عقوبات الفيصلي والوحدات.. غرامات كبيرة ومدرجات فارغة فهل تنتهي المشكلة؟

_B6I7281
_B6I7281

تيسير محمود العميري

عمان- تباينت الأراء بشأن العقوبات التي أصدرتها اللجنة التأديبية في اتحاد كرة القدم، بشأن الأحداث التي جرت خلال وبعد انتهاء مباراة فريقي الفيصلي والوحدات، والتي جرت يوم الخميس 7 آذار (مارس) الحالي على ستاد عمان، لحساب الجولة 16 من دوري المناصير للمحترفين لكرة القدم، وانتهت إلى فوز الفيصلي 2-1.اضافة اعلان
وللتذكير فإن "التأديبية" قررت تغريم النادي الفيصلي ما مجموعه 10500 دينار، بالإضافة إلى قيمة الاضرار التي تسبب بها في الملعب، واقامة أول مباراة رسمية للفيصلي في بطولة الدوري على أرضه من دون جمهور، وستكون أمام شباب الأردن يوم الجمعة 5 نيسان (إبريل) المقبل على ستاد عمان ضمن الجولة 18، وحرمان جمهور الفيصلي من ادخال التيفو لنهاية الموسم الحالي، وحرمان لاعب الفيصلي عدي زهران من المشاركة في أي انشطة متعلقة بكرة القدم 6 سنوات اعتبارا من تاريخ صدور العقوبة.
أما فيما يتعلق بالوحدات، فقد بلغت قيمة الغرامات 6000 دينار، بالإضافة إلى قيمة الاضرار التي تسبب بها في الملعب، واقامة أول مباراة رسمية للوحدات في بطولة الدوري على أرضه من دون جمهور، وستكون أمام الجزيرة يوم 11 نيسان (ابريل) المقبل على ستاد الملك عبدالله الثاني ضمن الجولة 19، ذلك أن مباراته مع الأهلي ضمن الجولة 17 مؤجلة إلى يوم 23 من الشهر المقبل، وحرمان جمهور الوحدات من ادخال التيفو لنهاية الموسم الحالي، وايقاف المدرب التونسي قيس اليعقوبي 6 مباريات رسمية وايقاف اللاعب محمد الباشا 3 مباريات رسمية.
مخالفات مستمرة
وبالطبع فإن تلك العقوبات اتخذت نتيجة سلسلة من المخالفات، مثل شتم الفريق المنافس بالفاظ نابية، ورمي الحجارة وكاسات المياه على أرض الملعب، والاضرار بالمنشآت الموجودة في الملعب، واشعال الالعاب النارية، والتأخر بالخروج من غرف الغيار، وادخال تيفو مخالف لما هو متفق عليه، وعمل حركات غير اخلاقية بعد نهاية المباراة، وعمل اشارات نابية والبصق تجاه المنصة، علما أن ثمة عقوبات أخرى لم تتخذ بعد بحق الضيوف والمسؤولين الذين ارتكبوا مخالفات على المنصة الرسمية عند ورود اسمائهم ومعلوماتهم الشخصية من الجهات المعنية.
ومن المؤكد أن مباريات الفيصلي والوحدات على وجه الخصوص، تشكل ما يشبه المعضلة والأزمة التي تعترض مسيرة الكرة الأردنية، وتتسبب في كثير من المشاكل والخلافات، بل وتشوه صورة الكرة الأردنية، لما يرتكب خلالها من مخالفات وهتافات وأفعال غير مقبولة، بل أنها كذلك تضع الجهات الأمنية في حالة طوارئ، إذ أن نحو ألفي رجل درك تولوا توفير الأمن والحماية خلال المباراة!.
ورغم كل الاجتماعات والقرارات التي اتخذت طوال السنوات الماضية، إلا أن المشكلة بقيت كما هي بل إزدادت سوءا وأضحت مثل الكرة الثلجية التي تكبر شيئا فشيئا كلما تدحرجت، لأن العقوبات التي تتخذ لا تمس المتسببين بها بشكل مباشر وتحديدا الجماهير، التي تسيء الى مكارم الاخلاق وتخدش الحياء العام والوحدة الوطنية بشكل غير مسؤول، كما تحطم المرافق الرياضية العامة والممتلكات الخاصة، من دون أن ينالها العقاب اللازم لاسيما من الجهات القضائية، رغم وجود التشريعات القانونية التي تسمح للجهات الأمنية بجلب المتورطين بالشغب وتقديمهم إلى القضاء العادل.
الحل.. مباريات من دون جمهور
ولعل "إقامة مباريات من دون جمهور" كان حلا مثاليا طبقته وما تزال تطبقه مختلف دول العالم وعلى رأسها "الفيفا" والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بهدف معاقبة الجمهور المسيء، لأن تكرار مقولة "الجمهور فاكهة الملاعب" وغيرها باتت لا تجدي نفعا أمام فئة من الجمهور بات عددها في ازدياد كبير، ولا يجوز القفز على حقيقتها بأنها "فئة مندسة"، بل هي فئة من جمهور الكرة الأردنية ضلت الطريق وباتت تفرض كلمتها في الملاعب بشكل مؤسف ومثير للخوف والقلق.
ولماذا لا يقرر الاتحاد إقامة المباريات بين فريقي الوحدات والفيصلي من دون جمهور؟، لعله في ذلك يحد من خطورة ما يجري في تلك المباريات، ويسمح بإقامتها في أجواء أكثر مثالية بعيدا عن التعصب والتشنج والشغب، الذي بات العنوان الأبرز لمثل هذه المباريات في ظل تواضع المستوى الفني في الملعب.. مثل هذا الاجراء سيؤدي إلى "تنظيف" الملاعب من تلك الهتافات المقززة والافعال المرفوضة، فليس من المنطق الاستمرار في منح هذه الفئة من الجماهير فرصا مستمرة لتلويث هواء الملاعب وبث سمومها بأفعال وهتافات لا يقبلها عاقل وصاحب خلق.
عقوبة زهران "تدميرية"
وفيما يتعلق بالعقوبة القاسية المتخذة بحق اللاعب عدي زهران، نتيجة الفعل المشين وغير الاخلاقي الذي بدر منه، والذي لا يمت بصلة لأخلاق وعادات وتقاليد المجتمع الأردني الطيب، فإنه ورغم عدم جواز فعل ذلك من قبل اللاعب أو غيره، والتأكيد على وجوب وجود عقوبة تأديبية رادعة، الا أن ذلك لا يعني مطلقا اتخاذ عقوبة "تدميرية" لا أصل لها في مختلف اللوائح التأديبية في مختلف اتحادات العالم.
ومما لا شك فيه أن اللاعب اخطأ خطأ فادحا فيما بدر منه، لكن اللجنة التأديبية حين قررت ايقافه عن ممارسة أي نشاط لكرة القدم لمدة 6 سنوات، فإنها جانبت الصواب و"ابتدعت" عقوبة غير منصوص عليها ولا يمكن الاقتناع بها، بل ولا يمكن أن تصدر عن لجنة تأديبية.
وقول اللجنة التأديبية أنها استندت الى نص المادة 176 "صلاحيات اللجنة بتشديد العقوبة"، والتي تقول "يحق للجنة التأديبية اصدار قرار بتشديد أية عقوبة و / أو أية غرامة منصوص عليها في هذه اللائحة وعلى أن يصدر هذا القرار باجماع الحاضرين من أعضاء اللجنة"، فإنه لا يبرر شدة العقوبة لأن التشديد في هذه الحالة يجب أن يكون استنادا إلى نص صريح في مادة أخرى، ترى اللجنة أنه لا بد من تشديد العقوبة، والنص الوحيد الذي ذكرته اللائحة التأديبية للموسم الحالي، موجود في المادتين 64 و69 "البصق أو السب أو توجيه اشارات أو حركات نابية أو اشارت استهزاء"، حيث تنصان على ايقاف اللاعب من 3-4 مباريات رسمية وتغريمه من 1500-2000 دينار، ولم يرد في أي نص ما يعالج بشكل مباشرة ما بدر من اللاعب حين خلع "الشورت" وفعل حركته غير الاخلاقية.
ولذلك فإن المادة 177 "نطاق تطبيق اللائحة، ما لم يرد به نص، العرف، الفقه، والاجتهادات القضائية"، تشير في الفقرة الأولى :هذه اللائحة تحكم كل موضوع أشار اليه مضمون النص أو معناه، كما تشير في الفقرة الثانية: إذا كانت هناك أية مخالفا أو عقوبات أو أمور لم يرد النص عليها في هذه اللائحة، فإن الهيئات القضائية سوف تحكم وفقا للوائح الفيفا، فإن لم يرد بها نص فتحكم وفقا لعرف الاتحاد وفي حال غياب العرف، فوفقا للقواعد التي سيقومون بسنها.
والفعل الذي بدر من اللاعب عدي زهران، يعتبر في نظر القانون "جنحة القيام بفعل مناف للحياء العام"، وفي تصنيف "الفيفا" يعتبر من الأفعال غير الاخلاقية، ولكنه لا يصل إلى عقوبة الحرمان لمدة 6 سنوات، لأنه لا يوجد نص لدى "الفيفا" يمنح الاتحاد الحق بايقاف لاعب لمدة 6 سنوات بسبب القيام بمثل هذه الحركة، ولا تصل عقوبة الفيفا إلى أكثر من 12 شهرا إلا في حال حدوث انتهاكات خطيرة، وبالتالي فإن "الفيفا" ومن بعده محكمة التحكيم الرياضي "الكاس" ستكون ملاذ الفيصلي لتصويب عقوبة زهران، في حال لم تتغير العقوبة وإن كان من حق لجنة الاستئناف في اتحاد الكرة أن تتخذ قرارات مغايرة لما ورد من اللجنة التأديبية.