علاج جديد يتصدى لسرطان القولون والمستقيم

ينشأ سرطان القولون والمستقيم في الأمعاء الغليظة على شكل زوائد لحمية حميدة (ارشيفية)
ينشأ سرطان القولون والمستقيم في الأمعاء الغليظة على شكل زوائد لحمية حميدة (ارشيفية)

عمان - يعدّ سرطان القولون والمستقيم من أكثر السرطانات انتشاراً حول العالم، وهو ثاني أكثر السرطانات المسببة لوفيات السرطان في الأردن. وبحسب الأبحاث التي أجرتها جمعية السرطان الأميركية عام 2015 على مجموعة من الرجال والنساء خلال الفترة ما بين 2009 و2011، تبلغ نسبة احتمالية إصابة الرجال بسرطان القولون والمستقيم خلال فترة حياتهم 21:1، في حين تبلغ هذه النسبة للنساء 22:1.اضافة اعلان
وقبل الخوض في طرق العلاج المطروحة حالياً أمام مرضى سرطان القولون والمستقيم، لا بدّ لنا من إلقاء الضوء على ماهية هذا النوع من السرطانات وأعراضه، حتى يتسنى للجميع تكوين فكرة واضحة حوله واتباع سبل الوقاية منه. ولعلّ الكثيرين لا يعلمون أنه يمكن الوقاية من سرطان القولون والمستقيم إلى حدّ كبير، وأن انتهاءه بوفاة المصابين به غالباً ما يعزى إلى أنهم يتفادون الفحص المبكر للقولون، إما بسبب عدم معرفتهم بوجود مثل هذه الفحوصات أو بسبب الخجل من بحث هذا الموضوع مع الطبيب أو الخوف غير المبرر من الفحص، في حين أن الكشف المبكر عن هذا المرض كفيل برفع فرص الشفاء منه.
ينشأ سرطان القولون والمستقيم في الأمعاء الغليظة على شكل زوائد لحمية حميدة (غير سرطانية)، وفي هذه الأثناء لا يشكو المريض من أي أعراض في بطنه، وتبقى هذه الزوائد اللحمية الحميدة فترة طويلة في الجسم قبل أن تتحول إلى خلايا سرطانية، إلا أن أعراض هذا المرض تظهر متأخرة. لذلك ينبغي على المريض المبادرة بالكشف المبكر للبحث عن هذه الزوائد اللحمية الحميدة واستئصالها فوراً. ومن بين الأعراض الشائعة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم تغيّر عدد ومواعيد التبرز، بما يشمل الإمساك أو الإسهال أو الإحساس بأن الأمعاء لا تفرغ البراز على نحو كامل، وكثرة الإصابة بالمغص، إلى جانب الشعور بالتعب الشديد طوال الوقت ووجود تقيؤ أو غثيان أو نقصان الوزن من غير سبب واضح.
وبالتطرق إلى العلاجات المتاحة حالياً لهذا المرض، فإنها تبدأ بوضع خطة علاجية واضحة تتناسب وحالة المريض. ويمكن أن تتضمن هذه العلاجات الإجراءات الجراحية والعلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي وعلاج الأضداد وحيدة النسيلة ورعاية ما بعد العلاج، إذ تعدّ الجراحة أول خطوة في العلاج، إلا إذا كان المرض في مراحل متقدمة فتكون الجراحة عندها غير مجدية ويلجاً الأطباء إلى الرعاية التلطيفية فقط.
ومؤخراً، تمّ تطويرعقار جديد يمكن استخدامه منفرداً ويتمّ تناوله عن طريق الفم لعلاج سرطان القولون والمستقيم، وقد أثبت نجاحه في علاج هذا المرض والحد من تقدمه في هذه المنطقة من الجسم. ويشكّل هذا العقار علاجاً هاماً ومتطوراً لمرضى سرطان القولون والمستقيم ويعدّ نقلة نوعية في معالجة هذا المرض؛ فإلى جانب فعاليته المثبتة، فهو يعدّ مناسباً لبعض المرضى الذين يأخذون علاجاتهم عن طريق الوريد، مما يوفر عليهم الوقت والجهد  ويخفف من تكاليف العلاج.
ولعلّ ما يميز هذا العقار عن العقارات السابقة أنه يعمل بعدة مسارات تتعلق بتطور الخلايا السرطانية في منطقة القولون والمستقيم، فهو يعمل على تثبيط (الكاينيزات البروتينية)، وهي عبارة عن إنزيمات تنقل الإشارات الكيميائية التي تساهم في تطور الخلايا السرطانية، خلافاً لما تقوم به العلاجات الأخرى. وقد ثبتت قدرة هذا العقار الجديد على تثبيط نمو أوعية جديدة تغذي الخلايا السرطانية، وتبطئ نمو نسيج الخلايا الذي يضمّ الخلايا السرطانية معاً، إلى جانب تثبيط انقسام الخلايا السرطانية من خلال إعاقة الإشارات الكيميائية التي تأمر الخلايا السرطانية بالانقسام والتضاعف.
وقد أوضحت دراسة حديثة أجريت على عدد من المرضى الذين عولجوا بالعلاجات المتاحة حالياً، أن استعمال هذا العقار الجديد قد ساهم في إطالة فترة النجاة الكلية بمتوسط 6.4 شهراً مع توفر الرعاية الداعمة الأفضل للمريض، مقارنة مع 5 أشهر من الخضوع للأدوية الوهمية مع الرعاية الداعمة، بينما ارتفعت فرص النجاة الخالية من تقدم المرض بمتوسط 1.9 شهراً مع الرعاية الداعمة الأفضل بالمقارنة مع 1.7 شهراً  من الخضوع للأدوية الوهمية مع الرعاية الداعمة الأفضل. ولا تزال عمليات البحث والتطوير جارية على هذا العقار الذي أثبت قدرته على تثبيط عدة أنواع من الأورام السرطانية الأخرى.

الدكتور عبد الرحمن عجاج
اختصاصي أمراض الدم والأورام