبي مسافر أبدا"، الذي يذكر بأهم محطات حياته من العراق الى بلاد الشام وتنتهي في مصر والذي تم تقديمه للمرة الأولى في افتتاح الدورة الـ24 لمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب، دمجت فيه أشعاره بموسيقى بتهوفن ودفوردجاك وغنتها بأربع لغات وهي العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية إيمانا منها أن المتنبي شاعر عالمي يمكن دمج كلماته مع موسيقى العالم.

ومع كلمات "زوروني كل سنة مرة"، و"بيروت" التي تغزلت بها في تلك المدينة الساحرة الساحلية، تمايل الجمهور مع صوت نعمة الدافئ وهي التي تؤمن أن الموسيقى جزء أساسي من الثقافة ومنذ كان عمرها 8 سنوات حفظت أغاني أم كلثوم، أسمهان، فيروز،عبد الوهاب، وزكي ناصيف كاملة.

وتعد عبير نعمة فنانة وباحثة في العلوم الموسيقية، ذائعة الصيت في العالمين العربي والغربي بموهبتها الاستثنائية والفريدة في أداء مختلف الأساليب والأنماط الغنائية العربية والغربية. ووقعت مؤخراً عقد إنتاج مع شركة "UNIVERSAL MUSIC MENA"؛ لتكون بذلك أول فنانة لبنانية توقع مع هذه الشركة العالمية. كان صوتها في الأمسيتين الماضيتين كعصفور يغرد وسط أدراج المدينة العتيقة، بواحدة من أجمل الحفلات الصيفية، لتجدد الشوق لمثل ذلك الأداء الباهر الساحر الذي اخترق القلوب واختصر المسافات بعذب الكلام وجمال الألحان.