عشية صدور تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية

يفترض أن يصدر غدا تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية. وهو تقرير سنوي اكتسب أهمية عالمية، وأنشأ اتجاهات مؤثرة في سياسات الدول والأسواق. وقد استُبق هذا التقرير السنوي بتقرير الأهداف الإنمائية للألفية، وهو تقرير فرعي سنوي أيضاً، يرصد المسار والاتجاه نحو الأهداف الإنمائية للألفية التي حُددت قي القمة العالمية للتنمية في أوائل الألفية، في مواجهة التحديات التي تواجه العالم؛ الفقر والجوع، والمرض، والتعليم، والتلوث.اضافة اعلان
ويؤشر التقرير الأولي الموجز لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية على مجموعة من الإنجازات والتحديات. وتؤشر التغيرات في الأرقام بين العامين 1990-2015 إلى تحسن مستمر في الدخل والصحة والتغذية. ففي مواجهة الفقر والجوع، يقول التقرير إن نسب الفقر بمعيار دولار وربع دولار للفرد يوميا، انخفضت
من 50 % العام 1990 إلى 14 % العام 2015، كما تضاعف عدد أفراد الطبقة الوسطى (4 دولارات يوميا للفرد) ثلاثة أضعاف؛ من 18 % إلى أكثر من 50 %. وانخفضت نسبة الذين يعانون من سوء التغذية من 23 % إلى 13 %.
وفي مجال الصحة، تناقصت نسبة وفيات الأطفال، وزادت نسبة الأطفال الذين يتلقون مطاعيم ولقاحات ضد أمراض الحصبة من
73 % إلى 84 %. وتراجعت نسبة الوفيات للنساء أثناء الولادة بنسبة 45 % منذ العام 1990.
وفي مجال البيئة، تخلص العالم نهائيا من استخدام المواد المضرة بطبقة الأوزون. ويتوقع أن تستعيد هذه الطبقة عافيتها بحلول منتصف القرن. كما تزايدت نسبة السكان الذين يستخدمون مصادر محسنة لمياه الشرب من 76  % إلى 91 %.
وفي مجال الشراكة العالمية، تزايدت نسبة المعونات التي تقدمها الدول المتقدمة بنسبة 66 %؛ لتصل في العام 2014 إلى 135 مليار دولار. وتزايدت نسبة السلع التي تستوردها الدول المتقدمة من النامية من دون جمرك؛ من 65 % إلى 79 %. ووصلت نسبة سكان العالم الذين يحصلون على خدمات "الموبايل" إلى
95 %، وتزايدت نسبة مستخدمي الإنترنت من 6 % إلى 43 %؛ ليصل عدد المستخدمين في العام 2015 إلى 3.2 مليار نسمة.
في المقابل، ما تزال هناك تحديات ومخاطر تهدد التنمية ومستوى المعيشة والاستقرار في العالم. إذ ما تزال النساء يواجهن التمييز في العمل والدخل والمشاركة في القرار. ففي حين تبلغ نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل 75 %، فإن نسبة مشاركة النساء تبلغ 50 %. ويقل ما تكسبة المرأة في عملها عن الرجل بنسبة 24 %. وما تزال ثمة فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء؛ ففي الدول النامية تصل فرصة الإصابة بالمرض والوفاة لدى أطفال أفقر 20 % من السكان، ضعف فرص الإصابة لدى الأطفال من فئة أغنى 20 % من السكان.
وفي المجال البيئي، تزايدت نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50 %. ويفقد العالم مزيدا من الغابات، ويتزايد الاستهلاك الجائر للأسماك، ما يهددها بالانقراض. كما يطال شح المياه 40 % من سكان العالم، وهي نسبة مرشحة للازدياد.
وتبقى النزاعات أكبر تهديد يواجه العالم اليوم. ففي نهاية العام 2014، كان حوالي 60 مليون إنسان قد هجروا من بلادهم، وهو أعلى رقم للمهجرين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وتضاعفت معدلات اللجوء والتهجير في السنوات الخمس الأخيرة.
إن قياس الأهداف والإنجازات يساعد على تحقيقها. كما أن تحويلها إلى قضية عامة للتداول، يحسّن من البيانات المتعلقة بها. والجدل حولها يجعلها عرضة للمراجعة والمراقبة، ما يحسن الأداء العام. وقد حان الوقت ليشغل المثقف العربي نفسه بقضايا وأهداف التنمية العالمية والوطنية مهما كانت متخصصة أو مملة؛ ففي هذه المرحلة من العولمة والصراعات التي تخصنا في شرقنا الأوسط المنكوب، نحتاج أكثر من غيرنا أن نكون جزءا من العالم؛ نتقبله ويتقبلنا. ولعلنا نساعد أنفسنا في التحول من كوننا عبئا على أنفسنا والعالم، إلى أن نكون شركاء فيه.