عدنان حمد يرحل عن النشامى في ذروة حلم البرازيل

المدرب السابق للمنتخب الوطني عدنان حمد - (الغد)
المدرب السابق للمنتخب الوطني عدنان حمد - (الغد)

عمان -الغد- في الوقت الذي يستعد فيه منتخب النشامى لانطلاق مرحلة جديدة تحت قيادة المدرب المصري حسام حسن، ترك رحيل المدرب العراقي عدنان حمد جملة من الاستفسارات والتكهنات، بعد أن وصل بالمنتخب الوطني لكرة القدم إلى "الملحق الآسيوي"، باعتباره المنتخب العربي الوحيد من القارة الآسيوية، الذي ما يزال يبحث عن مكان له في نهائيات كأس العالم التي ستقام في البرازيل في العام 2014.اضافة اعلان
ولعل رحيل عدنان حمد عن النشامى في ذروة حلم بلوغ البرازيل، أظهر تباينا في وجهات نظر الشارع الأردني، بين مؤيد للقرار باعتبار أن حمد قدم كل ما عنده للكرة الأردنية، ومعارض للقرار معتبرا أن حمد نجح للمرة الأولى في تحقيق سابقة غير معهودة في تاريخ المشاركات الأردنية بتصفيات المونديال.
وارتبط اسم حمد بالكرة الأردنية منذ سنوات طويلة، ومن خلالها ارتفع اسمه، حيث قاد الفيصلي في موسمين وظفر معه بكأس الاتحاد الآسيوي وكأس الأردن وكأس الكؤوس ووصافة دوري أبطال العرب، وشكل التعاقد معه في العام 2009 مفاجأة من العيار الثقيل، بعد أن فشل "الخواجا" البرتغالي نيلو فينجادا مع النشامى فشلا ذريعا.
تمتع حمد بشخصية جذابة جعلت الإعلام يهرول نحوه ويلتقط انفعالاته وتوجيهاته للاعبين من مقاعد الاحتياط، وكان عند حُسن الظن به في أول استحقاق رسمي، ذلك أن المنتخب الوطني كان قاب قوسين أو أدنى من الخروج المبكر من التصفيات الآسيوية في العام 2009 والمؤهلة إلى نهائيات قطر في العام 2011.
"الدكتور حمد"... هكذا أطلق عليه مؤخرا بعد حصوله على شهادة الدكتوراه بعد تقديمه أطروحة رياضية، وجسد عبر السنوات الست الماضية مع الكرة الأردنية، حالة الطبيب الجراح الذي يحسن تشخيص الداء واختيار الدواء المناسب.
تسلم حمد المهمة بعد تفكير عميق، وفي جعبة النشامى نقطة واحدة من تعادل أمام تايلند وخسارة أمام سنغافورة، وله مواجهة مهمة مع المنتخب الإيراني خسرها بهدف، ليصبح مصير النشامى وحمد بالغ الصعوبة، لكن النشامى تمكنوا من التغلب على الإيرانيين والتعادل مع التايلنديين ومن ثم تسديد حساب السنغافوريين، وبالتالي نالوا بطاقة التأهل الثانية عن المجموعة وتوجهوا إلى النهائيات الآسيوية، كما حدث ذلك في مرة سابقة في عهد المدرب المصري الراحل محمود الجوهري في العام 2004 في الصين.
وشكلت النهائيات الآسيوية في الدوحة الانطلاقة الحقيقية للمدرب عدنان حمد، إذ تمكن بدهائه وهدوء أعصابه من سحب البساط من تحت أقدام اليابانيين والسعوديين والسوريين في مجموعة كانت المنافسة فيها أشبه بـ"ملحمة كروية"، وتمكن النشامى من العبور إلى دور الثمانية كما حدث في الصين، لكن الخسارة من منتخب أوزبكستان أوقفت مسيرة النشامى في النهائيات عند ذلك الحد، لكن مع مزيد من عبارات الإطراء والمديح التي كالها الآسيويون لمنتخب النشامى ومدربه عدنان حمد.
وكان واضحا أن ثمة من تباين بين مرحلتي الراحل الجوهري وحمد، وشاءت الأقدار أن تجمع بينهما تحت سقف الكرة الأردنية.. الجوهري يخطط للمسابقات المحلية والمنتخبات بدون الأول، وحمد يقود المنتخب الأول في مهام متلاحقة.
عاش حمد التحدي الأكبر في تصفيات المونديال... كان التاريخ يشير إلى فشل ذريع للنشامى في المرات السابقة، وتشاء إرادة الله أن تبدأ حكاية الحلم الأردني في الوصول إلى البرازيل من مدينة أربيل العراقية.
شعر حمد بالحرج وهو يقود منتخب النشامى في مواجهة منتخب بلاده والذي سبق وأن دربه، وبالطبع كان مفروضا على النشامى خوض مباراتين أمام منتخب نيبال في المرحلة الثانية من التصفيات، فأنجز المهمة مبكرا في عمان بعد فوز تاريخي بتسعة أهداف نظيفة.
فوز بهدفين نظيفين على العراق كان كافيا ليضع أقدام النشامى في الطريق الصحيح في المرحلة الثالثة من التصفيات، وفي الوقت ذاته ارتفعت أسهم حمد في بورصة المدربين الآسيويين، وبدأ الرجل في وضع شروطه، بعد أن تحققت له كل مطالبه، وتعامل بذكاء مع الأندية فكسب ودها ولم يرغب في تكرار تجربة الراحل الجوهري من خلال تفريغ اللاعبين وإقامة المعسكرات طويلة الأمد، فكانت المسابقات المحلية تسير جنبا إلى جنب مع استحقاقات المنتخب.
في كل مرة كان حمد يخرج مبتسما، لا سيما وهو يقطع مع النشامى المرحلة الثالثة من التصفيات كأول منتخب يصل إلى المرحلة الرابعة، وكثيرون قالوا إن المهمة ستنتهي إلى خروج مبكر، بعد أن جمعت القرعة المنتخب الوطني مع منتخبات اليابان واستراليا والعراق وعُمان.
بداية سيئة كادت أن تهز أركان حمد... تعادل بطعم الخسارة أمام العراق في عمّان، وخسارة تاريخية موجعة من اليابان بستة أهداف نظيفة، واكتملت فصول المأساة بخسارتين أمام عُمان والعراق، لكن الرجل بقي صامدا وواثقا من نفسه رغم الانتقادات الحادة التي وُجهت له، وتمكن مجددا من استعادة رصيده عند الجمهور، فحقق فوزين تاريخيين على منتخبي اليابان واستراليا في عمان، تبعهما بخسارة قاسية أمام استراليا ثم فوز على العُمانيين كان كافيا للحصول على المركز الثالث ومنافسة منتخب أوزبكستان في شهر أيلول (سبتمبر) المقبل في الملحق العالمي.
وأطلق حمد مفاجأة من العيار الثقيل في مؤتمر صحفي أعقب الفوز على عُمان... قالها بصراحة.. "حان وقت الرحيل".. البعض اعتبر القرار بمثابة "هروب" في الوقت المناسب، فما تحقق حتى الآن يعد إنجازا غير مسبوق ويصعب نسخه بسهولة، وبالتالي لا يمكن لحمد الوصول إلى ما هو أبعد من ذلك، والبعض الآخر وجدوا أن حمد كان "يناور" من أجل تحسين "شروط التفاوض" تمهيدا لتوقيع عقد جديد.
لم يكن حمد بطبعه "انهزاميا" بل كان يضع شروطه منطلقا من قوة النتائج التي حققها مع المنتخب، لكنه افتقد في الآونة الأخيرة إلى سلاح "الحماس" الذي كان يحمله مع النشامى، فشعر المعنيون بالأمر مؤخرا أن حمد يعمل على إيصال رسالة خاطئة وغير مرغوب فيها إلى اللاعبين مفادها أنه ليس بالإمكان أفضل مما تحقق حتى الآن، وأن المهمة انتهت ولا مجال للحديث عن "حلم البرازيل"، بل يجب الانتظار حتى العام 2018 في روسيا.
وشكلت الخسائر "خارج الديار" نقطة في غير صالح حمد، وارتبطت بافتقار الجهاز التدريبي إلى أصول الشحن النفسي والمعنوي، الذي يمكن أن يغذي اللاعبين ويرفع من جاهزيتهم وعزيمتهم على قهر المستحيل.
يستعد حمد لمرحلة جديدة ربما تكون خليجية وتحديدا في البحرين في حال نجحت المفاوضات الجارية مع حمد وجهازه المعاون، بعد أن ترددت أقاويل عن عروض تدريبية من قطر والإمارات وغيرهما، وسيبقى مع ما حققه مع النشامى في رصيده التدريبي ونقطة مضيئة لا يمكن إغفالها، فيما يتوجب على المدرب حسام إكمال المهمة إلى البرازيل وما أصعبها من مهمة.